التأثير على أوضاع القوى الداخليه والتنميه والاقتصاد المحلي الإيراني

 

نبيل العتوم

طبيعة العقوبات على ايران 
العقوبات على ايران هي مجموعة القرارات العملية التي صدرت من قبل الدول العظمى من اجل معاقبة ايران او حثها على القيام بعمل ما او عدمه، معظم العقوبات صدرت بعد الثورة الايرانية التي قادها الخميني عام 1979 بعد اقتحام مقر السفارة الاميركية في طهران على خلفية ما بات يعرف بازمة الرهائن الدبلوماسيين، واشتدت بعد تفاقم ازمة البرنامج النووي الايراني، حيث واجهت ايران عقوبات متعددة خصوصا بعد احالة ملف برنامجها النووي من الوكالة الدولية للطاقة الذرية الى مجلس الامن. ويمكن تقسيم العقوبات على ايران من حيث منشائها الى اربعة اقسام:
اولا: عقوبات متعددة الاطراف مثل عقوبات مجلس الامن التابع للامم المتحدة.

ثانيا: العقوبات التي فرضها الاتحاد الاوروبي.

ثالثا: عقوبات احادية فرضتها الدول العظمى كالعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الاميركية

رابعا: عقوبات الكونغرس الاميركي.

الاتفاق النووي ورفع العقوبات الدولية عن ايران
الظروف الدولية والاقليمية التي تم اتفاق الاطار بين إيران والغرب فيها

1- تراجع الإدارة الأمريكية عن التدخل في الخارج.والحاجة إلى شركاء جدد، للقيام بالأدوار والمهمات نيابة عنها .

2- صعود الدور الروسي وتحالفها مع الأنظمة الشمولية في المنطقة، حتى في مواقفها ، تجاه الأزمات التي باتت تتقاطع فيها مع الدور الإيراني .

3- ثورات الربيع العربي التي استغلتها إيران . حيث لم تقف إيران مع تطلعات الشعوب، بل استغلّت حالة الضعف والتردي العربي ، وعدم الاستقرار السياسي لدول العربية لتوسيع نفوذها، ومحاولة استكمال خيوط مجالها الحيوي .

4- تفتقر الدول العربية التي تصرح ليل نهار محذرة من المشروع الإيراني التوسعي ، ومن نتائج الاتفاق النووي مع الغرب على طرح مشروع قابل للتنفيذ لمواجهة المشروع الإيراني السرطاني في المنطقة .

5- عاصفة الحزم لعودة الشرعية لليمن .

موقف القوى المختلفة من التفاهم النووي بين إيران والغرب
* التوحد والاصطفاف سواء للتيارات والقوى حتى التي وقفت ضد روحاني في الانتخابات، والحرس الثوري، ورجال الدين والساسة الأقوياء ذوو النفوذ، لدعم الاتفاق النووي:
- هنأ خامنئي على “نجاح” المفاوضين الإيرانيين ،وشكر روحاني على هذه الصفقة، استراتيجة خامنئي للتعامل مع المفاوضات النووية قبيل الوصول لاطار التفاهم ، خلالها ، بعدها :

1. المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، ظل صامتًا بشأن الاتفاق؛ إلا أن بعض المحافظين المتشددين أعربوا عن غضبهم تجاه هذه الصفقة.

2. يجب إدراك أنه بدون موافقة القائد، لا يمكن للفريق الإيراني الموافقة على الاتفاق الإطاري في لوزان، وليس هناك انفصال بين صناع القرار بشأن هذا الاتفاق“.أن خامنئي أظهر بعض المرونة عندما يجدد إيمانه بفريق التفاوض بقيادة وزير الخارجية محمد جواد ظريف، وواصل خامنئي دعم الفريق الإيراني، ويندد بأمريكا في أول ظهور له.

3. أكد المرشد خامنئي أنه لا يزال يدعم المفاوضات النووية للنهاية . وسيكون من الصعب على المحافظين المتشددين انتقاد الصفقة إذا واصل خامنئي دعمه للمحادثات ، حتى الوصول للاتفاق النهائي .

