النتائج الإقليمية المحتملة للمباحثات النووية الإيرانية

طلحة كوسا

  • كيف ستُؤثر مباحثات إيران النووية على جهود السعي لإيجاد توازن في المنطقة؟
  • ما النتائج المنتظرة بعد المباحثات النووية في الاقتصاد وفي سوق الطاقة؟
  • كيف سيتشكّل مستقبل العلاقات التركية الإيرانية؟
  • ما المعنى الذي تحمله هذه المباحثات من وجهة النظر الدولية؟

مدخل:

تُعدّ اتفاقية المباحثات النووية التي وُقّعت بتاريخ 15 تموز 2015م في فينّا بين الدول الأعضاء الدائمين لمجلس الأمن وألمانيا وبين الجمهورية الإسلامية الإيرانية، من أبرز الاتفاقيات التي ستكون لها نتائج على المدى البعيد سواء من ناحية تعيين مستقبل السياسة في الشرق الأوسط، أو من ناحية الحد من استخدام الأسلحة النووية. ومع كون هل سيتم تطبيق هذه الاتفاقية أم لا، وهل ستصل إلى نتائج ناجحة أم لا، ومدى مساهمتها في تحسين العلاقات بين الغرب وإيران مجهولاً، إلا أنها تُعتبر خطوة مهمة في طريق إزالة العوائق أمام تحقيق هذه الأهداف. أما مراقب هذه الاتفاقية فسيكون المجتمع الدولي والرأي العام. لقد تم التوصل إلى هذه الاتفاقية والتوقيع على نص اتفاقية دقيقة للغايةً، بعد مشوار طويل جداً من المباحثات. وبهذه الاتفاقية تكون إيران قد قبلت إحدى أشد الأنظمة لمراقبة النووي قساوة في تاريخها، ولكن بنفس الوقت، مقابل هذا الأمر تكون قد امتلكت صفة الممثل والاعتبار الشرعي أمام المجتمع الدولي. كما يجب أن تُفهم هذه الاتفاقية من ناحية المواصفات والمؤهلات على أنها إحدى أكبر مباحثات التوافق بين الغرب وإيران أيضاً. ولا يمكن التوصل إلى مثل هذه الاتفاقية إلا عبر مرحلة طويلة من بناء الثقة وقطع مسافات معينة من الامتحانات بنجاح. إلا أننا نستطيع قراءة هذه الاتفاقية على أنها إحدى الخطوات الهامة في هذا الاتجاه والتي تستطيع إعادة تحديد العلاقات من جديد.

إذا تم تطبيق الاتفاقية كما هي، فإنه سيكون من الصعب جداً امتلاك إيران للأسلحة النووية، ومن ناحية أخرى فإن إلغاء الحصار الاقتصادي عليها سيساهم في تنمية اقتصادها بسرعة كبيرة وفي زيادة نشاطاتها الإقليمية.

تأثير الاتفاقية على الشرق الأوسط

ستُؤثر الاتفاقية على مستقبل قوى النفوذ في منطقة الشرق الأوسط. ووفقاً لهذا سيترتب على دول المناطق الأخرى إعادة النظر في مواقفها واستراتيجياتها. وبينما ستكون السعودية وإيران الدولتان الأكثر تأثراً سلبياً من هذه الاتفاقية، ستتابع دول الإقليم الأخرى التطورات عن كثب.

اكتسبت جهود السعي لإيجاد توازنات في المنطقة بهذه الاتفاقية منحاً جديداً. فبينما يكون هناك احتمال لزيادة النشاط الإقليمي لإيران في المنطقة، سيكون من المنتظر تبنّي إيران لسياسات أكثر بنّاءة بعد الاتفاقية. ويُعدّ اختتام المباحثات النووية الإيرانية من وجهة النظر التركية باتفاقية كهذه، خطوة متأخرة إلا أنها إيجابية بنفس الوقت أيضاً.

