الإخوان المسلون و الإرهاب.....أ.د.ستيج جارل هانسن

ساد خلال السنوات القليلة الماضية جدل في الغرب حول موضوع (الإخوان المسلمين)، كونهم مجموعة إسلامية تتميز بتأثيرها العريض في الشرق الأوسط، و فيما إذا كانت تعتبر جماعة إرهابية أم لا ؟ ففي المملكة المتحدة كانت توجد مجموعات تابعة للإخوان تقيم تحالفا مع الحكومة البريطانية من أجل محاربة الإرهاب. ولكن في 2014 غيَر رئيس الوزراء البريطاني  دافيد كاميرون هذا الاتجاه وكلف لجنة برلمانية بفتح تحقيق فيما إذا كانت المجموعات التابعة او المنضوية تحت عباءة  الاخوان المسلمين تمثل تهديدا للامن القومي البريطاني أم لا ؟ وقد خلص التقرير إلى أن بعض الأعضاء والمتعاونين أوالمتأثرين بالإخوان يجب أن يعتبروا مؤشرا على الإرهاب والتقرير لم يوص بحظرها مطلقا.

ولقد جاء تحرك كاميرون تحت تأثير حلفاء المملكة المتحدة وذلك لكي يتعاملوا بقسوة مع المنظمة الإرهابية. وفي عام 2013 حظرت الجماعة بعد عزل الرئيس محمد مرسي بانقلاب قام به الجنرال عبد الفتاح السيسي. وفي 2014  أعلنت السعودية وعدة دول أخرى كالإمارات عن تصنيفها للاخوان كمنظمة إرهابية ،أما الأردن فقد بدأت بالقمع ضد المنظمة.

اما أمريكا فقد بدأت  تناقش وضع الإخوان على قائمة الإرهاب .ففي 2015 حاول كلا من السناتور تد  كروز من تكساس و السناتور ماريو دياز بلارت ممثل فلوريدا أن يقدما قانونا  عبر الكونغرس لجعل الإخوان  المسلمين وكل المنظمات التابعة لها ممنوعة من الدخول الى أمريكا.

وعلى كل فقد أوقف هذا القانون فجأة وحفظته لجنة مجلس الشيوخ للشؤون الأجنبية في الدرج  لبعض الوقت. وبعدئذ في يناير وقبل أسبوع من تتويج دونالد ترامب ،قام كروزبإعادة تقديم مشروع القانون امام الكونجرس ذي الهيمنة الجمهورية ومع قدوم رئيس يحمل نوايا معلنة لمحاربة الإسلام المتطرف الإرهابي كأولوية له. وبالفعل قام الرئيس بحظر الجماعة الشهر الماضي.

وعلى أية حال فان هذا الحظر يعتبر باطلا من عدة مستويات . فمقترح كروز يبدأ بذكر الدول الاخرى التي حظرت الإخوان مثل البحرين ، مصر ، السعودية ، الإمارات ، .و معظم هذه الدول توصف بأنها ديكتاتورية شمولية والقليل منها يوصف بأنه في أحسن الأحوال ذو ديموقراطية ضعيفة مع ميول لشمولية الاستبداد. ومن ناحية أخرى فإن حركة الإخوان المسلمون قد عبرت مرارا وتكرارا عن دعمها والتزامها بالديموقراطية. فمجلس شوراها الذي هو مسؤول عن تحديد سياسات الحركة  قد صادق على الديموقراطية. وقد شارك العديد من شعب أو فروع حركة الإخوان كالمغرب والأردن في الانتحابات الديموقراطية وكانوا قوة للدفع باتجاه الديموقراطية.ومن الواضح أنه في بعض الحالات الإسلاميون المرتبطون بالإخوان كانوا مبطئين في البحث عن التوافق مع خصومهم في الحكومة.  ففي مصر على سبيل المثال انتُقد الإخوان لعدم البحث عن التوافق عندما جاءوا إلى السلطة بعد الربيع العربي. في الوقت الذي بالفعل أصدر مرسي قانونا أعطى  لنفسه سلطات واسعة،  مع أنهم لا مرسي ولا الإخوان انتهكوا الدستور المصري على عكس الرئيس الحالي السيسي الذي قيد جزءا كبيرا من المعارضة وأودع خصومه السياسيين السجن.

     وشبيه بالتقرير البريطاني ، يعاني تحليل قانون كروز ضد الإخوان المسلمين الكثير من العيوب. في محاولة لشرح أيديولوجية الإخوان المسلمين فالتقرير يركز على وجه الحصر في معظم الأحيان على قياديين اثنين : حسن البنا المؤسس والعضو القيادي سيد قطب. ولكن البنا كان غامضا في كتاباته حيث أقر العنف في بعض الأحيان وفي أحيان أخرى استنكره. ولكشف هذا الغموض ولكي نحصل على تفسير حديث للإخوان المسلمين لكلمات البنا ، نحتاج الى مقابلة أحد القيادين الحاليين للاخوان. لقد كانت آراؤهم مغيبة كليا في مشروع قانون كروز. فقطب ،مفكر وقيادي مصري سابق في الإخوان المسلمين، وهو شخصية مثيرة للجدل في الوقت الراهن. فأفكاره المتطرفة قد شقت القيادة العليا للإخوان في مصر. فحسن الهضيبي ، الذي قاد الإخوان المصريين من 1951 إلى وفاته في 1973 ، نأى بنفسه مبكرا عن تعاليم قطب.