4. أعلن خامنئي بعد الوصول لاطار التفاهم مع الغرب إلى جملة من الحقائق /
• لا يثق بالغرب 
• يجب ممارسة سياسة الانتظار ، وعدم الافراط بالتفائل
• أنه ليس مع أو ضد هذا الاتفاق .
في تقديرنا أن خامنئي من خلال هذه التصريحات المبطنة، أراد التأكيد على جملة من الحقائق : 
النقطة الأولى : أن روحاني سوف يحظى بدعم خامنئي طالما أن قوة الرئيس المتزايدة لا تهدد خامنئي.
النقطة الثانية : أن خامنئي لا يسمح لأحد بلعب دور البطولة على مسرح السياسة الإيرانية ، وأن هناك بطل واحد هو الذي يمتلك الفيتو " المرشد ، رهبر " ، ونزول الشارع للتظاهر وهم يهتفون “روحاني، ظريف أنتما أبطالنا. رسالة وصلت جيدا للمرشد 
النقطة الثالثة : إن الفشل في التوصل إلى اتفاق إطاري بين إيران والقوى الست الكبرى ، قد يزعزع الاستقرار الداخلي لإيران ، وهو ما يدرك خامنئي أبعاده فعلا ، نتيجة تداعيات العقوبات الدولية على الشعب الإيراني . سيظل التحدي الأكبر في تحفيز الشعب الايراني إذا فشل المفاوضون في التوصل إلى اتفاق نهائي، ليس فقط المرشد ، ولكن النظام كله قد يتعرض للخطر في هذه الحالة. الآن، الناس لديهم توقعات وسقوف عالية . 
النقطة الرابعة : إن الفشل في التوصل إلى اتفاق إطاري بين إيران والقوى الست الكبرى سوف يضع وعود النظام برمته بالاصلاح والانفتاح للخارج على المحك . إنّ الدعم الشعبي لهذه الصفقة يمكن أن يتحول إلى سلاح ذي حدين لخامنئي ولروحاني وللنظام برمته ، مما يفجر الوضع الداخلي الإيراني ، مع الضغوط الاقتصادية والاجتماعية . وهذا أمر يصعب احتواؤه. لذلك لا يريد المرشد الافراط في التفاؤل ، ورفع السقف .النقطة الخامسة : المؤسسات الثورية والأمنية التي يديرها المرشد ، تتحسب من المفاجأت ودخول متغيرات خارجية " اقليمية ، ودولية " على خط التفاهم لافشاله . وهناك قناعة إيرانية ، أن دول مجلس التعاون الخليجي ؛ لا سيما السعودية تسير بهذا الاتجاه . 
النقطة الخامسة : التطورات الاقليمية تسير بخطى متسارعة ، وهناك سيناريوهين يرتبطان بإيران ، والوصول للتفاهم النهائي مع الغرب المقرر في حزيران من هذا العام :
السيناريو غير المبشر لإيران : أن تصل «عاصفة الحزم» إلى تحقيق نتائجها النهائية وإعادة الشرعية إلى اليمن، وهو ما سيجعل الطرف الإيراني ضعيفا وعاجزا أمام الغرب ، وسحب ورقة اقليمية مهمة من يد المفاوض النووي الإيراني ، وأن هناك طرفًا عربيًا خليجيا ، مثل بالمملكة العربية السعودية ، يثبت أنه موجود ورقم مهمّ في معادلة التوازن الاقليمي، وأن إيران لن تستطيع أن تقود الاقليم ، وأن بيدها وحدها مفاتيح الحل والعقد .
أمّا السيناريو المبشر لإيران : فيتمثل بتخلي السعودية والدول المشتركة في «عاصفة الحزم» عن المضي في العملية إلى غاية تحقيق أهدافها الكاملة، وهو ما سيعطي إشارة إلى صدق الرواية الإيرانية ، وأن الدور السعودي انتهى ، مما يمهد المجال لإيران لتصدر القيادة الاقليمية العظمى للاقليم ، ويدعم أوراقها التفاوضية مع الغرب ، للوصول للتسوية النهائية والصفقة الشاملة ، والاتفاق النهائي المجال النووي ، ويتيح لها المجال الأرحب نحو المزيد من التدخل .
النقطة السادسة : الحفاظ على سُلطة خامنئي الخاصة وقوة المؤسسة أولوية قصوى لخامنئي. روحاني سيكون كبش فداء لخامنئي إذا فشل هذا الاتفاق بشكله النهائي .
نظرة بسيطة للمواقف والتصريحات
- الرئيس روحاني أشاد به ووصفه بأنه “الفرصة التاريخية” ، والتي سوف يستفيد منها الجميع.
- علي لاريجاني، رئيس مجلس الشورى الإيراني، قال إن البرلمان “دعم الصفقة”
- أعلن الجنرال حسن فيروز آبادي، رئيس هيئة الأركان العسكرية الإيرانية،
كذلك هنأ محمد علي جعفري، قائد الحرس الثوري الإيراني، : “الأمة الإيرانية والحرس الثوري مقدّرا الجهود السياسية الصادقة للمفاوضين.