ومن الاحتمالات المنتظرة أيضاً، أنه وبعد إعادة انضمام إيران للنظام العالمي واعتراف قوى العالم الكبرى بها كممثل شرعي ومعتبر، سيؤدي إلى زيادة نسبية في قوة التكتل الشيعي بزعامة إيران ضمن موجة التوتر المذهبي التي بدأت تنتشر في الشرق الأوسط. ستقوم القوى الشيعية في اليمن، ولبنان، والعراق، والبحرين وحتى في أفغانستان بعد هذه الاتفاقية، والتي تُعد إيران بمثابة القوة الحامية لهم، بترسيخ مواقعها ضمن قوى التوازن في المنطقة. وسيؤدي هذا الوضع الجديد، إلى تغيير في القطب السني الذي سيشعر بالقلق من محاولة امتداد النفوذ الإيراني في المنطقة. وبالأخص فإن البيئة التي تكونت بفعل حركات العصيان العربية ومطالبة الشعوب بالحريات والديمقراطية، ستقلق الإمارات والممالك التي تحاول استمرار حكمها الكلاسيكي المطلق. ولمعالجة هذا القلق فإنها ستلجأ إلى إخماد حركات كالإخوان المسلمين، ودعم القوى التي ستقف ضد هذه الحركات بالدعم السياسي والمادي، وأدى هذا الأمر إلى خلق توترات وتكتلات في الدول السنية. كما أن المواقف الداعمة للتغيير مثل الموقف التركي قوبلت بمواقف العداء.

بعد حركات العصيان العربية، سعت الدول التي تدعمها السعودية والإمارات العربية المتحدة بكل ما تملك، لعرقلة الطريق أمام المجتمع السني المعتدل، بهدف إعاقة الانتشار الديمقراطي في المنطقة والمحافظة على أوضاعهم السلطوية. وكان الإخوان المسلمون في مصر أبرز ضحايا هذا الأمر. بعد هذه العمليات، أدى ظهور المجموعات المتطرفة كداعش إلى زيادة نسب الإرهاب والعنف وبالتالي ترسيخ التطرف في العالم السني. بعد هذا، فمن المحتمل أن تذهب الكتلة السنية ومقابل النفوذ الإيراني إلى التقليل من خلافاتها وتضاداتها. مع تولي الملك سلمان زمام الأمور في السعودية، وكانت هناك توقعات بحدوث تغييرات تدريجية في هذا النحو، إلا أن الاتفاقية التي تمّت بين إيران ومجموعة 5+1 أدت إلى تسريع هذه العملية. وسينعكس هذا الأمر إيجابياً على التطور الديمقراطي التي كانت تركيا تتبناها منذ بداية حركات العصيان العربية. ومن الممكن أيضاً أن يتغير الموقع التركي لدى السعودية التي كانت ترى تركيا قبل ذلك منافساً لها وتسعى لتحجيم نفوذها وتحركاتها في المنطقة، إلى حليف تكتيكي ولو لم يصل إلى الدرجة الاستراتيجية. مع أن تركيا لا ترغب في تشكيل كتلة ضد إيران، إلا أنها تتبنى فكر أنّ جمع الممثلين السنيين في سياق تعاون وعمل مشترك ولو عبر التكتل ضد إيران سيكون له نتائج إيجابية. ويستطيع هذا التعاون أن يحكم على سياسة تركيا مع العراق وسوريا ضد داعش.