       والأهم أنه منذ اغتيال البنا في 1949 وإعدام قطب في 1966 قد تغير الإخوان المسلمون. وهذا يدل على أن فكرهم الأيديولوجي ما زال يتطور. إن مشروع القرار، والذي استحوذ عليه ذكر البنا و قطب ، فشل في الاعتراف بذلك واسقط من اعتباره أربعة عقود من تطور الإخوان المسلمين من  الستينات الى يومنا هذا. ومن خلال مقابلاتي مع قيادة الإخوان في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا )للتقرير القادم لمركز هارفرد بلفار سنتر الممول من قبل وزراة الخارجية النرويجية) فالكثير منهم قد أبدى إعجابه بقياديين مثل راشد الغنوشي شريك مؤسس في حزب النهضة التونسي. فقد طور الديموقراطية وحقوق الإنسان ولا يهتم بكون أعضاء البرلمان في حزبه نساء متحجبات. النهضة كان  يوما ما حزبا إسلاميا أما الآن فلا وقد أوجد أرضية متوافقة مع معارضيه السياسيين العلمانيين. وكذلك عبر قياديو الإخوان عن دعمهم لسليمان العودة رجل الدين السعودي الذي شجب إعدام المثلين.

ومن خلال مقابلاتي مع قياديين مثل هؤلاء فقد تفاجأت كم هي حركية حركة الاخوان المسلمين فان الدماء والنبض الجديدين يشكلان آراء مجموعة القيادة الأقدم. ومن ناحية أخرى فما زال الإخوان المسلمون يدعمون بعض الآراء الرجعية الأخرى   مثل آراء البطريركية (الفرد الذكر) في دور المرأة في المجتمع. وما تزال حركة الإخوان فيها درجات من الاختلاف وفهمها يحتاج الى معرفة المحركين الحاليين وأين يقفون أيدولوجيا.

ومن خلال هذا الأسلوب ، فان مشروع القرار المقترح سيفشل في التفريق بين القياديين بالتيار الرئيسي للإخوان و بين أولئك النفر الذين انشقوا وأصبحوا ينتمون للمجموعات الإرهابية. وكذلك مشروع القرار يلقي الضوء على شخصية حسن الترابي القيادي الإسلامي في السودان وكيف كان يرعى الإرهاب وفشل التقرير في ملاحظة كيف انشق الترابي عن الإخوان في الثمانينيات قبل ان يبدأ علنيا في دعم الإرهاب . وكذلك بالمثل أيمن الظواهري القيادي في القاعدة الذي ارتبط بالإخوان المسلمين سابقا وبدون أي ذكر انه تركها. وكذلك نقد القاعدة للإخوان المسلمين وأيضا للمجموعات التي تنتمي اليها مثل حركة الشباب ، كان غالبا وبوضوح تعاون الإخوان مع الغرب وإقرارهم للاديموقراطية الغربية. وأيضا هذه الحقيقة أسقطت من المشروع.

إن مشروع الحظر المقترح من كروز على الإخوان المسلمين ليس فقط يتغاضى عن الطبيعة الحقيقة للمنظمة بل ويتجاهل دور الجماعة في مساعدة الغرب في مكافحة الإرهاب.

ففي 2003 ساهمت المملكة المتحدة والمنظمات المتعددة المحسوبة على الإخوان لإزالة االمتطرف أبو حمزة واستئصال المتعاطفين البريطانيين من القاعدة من جامع بارك فنزبري في لندن . واليوم فإن الحكومة البريطانية قد تخلت عن موقفها المتشدد من الإخوان كما كان في تقرير  2015 وعادت الى موقفها السابق في اعتبار الإخوان حائطا منيعا ضد الإرهاب.

      إن المناصرين للإخوان والجمعيات التابعة أصلا للإخوان كانت وما زالت في تحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية في الماضي في أماكن مثل العراق ، وسوريا والصومال واليمن

والذين يحاربون ضد سيطرة الايرانين وكذلك المجموعات الإرهابية مثل الدولة الإسلامية والشباب. وحتى إسرائيل التي لم يعرف عنها أنها متساهلة مع الإسلاميين حيث سمحت للحركة الإسلامية الجنوبية والتي لها ارتباط مباشر بالإخوان أن تشارك في الانتخابات البرلمانية. وبالرغم من حظر السعودية للإخوان إلا أنها تعاونت مع حزب الإصلاح اليمني وهو حزب إسلامي وله جذور تعود للإخوان المسلمين فكلا الحزبين لها عدو مشترك واحد وهو الحوثي الذي سيطر على صنعاء في 2014 . وكذلك كان للسعودية  علاقة قريبة مع جماعة الإخوان المسلمين اللبنانيين حيث ترى الجماعة سدا منيعا ضد التاثيرالشيعي.

         وبالطبع هناك نقد مستمر للإخوان. وجزء من الجماعة حيث يدعون لتطبيق حكم الإعدام على المرتد على سبيل المثال. وهناك نقد آخر مهم للإخوان المصريين بسبب إخفاقهم في إيجاد توافق خلال فترة الانتقال السياسي للدولة. ولكن الأسلوب الأنسب المطروح هو دعم مجموعات  التيار الرئيسي بينما تنكرعلى  مجموعاتها الفرعية المتشددة مواقفها. فالحظر سيضر بمصالح أمريكا وخصوصا عند محاربتها للإرهاب ومواجهة تاثير إيران مع روسيا في الشرق الأوسط. أن ما تحتاجه أمريكا فعلا هو الارتباط الفعلي الحاسم مع جماعة الإخوان المسلمين من خلال نقاشات ونقد بناء وليس من خلال الحظر الشامل.

_______________

تقرير أعده و أرسله إلى الإدارة الأمريكية البرفسور: ستيج جارل هانسن.

ستيج جارل هانسن: متخصص في الأمن الدولي و الحركات الإسلامية و محاضر الآن في جامعة هارفارد

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي مجموعة التفكير الاستراتيجي

قيم الموضوع
(0 أصوات)
Go to top