*بالمقابل وصف المحافظين المتشددين للحكومة بأنها ليست قوية بالقدر الكافي بشأن البرنامج النووي. وهؤلاء هم المتحفّظون على أي وفاق مع الغرب ويخشون أنه يهدّد الثورة الإسلامية، وهؤلاء يشغلون مناصب مؤثرة في البرلمان، وفي قوات الأمن وأجهزة الاستخبارات، حسين شريعتمداري، رئيس تحرير صحيفة “كيهان” المتشددة ومستشار خامنئي، قوله: “لقد غيّرت إيران حصانها المُسرج بآخر مع لجام مكسور“.
التفاهم النووي 
حقائق يجب التنبه لها 
• يجب الحذر من بعض التحليلات التي تفرّق بين مواقف الإصلاحيين والمحافظين الإيرانيين من البرنامج النووي ومن الصفقة في العلاقة مع الغرب .
• إنّ انفتاح إيران وتأمرها مع الغرب ، ليس مؤامرةً ضدّ العرب، لأنها لا تعترف بهم أساسا ،بل أن إيران تسعى إلى تحقيق أكبر قدر من المكاسب ، وتعظيم هذه المكاسب ، وتحويل التهديدات القادمة من الاقليم إلى فرص . 
• أن اطار التفاهم أخرج إيران بمكاسب تفوق شرعنة جميع النشاطات النووية الإيرانية :قانونيا ، سياسيا ، تقنيا وفنيا ، متجاوزة ذلك إلى مكاسب سياسية واستراتيجية واقتصادية كبيرة.
• النتيجة : هل ستتنازل إيران عن برنامج نووي كلفها أكثر من 200 مليار دولار ما بين نفقات ، خسائر نتيجة العقوبات ، بهذه السهولة .
الانعكاسات الإيجابية المحتملة للاتفاق النووي على التنمية والاقتصاد الإيراني: رؤية تحليلية إيرانية
أولاً : رفع للعقوبات عن ايران
منذ نجاح الثورة الايرانية في ايران، باتت ايران مشغولة بالعقوبات ضدها، حيث صدرت اولى العقوبات بعد سقوط شاه ايران عام 1979، بمنع تصدير السلاح لايران وتجميد ارصدتها، رويدا رويدا قام المسؤولون الاميركيون بوضع عقوبات احادية اكثر ضد ايران. و مع مرور الوقت طلبت اميركا مساعدة المجتمع الدولي في هذ الامر، فصدرت بعد ذلك عقوبات دولية ضد ايران. مع ذلك، فان العقوبات التي صدرت حتى نهاية عام 2011 لم تكن رادعة بشكل كافي بسبب ضعفها، فرغم التاثير المحدود الذي احدثته العقوبات ضد ايران ومنعها من تطوير ترسانتها العسكرية، الا ان طهران استطاعت ان تحرز نجاحا وتقدما بارزا في مجالات متعددة كالحرب غير المتكافئة، والبرامج الصاروخية، والحصول على التكنولوجيا النووية (العقوبات حدت من سرعتها في هذه المجالات ولم توقفها). حيث يعتقد الخبراء والمحللون بان ايران كان لديها الوقت الكافي من اجل التحايل على العقوبات.
تاثير العقوبات دخل مرحلة جديدة من حلقات الصراع بين ايران واميركا بعد خريف عام 2011، حيث صدرت عقوبة اميركية مشددة، وعقوبات من قبل الاتحاد الاوروبي، اثر قيام ايران بتطوير منظومتها الصاروخية والنووية( حسب التقاريرالمختصة مثل تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية عام 2011 والذي تطرق الى توضيح الابعاد العسكرية المحتملة للبرنامج النووي الايراني) حيث اثرت العقوبات على الصادرات الايرانية و النظام المالي والاقتصادي بشكل مباشر.
من العوامل الواضحة لتاثير تلك العقوبات يمكن الاشارة الى تغيير لحن الخطاب الايراني بالتهديد باغلاق مضيق هرمز و قطع خط امدادات النفط، وزيادة دعم فيلق القدس،والتيارات الشيعية، ومحاولة اغتيال السفير السعودي لدى واشنطن، الهجوم على مقر السفارة البريطانية في طهران بتاريخ 30 تشرين الثاني عام 2011، و استهداف الدبلوماسيين الاسرائيليين بدعم من ايران.
ثانيا ً: وقف العقوبات المصرفية 
مجلس الامن الدولي اعتبر العقوبات المصرفية احد انجع الاساليب لاغلاق الطريق على الاقتصاد الايراني في تبادله التجاري مع العالم. فقد سلبت العقوبات المتوالية في شتى المجالات الامن والاستقرار من الاقتصاد الايراني، وساهمت في فرار رؤوس الاموال من البلاد. فالعقوبات التي صدرت بحق طهران منذ سنين الهبت السوق الايراني، غير ان العقوبات المصرفية اثرت بشكل كبير على الانشطة الاقتصادية خصوصا انشطة القطاع الخاص.
يمكن شرح تبعات العقوبات على البنك المركزي وبقية المصارف والمؤسسات المالية كما يلي: 
1- قطع التبادل المصرفي على الصعيد الدولي (سويفت)