بإمكان الحروب الداخلية التي تجري في سوريا، العراق، ليبيا وبشكل جزئي في لبنان وبالإضافة إلى التغيرات التي تجري في المنطقة، أن تُحدث تغييراً على المدى المتوسط في التوازن الإقليمي. والأمر الأبرز من ذلك هو خروج المنطقة من تحت السيطرة والهيمنة الأميركية أو من هيمنة أية دولة من خارج المنطقة. اختارت الولايات المتحدة التي اتجهت إلى منطقة آسيا القصوى كأولوية استراتيجية، خلال رئاسة أوباما في الشرق الأوسط، سياسة إدارة السياسات والأمور من خلف الأحداث. وبدأ هذا الانفلاق في المعمار الأمني للشرق الأوسط يولي دول المنطقة مسؤولية أكبر. كانت الولايات المتحدة تواجه في المباحثات التي تجريها مع السنة والتي كانت إيران خارج هذه المعادلة، صعوبة، كما كانت تُجبر على الارتباط بهم. في هذه الأثناء وحين شعرت الولايات المتحدة بأن هناك وجوداً لإيران تستطيع التحكم بها والسيطرة على تحركاتها، عندها بدأت بمساومة الدول التي ترى إيران عدواً لها. من هذه الناحية بدأ في الشرق الأوسط تشكّل بدايات نظام موازنات القوى. في هذه النقطة تحديدًا يستطيع المثلث السعودي الإيراني التركي الوصول إلى توازن بينهم. ومن المحتمل أن النفوذ المشتركة لهذ الدول قد تُشير إلى إمكانية حدوث توترات. وأبرز العناصر المجهولة في سياق البحث عن الموازنة التي قيد التشكّل هي مسألة مستقبل العنصر السياسي المصري. فإن الدور الذي ستلعبه مصر المشغولة حالياً بتناقضاتها الداخلية، في هذه الموازنة لا بدّ وأنها ستؤثر بشكل كبير على عناصر الموازنة الإقليمية. سيقوم رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي الذي أتى إلى السلطة عبر الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي بتقديم كل التنازلات للغرب ولإسرائيل في سبيل البقاء في السلطة فقط. ولن يكون استمرار الأمور بالنسبة للشعب المصري الذي اكتسب وعياً سياسياً بفعل حركات العصيان العربية كعهد مبارك خياراً مقبولاً. وسيكون مطلب التغيير في مصر سبباً لهزة ما عاجلاً أم آجلاً، وسيكون عدم تنظيم الوضع الاقتصادي ضمن نظام معين سبباً لضخامة هذه الهزة وتبكير موعدها.

بعد ضمّ إيران إلى النظام، بقي العنصر المصري هو الأكثر مجهولاً. سيسعى كل ممثلي ودول المنطقة التي ضمن لولب البحث عن التنافس والموازنة الإقليمية إلى إقامة علاقات وتعاونات مع الدول الإقليمية والعالمية. وستكون هذه المساعي سبباً في تكوّن شعور لدينا بوجوب نزول الدول التي من خارج المنطقة إلى الساحات مع منافسيها من دول المنطقة. كما سيبقى النظام الحالي الذي يتميّز بتضاد القطبين السعودي والإيراني، ولعبُ تركيا دور الوساطة بشكل أكبر واكتشاف أن العامل المصري عامل منكسر ضمن فجوة ريثما يتم ملئ فراغات القوى في العراق وسوريا وفي اليمن، في مثل هذه الأوساط وبدلاً من الدخول في طرف معين، فإن كون تركيا طرفاً ثالثاً فعالاً وبدور الوسيط سيخدم مصالحها في المدى البعيد. وبدلًا من تحديد الغرب والولايات المتحدة سياسة كلية تجاه هذه الحالة، فمن المحتمل أن يلجأوا إلى استراتيجية تكون قريبة من إيران في الشأن العراقي، ومن السعودية في الشأن اليمني، وقريبة جزئياً من تركيا في الشأن السوري. أما أمن إسرائيل فسيستمر في كونها خطاً أحمراً بالنسبة للولايات المتحدة. أما الشيء المختلف في هذه المعادلة قد يكون هو ضلع التدخل الروسي النشط، والاهتمام المتوسط للصين في المنطقة. في حال تشكّل المعادلات بهذا الشكل فإن الولايات المتحدة قد تستطيع العودة إلى المنطقة من جديد بشكل أكثر نشاطاً، وإلا فإنها ستختار متابعة منظمّة، لما يحدث هناك. ومن أهم المشكلات هنا هو غياب الاهتمام الاستراتيجي لبعض الدول الأوروبية التي يترتب عليها أن تلعب دوراً بناءاً في المنطقة.

