التقدير الاستراتيجي (92): الانتخابات المحلية الفلسطينية .. السياق وسيناريوهات ما بعد التأجيل

تقدير استراتيجي (92) – تشرين الأول/ أكتوبر 2016.

ملخص:

بالرغم من أن الإعلان عن الانتخابات المحلية الفلسطينية فتح أبواب الأمل نحو الانفراج السياسي وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني، إلا أن قرار محكمة العدل العليا في رام الله بإيقاف الانتخابات في قطاع غزة، جاء قراراً مسيساً، وشكَّل عقبة جديدة في مسيرة الإصلاح الداخلي الفلسطيني. وأياً تكن المسارات المحتملة سواء بإجراء الانتخابات لاحقاً في الضفة والقطاع، أم بإجرائها في الضفة فقط، أم بإلغائها، فإن مآلات الانتخابات المحلية الفلسطينية تشير إلى أهمية إعادة التمعن في وظيفة الانتخابات في السياق الفلسطيني، وضرورة بناء توافق وطني على هذه الوظيفة كي لا يتحول ما يعتقد أنها فرصة إلى تهديد.

وهو سياق يؤكد أولاً، أن ضعف الحالة الفلسطينية يعزز قدرة الاحتلال على تحويل التهديد إلى فرصة تخدم سياسته. كما يظهر ثانياً، أن غياب التوافق الوطني على متطلبات وأسس إنهاء الانقسام السياسي قد يجعل الانتخابات المحلية، كما العامة، مدخلاً لتعميق الانقسام، أو إدارته في أحسن الأحوال.

مقدمة:

توضح التطورات المتلاحقة بين قرار الحكومة الفلسطينية الصادر في 21 حزيران/ يونيو الماضي بإجراء الانتخابات المحلية، وقرارها الصادر في 4 تشرين الأول/ أكتوبر بتأجيلها لمدة أربعة أشهر، كيف تحولت هذه الانتخابات من فرصة إلى تهديد؛ من فرصة لتحدي سياسة الاحتلال في تجزئة الفلسطينيين إلى تهديد بتحول الانقسام إلى انفصال بين الضفة الغربية وقطاع غزة، ومن احتفالية بـ”عرس ديموقراطي” إلى مأتم، بل وفتح المجال أمام تهديدات جديدة تمس النسيج المجتمعي والسلم الأهلي، بعد قرار محكمة العدل العليا بعدم قانونية القضاء والمحاكم في القطاع، وما قد يترتب عليه من تشكيك في آلاف الأحكام الصادرة عنها خلال السنوات التسع الماضية.

ويُعدّ قرار التأجيل بمثابة مسح شامل للمشهد الانتخابي السابق، تسجيلاً وترشحاً وطعناً، وعودة إلى نقطة الصفر لبدء مشهد جديد ينطوي على تحديات لا تقل خطورة عن المشهد السابق، الذي تشكل نقطة النهاية فيه نقطة البداية ذاتها في المشهد الجديد من حيث اللجوء إلى إجراءات “قانونية” لتحقيق أغراض سياسية، انطلاقاً من حيثيات ومبررات قرار محكمة العدل العليا الذي استثنى قطاع غزة من الانتخابات على أساس عدم قانونية القضاء والمحاكم هناك.

لم يكن الوصول إلى هذه النتيجة مفاجئاً، وخصوصاً من حيث استدعاء جهاز القضاء لتأدية وظيفة سياسية بغطاء قانوني. بل يرى البعض أن المفاجئ كان قرار الحكومة الفلسطينية بإجراء الانتخابات المحلية، إذ بدا كمحاولة لاقتناص الفرصة من أجل “تجديد شرعية” السلطة في الضفة، ولو على مستوى الهيئات المحلية، قبل أن يتضح أن قرار حركة حماس بالموافقة على إجراء الانتخابات يعني أن مجمل إجراءات العملية الانتخابية في قطاع غزة تضفي “شرعية” طالما رفضتها فتح على مؤسسات مدنية وأمنية وقضائية تسيطر عليها حماس، حتى ولو حققت فتح فوزاً في عدد من الهيئات المحلية في القطاع.

