كتب ندوة تطوير مراكز التفكير الإستراتيجي...... 11 ديسمبر 2015 اسطنبول

التمهيد

نشأت هذه المجموعة في فبراير (2014م)، وتمّ في أبريل توقيع اتّفاقيّات تعاونٍ بين مجموعةٍ من مراكز التّفكير الاستراتيجيّ في المنطقة، التي تناقش ما يحدث في المنطقة من تغيّراتٍ جيواستراتجيّةٍ وتغيّراتٍ اجتماعيّةٍ كبيرةٍ، وبالواقع تجرّدت هذه المراكز إلى مجموعة من الأنشطة والفعاليّات التي باعتقادنا أنّها ستطوّر شيئاً من التّفكير الاستراتيجيّ، هذه المراكز حقيقةً هي مراكز مستقلّةٌ، تتعاون فيما بينها لتطوير التّفكير الاستراتيجيّ في المنطقة، وتحاول معالجة كثيرٍ من القضايا التي تمرّ بها هذه المنطقة. 

في الواقع نحن لو ناقشنا الحالة الاستراتيجيّة في المنطقة؛ سنجد أنّ هناك مجموعةً من المشكلات التي دفعتنا إلى أَنْ يكون هناك تعاون في التّفكير الاستراتيجيّ فيما بين هذه المجموعة لصالح هذه المنطقة، فهناك لدينا أزمةٌ سياسيّةٌ عميقةٌ لمدّةٍ طويلةٍ من الزّمن، أدّت إلى ردّت فعلٍ مختلفةٍ طوال تاريخ المنطقة، آخرها كان ما يُسمّى بثورات الرّبيع العربيّ، ثمّ الثّورات المضادّة، ثمّ الآن التّدافع الإقليميّ والدّوليّ في هذه المنطقة، أدّى إلى هذه الأزمة السّياسيّة، ممّا أدّى إلى استبدال الثّورة، وعدم الاستقرار، وتغوّل الدّولة على المجتمع، وهذه مشكلةٌ كبيرةٌ نعانيها في الأزمة السّياسيّة، ثمّ أيضاً أدّى إلى تدافع. 

كما نشاهد اليوم أنّ المنطقة غير مستقرّة، سواء كانت في محيط العالم العربيّ خصوصًا بمنطقة الشّرق الأوسط، عدم التّدافع أدّى إلى سيولةٍ كبيرةٍ جدًّا في المتغيّرات السّياسيّة، وفقدت الدّولة ما يُسمّى بسيادتها، وأصبحت الدّولة خاضعةً إلى التّدخّلات الخارجيّة، أيضًا زاد منسوب الفقر والجهل في المنطقة، على سبيل المثال في مصر - ولست هنا في صَدد استعراض النِّسب - لكن هذه قضيّةٌ واضحةٌ تعدّت الخمسين في المائة في بعض الدّول العربيّة، وأيضًا التّخلّف العلميّ لا يَخفى عليكم، وتراجع مواد الاقتصاد، وهروب رؤوس الأموال، واستنفاد الأموال. 

كان من نتائج هذا عدم الاستقرار، ولذلك لاحظنا وجود فراغٍ استراتيجيٍّ كبيرٍ في المنطقة، أدّى إلى فقدان الأمن القومي، فنظريّة الأمن القومي العربي شبه انتهت في المنطقة العربيّة، وأصبحت هناك مجموعة محاورٍ تقريبيّةٍ متدافعةٍ بعد فقدان السّيادة، مع نفوذ المشاريع الأجنبيّة في المنطقة بشكلٍ كبيرٍ. 

التّغيّر الدّيموغرافيّ الذي نشاهده اليوم في مناطق سكّانيّة كثيرة جدًّا تهاجر منطقتها ويصبح هناك لاجئين مع فقدان الأمن الاجتماعي؛ ونظراً لغياب دور جماعي للتفكير الاستراتيجيّ بسبب أن هناك مراكز مبعثرة في المنطقة تحاول أن تضع رؤىً منفردة، أو أنّها تحت نظام السّيادة الإقليميّ، بالتّالي أصبحت الأفكار غير محايدةٍ، لذلك فإنّ مجموعة التّفكير تحاول أَنْ تكون إحدى عمليات العقل الجمعي، بحيث تحاول أَنْ تفكّر بشيءٍ أكثر عمقًا وتشابهًا وحياديّةً، وتستطيع أَنْ تُعالج كثيرًا من المشكلات، وتسعى أن يكون هناك أناسٌ مختصّين بعمليّة التّفكير؛ لأنّه اليوم هناك انشقاقٌ كبيرٌ بين العمل الحركيّ والمدنيّ في الدّولة، ولكن لا يوجد مؤسّسات متخصّصة ومراكز تفكيرٍ متفرّغة لعمليّات التّفكير، لأنّ عمليّة التّفكير دائماً تتقدّم على عمليّة التّخطيط والعمل. 