قد تؤدي التركيبات الأمنية الجديدة في المنطقة إلى جعل إسرائيل أقل حماية بشكل جزئي تجاه إيران. بعد هذا ستُجبر إسرائيل التي ترفع من حدة صراخها، مبديةً عدم ارتياحها من هذا الوضع، على إقامة تعاونات وعلاقات مع بعض دول وممثلي المنطقة حفاظاً على أمنها، بدلاً من عداء جميع دول المنطقة. وسيكون لهذا الموقف الإسرائيلي تأثيرات إيجابية في أنه سيكون سبباً لتطبيع إسرائيل لسياستها، بل حتى في ليونة العلاقات الإسرائيلية – الفلسطينية. وسيفهم الإسرائيليون أنه من أجل تطبيع وتحسين علاقاتهم مع أنظمة الحكم العربية ومع تركيا، سيجب عليها حل مشكلاتهم مع الفلسطينيين بشكل معقول. ولن تكون رؤية خطوات بنّاءة في العلاقات الإسرائيلية – الفلسطينية مفاجأة. إلى جانب هذا ستحاول إسرائيل نقل علاقاتها إلى مستوى أحسن مع تركيا والسعودية والأردن. وسيساهم كل هذه المجريات على المدى الطويل في إقامة إسرائيل علاقاتها المستقبلية بشكل بناء أكثر مما هي عليه في الوقت الحالي. أما تحول العلاقات الإسرائيلية – السعودية من المنحى التكتيكي إلى المنحى الاستراتيجي فلا تبدو حقيقية إلى هذا الحد. ولن تختار السعودية التي تريد أن تُشعر بثقلها في العالم الإسلامي، استمرار علاقاتها مع إسرائيل بهذه الدرجة القريبة. أما من الناحية التركية فستشكّل حل مشاكل الفلسطينيين وتحسين الأوضاع في غزة عاملاً لتحسين العلاقات مع إسرائيل. ربما لا تعود تركيا وإسرائيل حليفين استراتيجيين كما سبق، إلا أنه يمكنهما إقامة اتفاق تكتيكي فيما بينهما.

من المحتمل أن تزيد إيران عبر المصادر التي تؤمنها من تدخلها في العراق وسوريا. وقد لا يؤثر هذا الأمر على سير الحروب الداخلية في هذين البلدين على المدى القريب، إلا أنه لا يوجد شك في ازدياد النشاط الإيراني. فيما يخص محاربة داعش، فلن تكون مشاركة القوات الشيعية لوحدها كافية، فإن تكتل إيران مع الميليشيات الشيعية لمحاربة داعش سيؤثر على المدى المتوسط في تطرّف بعض الأوساط السنية. إنّ ضم إيران والميليشيات الشيعية إلى خط محاربة داعش لن يكون صائباً أبداً، وإن هذا الأمر ممكن عبر تقوية العناصر السنية المعتدلة. فلن تقبل إيران بأمر كهذا وستحاول قدر الإمكان من تقليل العنصر السني في العراق. إذا استُخدمت إيران كوسيلة لحرب داعش فإننا ننتظر فترة أطول لحرب الميليشيات في المنطقة. عند انخفاض العقوبات المفروضة على إيران فإنه دور ونشاط المحافظين الذين يقدّمون الأمن القومي ضمن أولوياتهم سيقل تدريجياً في السياسة. وسيساهم هذا التغيير في ازدياد السياسيين أصحاب الفكر التغييري وسيؤدي إلى تبني إيران سياسة أكثر اعتدالاً. إلا أن الحروب المذهبية التي تجري بالوكالة ستحدد من تحركات السياسيين المعتدلين. سترتفع مع الزمن مطالب الإصلاح والتغيير داخل إيران وهذا سيؤدي مع الزمن إلى تغير في السياسة  الإقليمية الإيرانية، لكن العنصر الأهم في هذا الأمر هو عدم غض النظر عن كون إيران صاحبة الزعامة الدينية. فإذا فكر الزعيم الديني والسياسيين الذين يستمدون فكرهم منه، فإننا نرى أنه حينها لن يقلّ النفوذ الإقليمي لإيران.

النتائج الاقتصادية للاتفاقية

إن إعادة عرض إيران التي تعد ثان أكبر احتياطي للغاز الطبيعي ورابع أكبر احتياطي للبترول في العالم، للغاز الطبيعي والبترول مرة ثانية، سيسهل من إدارة عرض البترول المجهول. وسيقل ارتباط الدول الأوروبية والصين بالطاقة والبترول الروسية. وستولد هذه الاستثمارات تراجعاً قريب المدى في الأسعار. مما يؤدي إلى ارتياح لدى الدول المستوردة وإلى انزعاج لدى الدول المصدرة.