المثير أن حسابات الكلفة جاءت عقب صدور قرار إجراء الانتخابات، وليس قبله، في مشهد يعكس استمرار التفرد بصناعة القرار بعيداً عن التشاور مع الكل الوطني، بل وحتى مع اللجنة المركزية لحركة فتح هذه المرة. وفي هذه الحسابات، كان واضحاً أن كلفة اتخاذ قرار رسمي بإلغاء أو تأجيل الانتخابات أعلى من كلفة خسارة قوائم فتح في هيئات محلية رئيسية، وخصوصاً في الضفة. وهو الأمر الذي كان يتطلب البحث عن وسائل أخرى لطي صفحة الانتخابات، ولو إلى حين، باللجوء إلى القضاء، على الرغم من أن كلفة تسييس القضاء قد تكون أعلى من الكلفة في حالتي إصدار قرار رسمي بالتأجيل، أو خسارة فتح.

سياق الانتخابات:

منذ البداية، أثار قرار إجراء الانتخابات خلافات بين مؤيد ومعارض لهذه الخطوة، وإن تباينت مبررات الرفض والتأييد، غير أن سيناريو الإلغاء أو التأجيل كان يزداد ترجيحاً مع الاقتراب من لحظة التوجه إلى صناديق الاقتراع، ليعزز من الآراء التي حذرت من وجود عوامل قد تحوّل الانتخابات المحلية من نعمة إلى نقمة. ويمكن تلخيص هذه العوامل بالآتي:

أولاً: العامل الإسرائيلي والضغط الخارجي:

لقد تمّ تجاهل دور الاحتلال بالرغم من تزامن الإعلان عن قرار إجراء الانتخابات مع اتساع دور ما يسمى “الإدارة المدنية” التابعة لجيش الاحتلال في تطبيق خطة ليبرمان لتشجيع بروز قيادات محلية في الضفة الغربية، ما يعني الحرص على أن تخدم أي انتخابات محلية هذه الخطة لا أن تشكل حاجز صدّ أمامها.

ونقل محلل الشؤون الفلسطينية في موقع واللا الإلكتروني، آفي يسخاروف، أن منسق أعمال حكومة الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الجنرال يوءاف مردخاي، “حذّر قيادة السلطة من أن الذهاب إلى انتخابات قد يكون رهاناً خطيراً”. وقال المحلل العسكري في صحيفة هآرتس، عاموس هرئيل، إن مسؤولين إسرائيليين حذروا نظراءهم في السلطة من أنهم “مبتهجون أكثر مما ينبغي” بإمكانية الفوز في الانتخابات، وأن حماس قد تستغل الانتخابات وتعزز تأثيرها السياسي في الضفة وتقوض بشكل أكبر مكانة السلطة ورئيسها المسن” (موقع عرب 48، 1/9/2016).

في ضوء هذه المخاوف، ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن سلطات الاحتلال وضعت خطة للتعامل مع الانتخابات المحلية، دون الكشف عن تفاصيلها، غير أن أليكس فيشمان، المحلل العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت، ذكر أن السؤال المركزي الذي كان يطرح في مداولات هيئة الأركان ووزارة الحرب الإسرائيلية ومجلس الأمن القومي، يتمثل في معرفة ما إذا كان سيتوجب على “إسرائيل” التدخل أم السعي للعمل على إلغاء الانتخابات الفلسطينية وتأجيل موعدها؟ (موقع فلسطين اليوم، 30/8/2016).

في كل الأحوال، كان هناك ما يكفي من مؤشرات على سعي الاحتلال للتأثير على مدخلات ونتائج العملية الانتخابية والمس بمدى توفر بيئة تتيح حرية الترشح والانتخاب، باعتبارها أحد أهم شروط نزاهة الانتخابات. فقد قامت سلطات الاحتلال باعتقال العديد من المرشحين أو الناشطين في الحملات الانتخابية في الضفة الغربية، كما تلقى عدد آخر تهديدات من ضباط الاحتلال تطالبهم بالانسحاب أو مواجهة الاعتقال.