ونماذج التغيير متعددة، فهناك نموذج التّغيير الثّوري، والذي يقلب الواقع من خارج إطار النّظام الدّولي والإقليم المحلّي، وهذا ما رأيناه في ثورات الرّبيع العربيّ، وأيضاً «داعش» كمثالٍ من أمثلة التّغيير الثّوري المتطرف، وهناك أيضاً عمليات تغيير من داخل النّظام، فهناك نموذج الدّول التي حاولت أَنْ تعدّل في مسارها السّياسيّ والاقتصاديّ مثل تركيا وماليزيا، وحتى الآن في تونس هناك تقدّمٌ في هذا النّموذج، كذلك المغرب.

وهناك تغييرٌ فوقيٌّ بفرض النّظام السّياسيّ والنّموذج السّياسيّ للمنطقة, كما لاحظناه في العراق وأفغانستان وغيرهما؛ لفرض واقعٍ معيّنٍ في النّموذج السّياسيّ في المنطقة. 

وكما تعلمون أنّ الثّورة في أوروبّا على سبيل المثال بدأت في التّغيير المعرفي،  وهذا التّغيير المعرفيّ أدّى إلى ثورةٍ معرفيّةٍ، وأوجد لنا الشّكل السّياسيّ الذي أخرج نظام الدّول الأوروبيّة من نظام دولةٍ إمبراطوريّةٍ إلى قوميّةٍ، وبعد ذلك تمّ تحرير الشّكل الاجتماعي ونظام الإقطاع، وسادت الحرّيّات والحقوق في تلك المنطقة، وهذا أدّى إلى استكبار العقول على الدين، وكان من نتائجه الثّورة السّياسيّة، ثمّ أدّت إلى تفاعلات النّهضة، ثمّ الثّورة الصّناعيّة، ثمّ الثّقافيّة والمدنيّة، التي أدّت إلى العولمة بنتائجها كما رأيناها تندفع لتسيطر على العالم. 

فدائمًا الواقع السّياسي ينتج بين المعرفة والتّغيير، والفكر يؤدّي إلى التّغيير، فالأفكار التي أثّرت في العالم الإسلامي في المرحلة الماضية هي الأفكار الإسلاميّة والوطنية، وكان تدافعها مع الأفكار العلمانيّة هيأ على مدافعة الاستعمار، والتي أدّت إلى حروبٍ وتحرّرٍ وطنيٍّ. 

نحن نعيش تدافع مجموعةٍ من الأفكار أدّت إلى حروب تحرّرٍ من الاستعمار وإخراج المستعمر وتمكين المستبد، ونحن الآن في مرحلة تدافعٍ ما بين بناء البناء القديم ومحاولة بناء نظامٍ جديدٍ، ممّا أدّى إلى طغيان الدّولة على المجتمع، ونشوء الجيوش العربيّة التي تمكّنت من الحياة المدنيّة، ومحاولات تنامي الصراع بين الثّقافة العلمانيّة والثقافة الإسلامية العربية. 

في المنطقة هناك أربع كتلٍ كواقعٍ جيواستراتيجيٍّ، نشأ من هذا التّدافع كتلةٌ قامت بالتّغيير الثّوري وما زالت مستمرّةً، وهي موجودةٌ في ليبيا وسوريا واليمن، كتلةٌ تتّخذ سبيل التّغيير داخل الدّولة من خلال النّظام مثل تركيا، قطر, المغرب، وتونس في طور محاولة بناء مشروع تفاهمٍ بين القوّة والحرّيّة, كتلةٌ تحاول فرض النّموذج القديم على المنطقة وتتحالف مع سياسات الدول الكبرى، وكتلةٌ تحاول مدافعة الأحداث ومحاولة الهروب من ضغوطاتها ولكن لا تملك المبادرة والإرادة. 