وقد يؤدي هذا الامر إلى ضعف اقتصاد بلدان كروسيا والسعودية ممن يعتمدون في إدارة اقتصادهم على الغاز والبترول. وستدخل روسيا ضمن حسابات لبيع أسلحة أكثر لدول الخليج والسعودية التي بدأت تشك بالولايات المتحدة من ناحية أمنها بعد تقوية الأخيرة للنفوذ الإيراني. ستخطو روسيا خطوات نحو عقد علاقات استراتيجية مع الدول التي بدأت تقلق من النفوذ الإيراني في المنطقة. أما انخفاض أسعار البترول سيكون له تأثيرات إيجابية على دول نامية والتي تحتاج للطاقة مثل تركيا. مع ترحيب دول الاتحاد الأوروبي والصين برفع العقوبات عن إيران، فقد تقابل روسيا ذلك بشكل سلبي. وقد تؤدي زيادة عرض إيران للبترول والغاز الطبيعي، إلى إعادة التخطيط لمد أنابيب للبترول والغاز الطبيعي وتكون جزءًا منها. وستساهم ارتباطات الدول مع بعضها عبر الطاقة والبترول في إدارة الأزمات السياسية بين الدول بطريقة أكثر مرونة. وقد تساهم علاقات التعاون هذه في تأثر المجتمعات مع بعضها البعض.

كيف سيتأثر مستقبل العلاقات التركية – الإيرانية؟

من وجهة النظر التركية فإن خروج إيران من خط الدولة الأمني وتطبعها، سيؤدي إلى إقامة العديد من علاقات التعاون والتأثير المتبادل بشكل أكبر. وسيكون لزيادة السياحة والثقافة المتبادلة مع إيران آثار إيجابية على الطرفين. وستكون النقاط المشتركة بين البلدين أرضية لتكوين علاقات استراتيجية ذات وجهات عديدة، مع اختلاف وجهات النظر السياسية للبلدين. إلى جانب استفادة تركيا من كل شراكات التعاون التي جرت في السنوات الأخيرة فإنها كانت الأقل تأثيراً من الحروب التي جرت في المنطقة. وعلى هذا فعند إقامة علاقات مع إيران، يجب إقامتها على الشكل الذي يستطيع طرف ثالث الاستفادة منها.

تحمل الاتفاقية النووية أهمية كبيرة من ناحية السياسة العالمية. أولاً، فإن انتهاء المباحثات السياسية بنتائج إيجابية كانت انتصاراً للدبلوماسية. فإن إدارة أوباما تتصرف مستخدمة الدبلوماسية والسياسة في العلاقات الدولية بشكل أكثر حساسية من إدارة بوش السابقة. وقد ساهم هذا النوع من السياسة في تحسين الصورة الأمريكية التي زادت سوءاً في عهد جورج بوش نحو الأحسن، ولو أنها تتعرض الآن أيضاً لبعض الانتقادات الدولية بسبب السياسات التي تتبعها. كما ساهمت من ناحية أخرى في دعم وتقوية القوانين الدولية التي تحد من انتشار الأسلحة النووية. من جهة أخرى، فمن الإيجابيات التي يمكن إضافتها إلى الاتفاقية، فإن الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن ومنذ فترة طويلة لم يجمعوا على أمر ما، فكانت هذه الاتفاقية بمثابة الآلة التي أعادت تشغيل آلية مجلس الأمن. وعلى هذا فقد تم التوصل إلى حل دبلوماسي على عكس ما كان يُتوقع. والوصول إلى قرار مشابه في الشؤون السياسية العالمية سيشكل بارقة أمل للمجتمع الدولي. وتكمن هنا مشكلة مهمة تتحدد في الخشية من عدم تطبيق بنود الاتفاقية بسبب الاختلاف الفكري لأطراف الاتفاقية والخشية من عدم قدرة أنظمة المراقبة والتفقد من القيام بوظيفتها. إذا استمرت إيران التي اكتسبت صفة مشروعة ومعتبرة لدى المجتمع الدولي بمواقفها السلبية في المباحثات التي تتعلق بالأمور الأخرى فإن هذا سيؤثر سلباً للمباحثات المماثلة في المستقبل. والأهم من ذلك فأنها ستفسح المجال أمام القوى الإقليمية الأخرى في الحصول على أسلحة نووية.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي مجموعة التفكير الاستراتيجي

قيم الموضوع
(0 أصوات)
Go to top