وإلى جانب تأثير العامل الإسرائيلي، ترددت أنباء في وسائل الإعلام عن ضغوط مارستها دول عربية وأجنبية لإلغاء أو تأجيل الانتخابات المحلية. وقال النائب في المجلس التشريعي حسن خريشة إن “قرار تجميد إجراء الانتخابات (من محكمة العدل العليا) نجم عن ضغوطات خارجية وداخلية مورست على الرئيس عباس بعد تعبير العديد من الجهات الخارجية عن خشيتها من تكرار سيناريو عام 2006” (شبكة قدس الإخبارية، 8/9/2016).

ثانياً: الانقسام الداخلي:

بالرغم من التحذيرات من تأثير العامل الإسرائيلي على حرية ونزاهة العملية الانتخابية، إلا أنه لم يكن العامل الحاسم في وقف إجراء الانتخابات، ومن ثم اتخاذ محكمة العدل العليا قراراً في الثالث من تشرين الأول/ أكتوبر يقضي باستكمال إجراء انتخابات في الضفة، وتعليق إجرائها في القطاع، لحين إصدار قرار من مجلس الوزراء لتحديد إجرائها في غزة، “لعدم قانونية المحاكم في القطاع”. فقد طغى التنافس بين حركتي فتح وحماس على ترميم “شرعية” المؤسسات التي تسيطر عليها كل منهما في الضفة والقطاع على ما سواه من عوامل مؤثرة في البيئة المحيطة بالانتخابات.

وأشارت تقديرات إلى أن حماس بموافقتها على قرار إجراء الانتخابات والمشاركة فيها كانت ستكون الرابح الأكبر في سباق ترميم “الشرعية”، حتى وإن لم تحقق فوزاً جديراً بالاحتفاء في الانتخابات، لو قدر لها أن تجرى وفق الترتيبات السابقة، إذ كانت ستنتزع إقراراً غير مسبوق من السلطة في رام الله بشرعية المؤسسات المدنية والأمنية والقضائية في قطاع غزة، بقبول إشرافها على العملية الانتخابية هناك، عقب سنوات من الانقسام وصفت خلالها هذه المؤسسات باعتبارها مؤسسات “الانقلاب” على “شرعية السلطة”. كما انتزعت إقراراً بشرعية نشاطها السياسي المعلن في الضفة الغربية بالرغم من الانتهاكات التي تعرض لها نشطاؤها وعدد من المرشحين المحسوبين عليها.

إن حصر وظيفة الانتخابات المحلية بالتنافس على ترميم “شرعية” المؤسسات القائمة في ظلّ الانقسام، بدلاً من اعتبارها “بروفة” لإعادة بناء شرعية النظام السياسي الفلسطيني على أساس برنامج سياسي مشترك ومؤسسات وطنية موحدة، لعب دوراً في تأجيج الصراع على “شرعية” كل من طرفي الانقسام. وهو ما أدى إلى ممارسة الأجهزة الأمنية التابعة لكل منهما، في الضفة والقطاع، للعديد من الانتهاكات، وتبادُل الطرفين الاتهامات بشأن ممارسة ضغوط عبر الاعتقال، والتهديد، والاعتداء بالضرب، قبل وبعد تشكيل القوائم الانتخابية.

ثالثاً: الخلاف الفتحاوي:

خلافاً للاعتقاد بعدم جاهزية حركة فتح في قطاع غزة لخوض الانتخابات المحلية بقوائم موحدة بسبب الصراع الداخلي مع تيار عضو اللجنة المركزية المفصول محمد دحلان، جاء النجاح في تحقيق توافق فتحاوي داخلي على تشكيل قوائم موحدة في القطاع مفاجئاً للكثيرين، وبضمنهم حركة حماس التي راهنت على عدم وحدة صفوف فتح كأحد العوامل المعززة لفرص فوزها في معظم البلديات في قطاع غزة.