ولقد بدأنا نستفيد من التّجارب الموجودة والمشجّعة ونحاول أَنْ نطوّرها وأَنْ نتلامس معها، ونحاول أَنْ نستفيد من نموذجها، سواء كان النّموذج إيجابيّاً أو سلبيّاً، وهذه التّجارب نحاول أَنْ نضع لها رؤيةً في المستقبل. 

لدينا في مجموعة التفكير أربع مهمّاتٍ رئيسيّة أولها: المساعدة في حلّ الأزمات التي تطرأ فجأة على المحتوى الاستراتيجي، والمهمة الثانية اقتراح بناء مشروع رؤيةٍ فكريّةٍ؛ وهو يحاول أَنْ يُعالِج قضيّة الدّولة مع المجتمع، والثالثة أن تهتم بإعداد جيلٍ يهتمّ بالتّفكير الاستراتيجي، ولدينا الآن نخبةٌ من الشّباب المفكرين نتعاون معهم إن شاء الله في المستقبل، وأيضًا محاولة تأسيس محاولة تأسيس للتّفكير الاستراتيجي بالنّسبة للشّباب؛ كي نطوّر هذا التّفكير الاستراتيجي، والمهمة الرابعة أيضًا نحاول تنسيق وتطوير قدرة وإمكانيّات المراكز التي ستشاركنا، ولعلّ هذه الجلسة هي افتتاحيّة لهذا المحور. 

وقد وضعنا آليّةً لهذه الأهداف وهي: إنشاء فريق داخل المجموعة قمنا بتسميتها «المجموعة الدّوليّة لحلّ الأزمات»، وهي تُستدعى في وقت الأزمات، وتقريبًا عقدنا ما يقارب سبع ورش عملٍ لحلّ سبع قضايا طُرحَت علينا وناقشناها، وستكون موجودةً في التّقارير.

أما بالنسبة لأكاديميّة التّفكير الاستراتيجي، فهي في صدد وضع الإطار الاكاديميّ، ثمّ التّنسيق والتّطوير ستقوم الإدارة التّنفيذيّة لها بهذا الدّور. 

لدينا رؤيةٌ وهي إيجاد نموذجٍ في التّغيير، سنقوم أيضًا بمعالجة الرّؤية الفكريّة، وبالتّالي سنعالج الجانب الفكري، ومعالجة الجانب الواقعي الجيواستراتيجي، ثمّ سنبدأ نطوّر هذه الحلول ونخرجها بشكل ورش عملٍ، وبعدها سنقوم بتسويق هذا المشروع، تقريبًا سنقوم بتحرير المحتوى والفكرة، ثمّ سنقوم بجمع المصادر والمادّة وتصنيفها، ثمّ وضع خُطّةٍ لمعالجة هذه المصادر وإخراجها علميّاً.

محمد سالم الراشد

رئيس مجموعة التفكير الاستراتيجية

إسطنبول

11 ديسمبر 2015م

افتتاح

جاءت فكرة مجموعة التفكير الاستراتيجي كضرورة في الوقت الراهن وذلك نتيجة للعديد من  المتغيرات والمستجدات في المنطقه والتي تحتاج الى تضافر جهود الباحثين والمفكرين ومراكز البحث والتفكير بالمنطقه للوقوف على حقيقة ما يدور من احداث ومستجدات ، حيث تجمع عدد من مراكز البحث والتفكير التي تعمل في مجال التفكير الاستراتيجي بهدف التعاون فيما بينها وتشبيك العلاقات ونقل الخبرات وتقديم الاستشارات والوقوف على حقيقة الصارع الدائر بالمنطقه ومحاولة وضع رؤية مستقبليه لخروج المنطقه من الأزمة الراهنة، والمجموعة لها أدوار متعددة أخرى تعرفنا عليها، من خلال كلمة الأستاذ «محمد سالم الراشد» رئيس مجموعة التفكير الاستراتيجي.

بدأنا نستفيد من التجارب الموجودة والمشجعة ونحاول أن نطورها وأن نتلامس معها، ونحاول أن نستفيد من نموذجها، سواء كان النموذج إيجابيا أو سلبيا، وهذه التجارب نحاول أن نضع لها رؤية في المستقبل. 