2- تجميد قسم من الارصدة الايرانية في الخارج

3- التضييق على الايرانيين الذين يرتبط عملهم بالدولار الاميركي,

4- ارتفاع تكلفة التبادلات ومخاطر التبادل التجاري بسبب الوسطاء الماليين والسماسرة

5- ارتفاع تكلفة القيمة النهائية للسلع و الخدمات الانتاجية و انخفاض قدرة المنتجات المحلية على المنافسة

6- ارتفاع التكلفة المالية و تكلفة اتمام الصفقات التجارية

7- ارتفاع مستوى التضخم وظهور الكساد والبطالة

8- تعطيل انجاز مشاريع النفط والغاز و بقية مشاريع البنى التحتية

ثالثاً: تاثير العقوبات المصرفية على النظام المالي والنقدي الايراني
1- ارتفاع نسبة المخاطرة بخصوص ارصدة البنوك
في الوقت الذي يمتلك الكثير من الايرانيون علاقات مالية مع كثير من البنوك خارج ايران، فقد تعرض القسم الاكبر من ارصدة بنك ملت للخطر بسبب العقوبات المصرفية، فيما تعرض ايضا العملاء الاجانب والذين لديهم مبادلات مصرفية مع ايران للخطر بسبب صعوبة التعامل مع ايران و زيادة تكاليف المعاملات المصرفية.
2- ارتفاع طلب البنوك على العملة الصعبة
ادت العقوبات الى التضييق على الشركات في تامين منابعها المالية من العملة الصعبة عن طريق البنوك، حيث واجه العملاء مشكلة في افتتاح خطابات الاعتماد او الضمان ( letter of cridets)، ولان العملة الصعبة والريال الايراني عنصران مكملان لتدوير عجلة الانتاج، لذا بات من الصعب على المصنعيين انتاج بضائعهم في المدة الزمنية اللازمة، وعدم قدرتهم على سداد التسهيلات المالية المستحقة للبنوك، لذا فان البنوك الخاضعة للعقوبات وفي مدة زمنية قصيرة ارتفعت نسبة مطالباتها المالية،غير انه على المدى البعيد قلت هذه المطالبات بسبب انخفاض حجم المبادلات التجارية بالعملة الصعبة و الانخفاض الملحوظ في افتتاح خطابات الاعتماد او الضمان.

3- التاثير على الاهلية الائتمانية في التجارة مع ايران 
منذ بدء اولى العقوبات المصرفية على ايران والتخوف من ضمان امنية السلع المصدرة اليها، ارتفعت نسبة الاهلية الائتمانية للمخاطرة التجارية مع طهران ، مع ارتفاع تكلفة تغطية تكاليف بوليصة التامين لتصدير السلع التجارية اليها، ما ادى الى ارتفاع سعر القيمة النهائية للسلع الصادرة الى ايران.