في المقابل، لم تتمكن فتح من تشكيل قوائم موحدة في عدد من المواقع في الضفة الغربية، وهددت قيادة الحركة بإجراءات صارمة بحق من يترشح خارج القوائم الرسمية للحركة، وهو ما حدث بفصل ثلاثة كوادر من عضوية فتح بقرار رئاسي، هم: رئيس بلدية أريحا السابق اللواء حسن صالح، ووزير الحكم المحلي خالد فهد القواسمة، ونائب رئيس بلدية الخليل جودي أبو اسنينة.

وقد بدا كأن هناك تهدئة داخلية في حركة فتح، على الأقل من جانب تيار دحلان الذي كان على علم مسبق بخطة عربية لتحقيق مصالحة داخلية في فتح، معتقداً أن الرئيس محمود عباس لن يستطيع التملص منها. وسرعان ما انقلبت إشارات التهدئة الداخلية إلى خلاف أشد من السابق مع الكشف عن خطة اللجنة الرباعية العربية (مصر، والأردن، والسعودية، والإمارات) التي نشرتها وسائل الإعلام في الرابع من أيلول/ سبتمبر الماضي، وتحدد خريطة طريق تبدأ بتحقيق مصالحة فتحاوية أساسها عودة دحلان إلى عضويته في اللجنة المركزية، وإعادة المفصولين من فتح والسلطة إلى مواقعهم السابقة.

غير أن تصريحات الرئيس عباس في الثالث من أيلول/ سبتمبر الماضي، التي تحدث فيها عن عواصم عربية تتدخل في الشأن الفلسطيني الداخلي، وكذلك تصريحات بعض قادة حركة فتح، أظهرت رفضاً مطلقاً لعودة دحلان وفق خطة “الرباعية العربية”، حتى ولو كان الثمن حدوث ضرر على المدى القصير في العلاقة مع بعض الدول العربية. وترافق ذلك مع أنباء عن ضغوط عربية لتأجيل الانتخابات المحلية إلى ما بعد تنفيذ المرحلة الأولى من الخطة، أي المصالحة الفتحاوية.

وربما تقدم رغبة الرئيس في إجهاض هذا الحراك العربي، تفسيراً للمسارعة نحو اعتماد خريطة طريق بديلة هدفها إحباط الخطة العربية، على أن تبدأ بعقد المؤتمر العام لحركة فتح قبل نهاية السنة، وانتخاب لجنة مركزية جديدة تغلق الطريق مرة وللأبد، أمام أي ضغوط لعودة دحلان إلى عضويتها، ومن ثم التحضير لعقد المجلس الوطني الفلسطيني، بالتوازي مع استئناف حوارات المصالحة برعاية قطرية، أملاً بالتوصل إلى اختراق في ملف المصالحة يتيح التوافق على تشكيل حكومة وحدة وطنية وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية خلال ستة أشهر، أو التوافق على التوجه مباشرة إلى الانتخابات في حال تعذر الاتفاق على تشكيل الحكومة. ولو تحقق ذلك، يكون الرئيس عباس قد قلب أولويات خريطة الطريق وفق الخطة العربية رأساً على عقب.

رابعاً: تسييس القضاء:

كشف قرار إجراء الانتخابات المحلية، والتداعيات التي رافقت التحضير لها، عن تأثير الانقسام السياسي والمؤسساتي على الجهاز القضائي في الضفة والقطاع، والمخاطر الكارثية لتوظيف أحكامه لأغراض سياسية، فضلاً عن الملاحظات الانتقادية لدور نقابة المحامين في هذا السياق.

وقد تعرض اتفاق لجنة الانتخابات المركزية مع حركة حماس على البت في الطعون من قبل القضاء ومحاكم البداية في القطاع، لانتقادات من أوساط سياسية وقانونية مقربة من فتح، باعتباره يضفي الشرعية على محاكم “غير قانونية”، وهو ما دفع فتح إلى رفض بتّ المحاكم في القطاع بالطعون المقدمة إليها، وتشجيع اللجوء من قبل محامين محسوبين على فتح إلى محكمة العدل العليا بدعوى طعنت في شرعية المحاكم التابعة لحركة حماس في القطاع، وطلبت في ضوء ذلك إلغاء الانتخابات.