لدينا أربع مهمات رئيسية تساعد في حل الأزمات التي تطرأ فجاءة على المحتوى الاستراتيجي، مشروع رؤية فكرية؛ وهو يحاول أن يعالج قضية الدولة مع المجتمع، بإعداد جيل يهتم بالتفكير الاستراتيجي، ولدينا الآن نخبة من الشباب المفكرين نتعاون معهم إن شاء الله في المستقبل، وأيضا إيجاد أكاديمية للتفكير الاستراتيجي بالنسبة للشباب؛ كي نطور هذا التفكير الاستراتيجي، أيضا نحاول تنسيق وتطوير قدرة وإمكانيات المراكز التي ستشاركنا، ولعل هذه الجلسة هي افتتاحية لهذا المحور. 

وقد وضعنا آلية لهذه الأهداف وهي: إنشاء مجموعة داخل المجموعة قمنا بتسميتها «المجموعة الدولية لحل الأزمات»، وهي تستدعى في وقت الأزمات، وتقريبا عقدنا ما يقارب سبع ورش عمل لحل سبع قضايا طرحت علينا وناقشناها، وستكون موجودة في التقارير.

الرؤية الفكرية، نحن أسسنا في لندن مركزا أسميناه شركة التفكير الاستراتيجي, هذا المركز سيقوم بإدارة وتحرير عملية الرؤية الفكرية، وسوف نناقشها غدا. 

وبالنسبة لأكاديمية التفكير الاستراتيجي، هي الآلية التي سوف نحاول أن ننشئ من خلالها الجيل الذي اتفقنا عليه، والآن في صدد وضع الإطار الاكاديمي، ثم التنسيق والتطوير ستقوم الإدارة التنفيذية هي بهذا الدور. 

لدينا رؤية وهي إيجاد نموذج في التغيير، سنقوم أيضا بمعالجة الرؤية الفكرية، وبالتالي سنعالج الجانب الفكري، ومعالجة الجانب الواقعي الجيواستراتيجي، ثم سنبدأ نطور هذه الحلول ونخرجها بشكل ورش عمل، وبعدها سنقوم بتسويق هذا المشروع، تقريبا سنقوم بتحرير المحتوى والفكرة، ثم سنقوم بجمع المصادر والمادة وتصنيفها، ثم وضع خطة لمعالجة هذه المصادر وإخراجها علميا.

لقد أردنا أن ندشن لمرحلة جديدة في هذه المجموعة، وهناك خمسة عشر مركزا فكريا مسجلين، وسيبنى على هذه المجموعة عدة مشاريع أخرى كما ذكر الأستاذ «محمد». 

لدينا ثلاثة أيام من هذا البرنامج: 

اليوم الأول 11 ديسمبر 2015م:وهو ندوة لتطوير مراكز التفكير الاستراتيجي، ولا شك أن هذه المراكز تواجه مشكلة في نقص المعلومات، والبحث، والدعم المالي، والتواصل مع متخذي القرار، فبهذا اليوم ربما نستطيع أن نعالج قليلا من هذه المشاكل، وهو أيضا بداية لدورات قادمة سنتعرف من خلالها على المشاكل والمعوقات لمراكز البحوث والتفكير الاستراتيجي. 

وكان اليوم الثاني 12 ديسمبر 2015م: ندوة فكرية عن المستجدات في المنطقة عن الاتفاق النووي الإيراني، والتدخل الروسي في المنطقة خاصة سوريا، وأيضا عن نتائج الانتخابات التركية. 

وفي اليوم الثالث 13 ديسمبر 2015م:عقد اجتماع لأعضاء مراكز التفكير الاستراتيجي، منهم (19) مركز، يتباحثون وضع خطة عملية تنفيذية لهذه المجموعة في المرحلة القادمة، اختتم اليوم الثالث بندوة حوارية مع الشباب الباحثين، بالاشتراك مع شبكة الشباب الباحثين اجتمع فيها ما بين (20) إلى (25) باحث عرضوا مشاكل الشباب كباحثين، ووضع حلولا لها. 

وهذا الإصدار الذي بين يدي القارئ هو إصدار خاص لما تم في اليوم الأول 11 ديسمبر وهو ندوة تطوير مراكز التفكير الاستراتيجي في المنطقة العربية.

وتتقدم المجموعة بجزيل الشكر والامتنان لجميع المحاضرين والمشاركين في هذه الندوة.

المدير التنفيذي لمجموعة التفكير الاستراتيجي

د. أشرف الشوبري

تحميل المرفقات :

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي مجموعة التفكير الاستراتيجي

قيم الموضوع
(0 أصوات)
Go to top