4- انخفاض ثقة الباعة الدوليين بالنظام المصرفي الايراني
ثقة الباعة الدوليين تجاه البنوك الايرانية انخفضت بشدة بسبب العقوبات، بحيث اصبح الباعة يؤكدون على ضرورة عدم اتمام صفقات البيع مع البنوك الايرانية والترويج لهذا الامر،ما ادى الى ضربة قوية لسمعة البنوك الايرانية على المستوى الدولي وفقد الثقة بها، امر بات لايمكن تعويضه.

5- انخفاض الثقة بالنظام المصرفي بشكل عام
اهم الاسباب التي شملت جميع البنوك التي خضعت للعقوبات هو انخفاض مستوى ثقة العملاء بالنظام المصرفي الداخلي،ما ادى الى خروج معظم الاموال من البلاد بسبب ارتفاع المدة والتكاليف ( في مجال استيراد السلع و الخدمات عن طريق افتتاح خطابات الاعتماد او الضمان) و انتقال هذه العدوى الى باقي القطاعات، على الاخص قطاع الانتاج. 
رابعاً: تأثير العقوبات المصرفية على ارباح الشركات في المعاملات المالية عن طريق النظام البنكي
1- افتتاح خطابات الاعتماد او الضمان وتحويل الاموال الى باقي دول العالم
في هذه الظروف لم تعد الشركات قادرة على الاستفادة من مصادر التمويل المالية الدولية من اجر تنفيذ مخططتها التطويرية، هذا الامر ادى من جهة ادى الى ارتفاع عجز الاستثمار وتاخير تنفيد المخططات التطويرية للشركات، وفي النتيجة عدم تحقيق الارباح المتوقعة للمستثمرين، وزيادة نسبة البطالة و انخفاض مستوى اجمالي الناتج المحلي والمشكلات الاقتصادية.

2- انخفاض ارباح الشركات المسجلة في البورصة
الاثر النفسي للعقوبات على سوق الاسهم في ايران ادى الى اضطراب وقلق لدى اصحاب الاسهم مما دفع بهم لبيع سهامهم الامر الذي اثر بشكل كبير على قيمتها وانخفاض ارباح الشركات المسجلة لدى البورصة، علما بان البنوك الايرانية كانت تعتمد على سندات اسهم الشركات المسجلة بالبورصة كضمان في حال عدم قدرت الشركات على سداد المطالبات المالية المستحقة عند الدفع، لذا كانت البنوك تواجه مشكلة في كيفية استعادة تلك الاموال. مما حدا بالبنوك الى توخي الحيطة والحذر في تقديم تسهيلات مالية للشركات المسجلة بالبورصة.

3- التضييق على المنتجين في استيراد وتوفير المواد الاولية اللازمة
احد اهم اساليب الاستيراد والتصدير المتبعة في دول العالم المتطورة هي بطاقات الاعتماد والضمان المصرفي، والتي تقوم البنوك عادة باصدارها وافتتاح حساباتها، غير ان انعدام هذه الخدمة المصرفية ضيق الخناق على اصحاب شركات الانتاج والعاملين في قطاع استيراد وتصدير السلع في ايران. في الوقت الذي شملت فيه العقوبات بعض انواع السلع، فقد منعت الدول الاعضاء لدى الامم المتحدة من التعامل مع التجار الايرانيين، لذا كان من الضعب على الشركات الايرانية تصدير و استيراد و توفير المواد الاولية والسلع الضرورية الا عن طريق وسطاء وتجار متعددين للتحايل على القعوبات (عن طريق طرف ثالث)، ما حدا بان تكون القيمة النهائية للسلع عدة اضعاف، والذي انعكس سلبا في طلب واقبال المستهلك على شراء هذه السلع، وتعثر الشركات ودخولها في ازمات لتامين مصادرها المالية، وسداد مستحقاتها المصرفية من القروض( الحالية والمستقبلية).