في المقابل، قدمت طعون بحق عدد كبير من قوائم فتح في القطاع، ما أدى إلى إسقاط تسع قوائم في خطوة عدَّها الناطق باسم فتح في غزة فايز أبو عيطة “مجزرة من قبل محاكم حركة حماس ضدّ قوائم فتح” (وكالة معاً الإخبارية، 8/9/2016).

أما فيما يتعلق بموقف نقابة المحامين الذي استند إليه الطعن المقدم إلى محكمة العدل العليا، فقد فنّد مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية دعوة النقابة لإرجاء الانتخابات وفق الحيثيات الواردة في بيان النقابة المنشور يوم 24 آب/ أغسطس الماضي، وأهمها “الفراغ القانوني” في القطاع، المتمثل في الرقابة على العملية الانتخابية من الناحية القانونية ونتائجها، و”استثناء مدينة القدس من إجراء الانتخابات فيها، واستثناء المقدسيين من المشاركة في العملية الانتخابية برمتها”، لا سيّما أن هذا البيان جاء بعد ما يزيد على شهرين من قرار مجلس الوزراء الصادر في 21 حزيران/ يونيو الماضي بإجراء الانتخابات المحلية، ودون أن يوضح “سبب سكوت النقابة” طيلة هذه الفترة، قبل المطالبة بالتأجيل في خضم العملية الانتخابية، حسب بيان أصدره المجلس في 25 آب/ أغسطس.

كما وجهت عدة مؤسسات حقوقية رسالة إلى الرئيس عباس، شددت فيها على “ضرورة صيانة استقلالية القضاء وإبعاده عن أية تجاذبات أو تأثيرات سياسية”، وطالبت بالالتزام بإجراء الانتخابات المحلية وتذليل أيّ عقبات يمكن أن تعترض إجراءها (وكالة معاً الإخبارية، 20/9/2016).

ويعتقد بعض المراقبين والقانونيين أن تسييس القضاء واستخدامه لتأجيل الانتخابات، حتى ولو استدعى ذلك نزع قانونية المحاكم في قطاع غزة، أحد أخطر التداعيات التي يمكن أن تنجم عن الصراع الداخلي، وخصوصاً من حيث تأثيره السلبي على وحدة النسيج المجتمعي في قطاع غزة. إذ إن نزع الشرعية عن أحكام القضاء والمحاكم، وهو الأمر الجوهري في قرار محكمة العدل العليا، يعني التشكيك في المراكز القانونية التي ترتبت على هذه الأحكام، وفتح المجال أمام المتضررين لإعادة الطعن فيها لاحقاً. ويدور الحديث عن آلاف الأحكام في قضايا تتعلق بحياة ومصالح الناس، بدءاً من النزاعات حول الأراضي والملكيات والحقوق وليس انتهاء بعقود الزواج والطلاق.

كما أن التداعيات المستقبلية لقرار المحكمة سوف تلقي بظلالها على فرص التوافق على اقتراح حركة فتح ذاتها بالتوجه مباشرة إلى الانتخابات الرئاسية والتشريعية في حال تعذر الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية، طالما بقيت المؤسسات المدنية والأمنية على حالها من انقسام، حتى ولو تمت معالجة قضية المحاكم بحصر صلاحيات النظر في الطعون بمحكمة خاصة بقضايا الانتخابات. إذ سوف تبقى إمكانية الطعن بمدى قانونية إشراف المؤسسات المدنية والأمنية في القطاع على الانتخابات العامة مشكلة مستعصية الحل في ضوء ما شكله قرار محكمة العدل الأخير من سابقة “قانونية” قابلة للقياس عليها مستقبلاً.

ماذا بعد قرار التأجيل؟

إن اللجوء إلى محكمة العدل العليا لتحقيق أغراض سياسية فئوية يبدو كالصعود إلى قمة الشجرة، ويفتح الباب أمام مخاطر جمة لجهة تحويل حالة الانقسام في المؤسسات إلى انفصال بينها، الأمر الذي يتطلب دراسة السيناريوهات المتعلقة بمصير الانتخابات المحلية بقدر عال من المسؤولية الوطنية، والعمل على إنجاح السيناريو الأكثر خدمة للشعب الفلسطيني ولهدف إنهاء الانقسام.

