الأجهزة الأمنية السورية وضرورات التغيير البنيوي والوظيفي

ملخص تنفيذي

تعد أسئلة التغيير الأمني (منهجاً ووظيفة وبُنية) من أهم الأسئلة التي تنتظر إجابات موضوعية تُراعي الظروف الناشئة وجملة المتغيرات المتسارعة التي تعصف بالجغرافية السورية، ولأنها عملية معقدة فلن تصلح معها – وفق الواقع السوري الخاص – نظريات الإصلاح الجاهزة أو الأطروحات المغيِبة لطبيعة وأهمية الأمن الوطني من جهة، أو المتجاوزة لضرورات التماسك وعدم الانهيار من جهة ثانية، وإنما تتطلب جهداً وطنياً احترافياً، متسقاً مع متطلبات البنية الأمنية المحلية والإقليمية والدولية، ومع الهدف الوطني المتمثل في بناء قطاع أمني متماسك.

تجد الدراسة أن الدولة السورية لا تملك قطاعاً أمنياً ابتداءً حتى يستوجب الإصلاح، فصنوف العمل الأمني في سورية تقع في مستويين، الأول: أذرع تحكُّم وضبط، فالمخابرات الجوية والعسكرية هي ذراع الجيش والقوات المسلحة، والمخابرات العامة هي ذراع مشترك لمكتب الأمن الوطني (أو القومي سابقاً) وللحزب الحاكم (حزب البعث العربي الاشتراكي)، والأمن السياسي ذراع وزارة الداخلية، والثاني: شبكات عسكرية – أمنية (الحرس الجمهوري، الفرقة الرابعة، قوات النمر) ويقع على عاتقها هندسة العملية الأمنية وضبط علاقاتها وقواعدها الناظمة، وضمان أمن النظام والقيام بكافة الإجراءات والعمليات داخل المجتمع في حال بروز أية مؤشرات مهددة لهذا الأمن. وعليه يمكن تحديد مكمن الخلل والانحراف بأمرين، الأول البُنية الأمنية المتشعبة التي ساهمت في تطويق الحركة المجتمعية وحدّت من إمكانية تقدمها وتطورها، والأمر الثاني متعلق بوظيفة هذه الأجهزة التي كانت تتسم بالسيولة واللامحدودية، باستثناء وظيفة تثبيت وتعزيز عوامل استقرار النظام الحاكم، لذا فإن أي عملية إصلاحية لهذه الأجهزة لا بد أن تستهدف البنية والوظيفة في آن معاً.

إن الضرورة الأمنية وأهميتها - في سياق أي عملية انتقالية (لاسيما في جغرافية كسورية وكونها أحد عناصر معادلة إقليمية ودولية حساسة)، ناهيك عن أنها أهم وظائف "الدولة" سواء على مستوى تحقيق الاستقرار الاجتماعي أو على مستوى تحصن البلاد وصيانة هويتها وثقافتها من أية اختراقات-  تؤكد أن نظريات تفكيك الأجهزة الأمنية وإنهاء عملها نهائياً وعدم إعادة بناء بديل وطني ببُنية متماسكة ووظائف متصلة بطبيعة الفعل الأمني، إنما هو طرح مستبعد وخاصة في المرحلة القادمة من سورية الجديدة التي تنامت فيها المشاريع العابرة للحدود السورية. ومن هنا تبدو الحاجة الأكثر اتساقاً مع ثنائية (رفض السلوك والمنهج / الضرورة الأمنية) هي ضرورة إعادة الهيكلة للمؤسسات الأمنية في المرحلة القادمة لتُجاري أجهزة الأمن الموجودة في الدول المتقدمة والمبنية على أسس صحيحة لخدمة الوطن والمواطن.

تبين الدراسة أنه ينبغي أن تستند إجراءات إعادة الهيكلة على مبادئ التغيير والانتقال السلس والمتماسك، خشية تداعيات التغيير المفاجئ على تماسك البلاد، وتضمن عودة هذه الأجهزة إلى الإطار الوطني وتكاملها مع مؤسسات الدولة. وأن تأتي هذه الإجراءات كانعكاس لسلسلة تفاهمات سياسية تدلل على الإرادة الحقيقية للتغيير والانتقال السياسي، وأن تخلو من أية حسابات تنافسية أو استحواذية سلطوية، وفي سبيل ذلك تقترح الدراسة ثلاثة مراحل لإتمام عملية التغيير والتطوير، الأولى تتعلق بالمنظومة القانونية التي ستراعي مبادئ الدمج وإعادة التوازن وتغيير الوظيفة وتعزيز المراقبة، والثانية مرتبطة بتطوير البنية سواء البشرية أو الإدارية والفنية، أما المرحلة الثالثة فهي مجموعة إجراءات تهدف لاستكمال بناء قطاع أمني متماسك.

لقراءة المزيد انقر على الرابط التالي: https://goo.gl/Ns5yYQ

المصدر مركز عمران للدراسات الاستراتيجية

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي مجموعة التفكير الاستراتيجي

قيم الموضوع
(0 أصوات)
Go to top