4- ارتفاع الكلفة الاجمالية والمدة الزمنية اللازمة لاتمام المعاملات وتفاعلات السوق
العقوبات على البنوك الايرانية اجبر الشركات التجارية الايرانية التي تعمل في مجال بيع وشراء السلع الاجنبية ان تقوم بالتحايل على العقوبات بفتح بطاقات الاعتماد والضمان عن طريق طرف ثالث وبلد ثالث من الوسطاء والسماسرة بسبب عدم القدرة على الحصول على هذه الخدمة المصرفية، حيث احد اهم نتائج هذه العملية هي ارتفاع تكلفة الصفقات وقضاء وقت اطول لانجازها، مما ينعكس على كيفية الاداء وجداول العمل. هذه الحالة اضافة الى ايجادها ارتفاع نسبة التضخم، فقد وضعت المنتجين تحت ضغط شديد بسبب انخفاض نسبة الارباح، حتى انه في بعض الاحيان تكون تكلفة القيمة النهائية للمنتج اعلى من قيمة البيع. مما يجعل من الطبيعي في ظل هذه الظروف ان يعجز المصنعون والمنتجون عن الوفاء بالتزاماتهم المالية نحو المصارف والبنوك، والتاخر في اعادة سداد التسهيلات المالية في وقتها المحدد.

5- قطع مصادر العملة الصعبة و عدم القدرة على ضخ الاموال في الشركات
العقوبات خلقت مشكلة في تامين الشركات حاجتها من العملة الصعبة اللازمة عن طريق البنوك والمستثمرين المحليين، لذا واجهت المنتجين مشكلة في تامين مصادرهم المالية عن طريق التمويل والكمبيالات، في الوقت الذي تكون فيه التسهيلات المالية بالعملة الصعبة والمحلية هي الركن الاساسي لتدوير عجلة الانتاج، اصبح من الصعب انتاج السلع في الدورة الانتاجية المتفق عليها. لذا فان العجز عن تامين المصادر المالية اللازمة، وفي المقابل ايضا عدم تحقيق المكاسب المنتظرة، فان الشركات لم تستطيع اعادة سداد التسهيلات البنكية في الوقت المحدد، وايضا التاخر في دفع التسهيلات المالية لهم بالريال الايراني.

6- صعوبة السفر لاغراض تجارية
التضييق وارتفاع المدة الزمنية اللازمة لاصدار تاشيرات السفر لاغراض تجارية على الاخص للدول الاوروبية، سبب مشكلات جمة بالنسبة للمنتجين بسبب ارتفاع المدة الزمنية اللازمة لاصدار التاشيرة، والذي اخل في الوقت اللازم لتدوير عجلة الانتاج والتسويق بسبب عدم استقرار اسعار صرف الريال امام العملات الاجنبية الصعبة، فيما عزف الشركاء الاجانب عن السفر الى ايران بسبب التضييق الذي فرضته الدول العظمى على ايران استجابة لتوصياتها.

7- ارتفاع نسبة المخاطرة للاستثمار بالنسبة للمستثمرين الاجانب
رغم ان ايران اقرت قانون جلب وتشجيع وحماية حقوق المستثمرين الاجانب في مجلس الشورى الاسلامي في دورته السادسة، ورفع الاشكالات القانونية المتعلقة بالقانون لتسريع جذب المستثمرين، الا ان المستثمرين الاجانب والمؤساسات المالية الاجنبية عزفوا عن المخاطرة للاستثمار في ايران بعد تنفيذ العقوبات بسبب ارتفاع نسبة المخاطر.
خامساً: أثر العقوبات المصرفية في زعزعة الثقة بالاقتصاد الايراني 
اضافة الى ماذكرناه سابقا من تبعات فرض العقوبات الاقتصادية على ايران، فانه الى حين وجود انعدام الثقة بسبب شدة العقوبات وحجمها،و الخوف من اتساعها، فان الخوف والقلق سيبقى ملازما للمنتجين والمستثمرين ويؤثر سلبا على نشاطهم الاقتصادي ويخل به، وفيما يلي بعض من هذه المشكلات:
1- انعدام الرؤية المستقبلية الواضحة بالنسبة للتكلفة والعائد وايجاد خلل في تخصيص المصادر وفاعلية النشاط الاقتصادي.
2- تعديل اسعار السلع والخدمات بشكل مستمر من قبل ورش الانتاج والموزعين على مستوى تجار المفرق.
3- صعوبة اتخاذ القرارات من قبل النشطاء الاقتصاديين على جميع الاصعدة الاقتصادية على الاخص الاسرية، والمؤسسات والقطاع الحكومي.
4- الانحراف في اتخاذ قرارات الاستثمار المؤسسية الاقتصادية.