وبالرغم من أن تطورات عدة مرشحة للحدوث بشكل يؤثر على محاولة التنبؤ اليوم بمآلات الانتخابات المحلية بعد أربعة أشهر، إلا أن استقراء العوامل ذات العلاقة يتيح إمكانية الاجتهاد في تحليل السيناريوهات الرئيسية الآتية:

السيناريو الأول: إجراء الانتخابات في الضفة والقطاع:

ينسجم هذا السيناريو مع قرار الحكومة “بإجراء انتخابات الهيئات المحلية في كافة أرجاء الوطن في يوم واحد، إيماناً منا بوحدة الوطن، ووحدة الشعب، وحرصاً على استعادة الوحدة وإنهاء الانقسام، وتوحيد مؤسسات الوطن في إطار الشرعية والقانون” (وكالة معاً الإخبارية، 4/10/2016). لكن تحويل هذا الإيمان والحرص إلى واقع لا يبدو ممكناً دون توفير متطلباته عبر التوافق بين حركتي فتح وحماس وباقي الفصائل، وهو أمر صعب في ضوء حيثيات قرار المحكمة العليا التي رفضتها حماس.

وكان قد جرى التداول بشأن عدة مخارج قبل صدور هذا القرار، منها سحب الدعوة أمام محكمة العدل، والاتفاق على موعد جديد، على أن يتم سحب قوائم لكل من الحركتين في بعض المواقع. وقد صرح المتحدث باسم حماس سامي أبو زهري بأن الحركة رفضت عرضاً من فتح، عن طريق وسطاء، يقضي بتنازل حماس عن قائمة خانيونس مقابل تنازل فتح عن قائمة طولكرم، وبناء على ذلك يتم إجراء الانتخابات بعد شهر من موعدها المحدد سابقاً في الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر، معتبراً ذلك “دليلاً على تسييس قرار وقف الانتخابات” (موقع فلسطين اليوم، 25/9/2016).

وهناك من طرح مخرجاً آخر قوامه الاتفاق على موعد لإجراء الانتخابات مع تأجيلها في خانيونس، حيث قدمت معظم الطعون ضدّ قوائم فتح، على أن تعاد مجمل إجراءات العملية الانتخابية في خانيونس، بما في ذلك إعادة تشكيل وتسجيل القوائم الانتخابية.

أما المخرج الآخر، فكان يتمثل بالتوافق على إلغاء الانتخابات برمتها، ومن ثم إصدار قرار جديد بإجرائها، بما يشمل إعادة مجمل الإجراءات، بدءاً من إعداد ونشر سجل الناخبين وتسجيل القوائم والاعتراض وصولاً إلى الاقتراع، مع إمكانية تعديل القانون بالتوافق، بما يتيح تشكيل محكمة خاصة بقضايا الانتخابات المحلية.

وبالرغم من أن سيناريو إجراء الانتخابات المحلية في الضفة والقطاع هو المفضل، إلا أنه لا يبدو الأكثر ترجيحاً حتى الآن. فالتحضير لإجراء الانتخابات بعد أربعة أشهر بات يتطلب الالتزام بحيثيات قرار محكمة العدل، وخصوصاً “توفير البيئة القانونية لإجراء الانتخابات”، كما ورد في نصّ قرار الحكومة بتأجيل الانتخابات. والمقصود بذلك إيجاد مخرج لا يضفي “شرعية” على المحاكم في قطاع غزة، مما يعني إصدار مرسوم بتشكيل محكمة خاصة بقضايا الانتخابات تتولى صلاحية البت في الطعون، بعد إدخال تعديلات على قانون انتخاب مجالس الهيئات المحلية الذي ينص على أن تُقدم الطعون أمام المحكمة المختصة، وهي محكمة البداية في كل محافظة.