سادساً: تأثير العقوبات المصرفية على كيفية استلام اموال النفط المصدر
تحتاج الحكومة الايرانية الى حجم كبير من العملة الصعبة لتنفيذ المشاريع الانتاجية العملاقة والبنى التحتية و ايضا تأمين السلع الضرورية لمواطنيها ولتوفير خدماتها الخارجية، واحد اكبر مصادر دخل العملة الصعبة هو صادرات البترول. حيث يعتبر تصدير البترول العامل الاهم، حيث يشكل-بشكل متوسط -25 بالمئة من اجمالي الناتج المحلي، و 85 بالمئة من نصيب دخل العملة الصعبة و 65 بالمئة من دخل الحكومة الايرانية. لذا حرمت العقوبات البنك المركزي الايراني واستبعدته من سويفت "الهيئة المسؤولة عن إدارة التعاملات المصرفية الدولية ومقرها بروكسل"، مما جعل من المستحيل تدفق الأموال من إيران وإليها عبر القنوات الرسمية. لذا تم الاتفاق مع الهند والصين والتي تستورد قسم من احتياجاتها من النفط الخام الايراني على كيفية سداد التزاماتها المالية لطهران، حيث اتفق على ان تدفع الصين قسم من ثمن البترول بالعملة الصينية (اليوان) والقسم الاخر بالسبائك الذهبية، غير ان وزير النفط الايراني قاسمي، قال في لقاء مع صحيفة شرق الايرانية بتاريخ 6 تير 1391 بانه الى الان لم يتم استلام اي نقود من الصين باليوان، اما نحن نسعى ان يتم سداد قسم من ثمن النفط باليوان، حيث الى الان لم يتم التوافق على ذلك. لذلك لا يمكن التاكيد على ان الاتفاق مع الصين لسداد قسم من ثمن البترول بالعملة الصينية اليوان قد تم تنفيذه.
كما تم الاتفاق مع السلطات الهندية على ان تدفع 45 من ثمن البترول الايراني المصدر اليها بالعملة المحلية ( الروبية الهندية) وما تبقى بشكل سلع و خدمات اخرى تصدر لايران، او ان يقوم الهنود بالاستثمار في ايران . حيث اعلنت منظمة اتحاد المصدرين الهندية في تقرير لها بان الاتفاق تم حسب الصورة التي اتفق عليها، حيث استوردت الهند سنويا 11 مليار دولار من البترول و ملياران من السلع الايرانية، وفي المقابل فقد صدرت الهند ما مقداره ملياران و 700 مليون دولار من السلع لايران.
السؤال الذي يطرح نفسه الى اي حد يمكن استيراد بضائع وسلع من هذه الدول مقابل ثمن النفط، وبه عبارة اخرى ان تقوم التجارة على الندية، فعلى اساس ما تقدم ذكره بانه مقابل بيع 11 مليار دولار من النفط للهند سنويا، فقد استوردت ايران ما مقداره ملياران و 700 دولار من الهند، في الوقت الذي تحصل فيه ايران على 45 بالمئة من ثمن نفطها المصدر للهند بالعملة المحلية ( الروبية الهندية) وهو ما يعادل 6 مليارات دولار، بحيث يعادل هذا الرقم ضعف الوارادت الايرانية من الهند، اي ضعف ما تستورده ايران من الهند من سلع مقابل نفطها، لذا يبقى السؤال المهم هو الى اي حد تنتج الهند محصولات وسلع متنوعة قد تسهم في اغناء السوق الايرانية، واعطاءها فرصة لان تجعل نصيبها من السوق الايرانية مضاعفا.
سابعاً: تاثير العقوبات في خفض انتاج البترول
العقوبات على قطاع النفط هي في الواقع مكملة للقعوبات المصرفية، الا ان ايران استطاعت رغم العقوبات المصرفية وبطرق مختلفة ان تقوم بانجاز معاملاتها، لذلك فقد واصلت ايران بيع نفطها رغم الصعوبات في انتقال اثمانه، لذلك فقد جاءت العقوبات على قطاع النفط بهدف التوقف عن شراء البترول من ايران.
في الواقع كان الهدف من العقوبات على قطاع النفط الايراني هو اخراج ايران من سوق النفط العالمي، لان ايران كانت احد المصدرين الرئيس للنفط، وتصدر اكثر من مليونان برميل نفط يوميا، وفي حال توقفت ايران عن تصدير النفط وتوقف نفطها عن دخول سوق النفط فان اسواق النفط سوف تتعرض لصدمة قوية و كان من المحتمل ان ترتفع اسعار النفط من 200 الى 300 دولار للبرميل، لكن اخراج ايران من سوق النفط العالمي كان بالتدريج، مما حد من التهاب سوق النفط والسيطرة عليه تدريجيا.ٍ
ترتب على العقوبات تراجع حاد في صادرات النفط الإيراني بواقع 700 ألف برميل يوميًا في مايو/أيار 2013 مقابل 2.2 مليون برميل يوميًا سجلتها الصادارت الإيرانية من النفط في 2011. وفي يناير/كانون الثاني عام 2013، اعترف وزير النفط الإيراني للمرة الأولى بأن إجمالي التراجع في صادرات النفط يكلف بلاده ما بين أربعة مليارات وثمانية مليارات دولار شهريًا. ويُعتقد أن إيران تكبدت خسارة تُقدربـ 26 مليار دولار من عائدات النفط في 2012 في حين بلغ إجمالي تلك العائدات 95 مليار دولار في عام 2011. وبحلول إبريل/نيسان عام 2013، توقع صندوق النقد الدولي تراجع نمو إجمالي الناتج المحلي الإيراني إلى 1.3 في المئة في عام 2013، مقابل قراءة العام السابق التي سجلت 1.9 في المئة.
العقوبات الاميركية ضغطت على الصين والهند واليابان وكوريا الشمالية، اهم عملاء البترول الايراني، حيث خفضت هذه الدول وارداتها منه.
ثامناً: تحسن العملة الإيرانية وتعزيز قيمتها الشرائية : 
العملة الايرانية ونتيجة للعقوبات سقطت الى ادنى مستوياتها وسجلت تراجعا قياسيا امام الدولا الاميركي، فقد فقد الريال الايراني ثلثي قيمته امام الدولار الاميركي اي 75% من قيمته. 
الرسم البياني التالي يوضح اسعار صرف التومان الايراني (كل واحد تومان يساوي 10ريال) امام الدولار الاميركي منذ نجاح الثورة الايرانية حتى عام نهاية ولاية الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد، حيث سقط سعر صرف الريال امام الدولار الى ادنى مستوياته. 
الخط الازرق يشير الى سعر الصرف في السوق السوداء، فيما يشير الخط الاحمر الى سعر الصرف الرسمي.


تاسعاً: العقوبات العلمية
الحواسيب
طبقا لقانون التجارة العالمي، فان الحواسيب التي تعمل بقوة 190 مليار محاسبة في الثانية تدخل ضمن السلع الاستراتيجية، والتي لديها القدرة للاستخدام ضمن البحوث النووية، لذا فان بيع مثل هذه الحواسيب لدول مثل ايران يدخل ضمن قائمة العقوبات.
حجب بروتوكول الإنترنت الايراني (IP: Internet Protocol)
حجب او فلترت عنوان آي بي الايراني حرم ايران من امكانية الحصول على برامج السوفت وير(Software) التي تغذي ذاكرة الحواسيب مثل: NVIDIA، AMD، Adobe، AVG، AVAST، Symantec، McAfee، MATLAB، بعض خدمات غوغل و بعض خدمات مايكروسوفت مثل، ESET و Oracle، والتي من غير الممكن لـ اي بي الايراني ان يحصل على الخدمة من اي من هذه الشركات او المواقع، اضافة الى قيام هذه الشركات باغلاق مواقعها في ايران، قامت بعض شركات التكنولوجيا باغلاق السيرفر الرئيسي لها ( الخادم) في وجه الايرانيين.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي مجموعة التفكير الاستراتيجي

قيم الموضوع
(0 أصوات)
Go to top