ربما كان يمكن لحركة حماس أن تدرس الموافقة على كل ذلك قبل صدور قرار المحكمة العليا، لكن سوف يكون من الصعب عليها، إن لم يكن من المستحيل، أن توافق على ذلك بعد قرار المحكمة، لأن الموافقة تعني إقراراً ضمنياً بالسياق الذي يندرج ضمنه هذا القرار، وهو “نزع الشرعية” عن القضاء والمحاكم في القطاع.

ولو تمّ افتراض قبول حماس بتضحية كهذه، فلا توجد ضمانات بأن لا يتم استدعاء محكمة العدل العليا لاحقاً لتقديم دعوى جديدة تطعن بشرعية إشراف المؤسسات المدنية والأمنية في القطاع على عملية الانتخابات المحلية، مع إمكانية انسحاب ذلك على الانتخابات العامة في حالة التوافق على إجرائها.
لذلك، فإن تحقق سيناريو إجراء الانتخابات المحلية في الضفة والقطاع، يبقى مرهوناً بالاستجابة لدعوة القوى الوطنية والإسلامية، في ختام اجتماع لها في غزة عقب صدور قرار تأجيل الانتخابات، “لإطلاق حوار وطني فلسطيني جاد مسؤول يقود إلى إنجاز المصالحة، واستعادة الوحدة الوطنية، ومعالجة أزمة النظام السياسي الفلسطيني برمته”. أي بالتوافق الوطني على خريطة طريق لإنهاء الانقسام، تشمل تشكيل حكومة وطنية قادرة على الشروع بعملية إعادة توحيد المؤسسات المدنية والأمنية والقضائية، بما يساعد على إيجاد مخارج لمعالجة المشكلات التي أعاقت —وما تزال— إجراء الانتخابات.

السيناريو الثاني: إلغاء الانتخابات:

وهو احتمال وارد في حالة قيام الرئاسة والحكومة بإدخال تعديلات على قانون انتخاب مجالس الهيئات المحلية لا تحظى بتوافق وطني، وتثير موجة من الانتقادات في أوساط الفصائل والمنظمات الحقوقية والأهلية، وتؤدي إلى توسيع دائرة المقاطعة الوطنية والشعبية لإجراء الانتخابات، إضافة إلى رفض حماس تأجيل الانتخابات، وتمسكها بـ”استكمالها من حيث انتهت”، كما صرح أبو زهري، الذي عدَّ قرار التأجيل “نوعاً من التخبط والتهرب من الاستحقاقات الانتخابية، خدمة لمصالح فتح الفئوية”، مؤكداً رفض “أيّ مساس بشرعية المؤسسات القائمة في غزة” (وكالة سما الإخبارية، 4/10/2016).

ويُعدُّ هذا السيناريو أسوأ الاحتمالات في ضوء تداعياته على فرص إنهاء الانقسام، وعلى المكانة القانونية للقضاء والمحاكم في قطاع غزة بحكم الأمر الواقع. إذ إن عدم إمكانية إجراء الانتخابات في قطاع غزة بسبب مقاطعة حماس، وإمكانية تطور مواقف تطالب بالمقاطعة من قبل فصائل أساسية ومنظمات أهلية، قد تفضي للجوء إلى خيار تأجيل الانتخابات إلى أجل مسمى دون إعلان موعد محدد، ما يعني عملياً إلغاء الانتخابات.

هناك عوامل أخرى قد تدفع باتجاه سيناريو إلغاء الانتخابات، وخصوصاً خطر الانزلاق “المقصود” نحو حالة من الفوضى والفلتان الأمني في الضفة. وهو خطر قد يدفع باتجاهه الاحتلال، أو أصحاب المصلحة في عدم إجراء الانتخابات. فقد حذرت بعض التقارير الإعلامية من مخاطر تطور التدخل الإسرائيلي إلى حدّ إثارة حالة من الفوضى “المسيطر عليها” عشية إجراء الانتخابات المحلية، من خلال إشاعة الفوضى والتقاتل الداخلي، لا سيّما في البلدات والقرى الواقعة في المنطقتين ب وج (موقع فلسطين اليوم، 30/8/2016).

كما أن حالة الفوضى قد تتطور نتيجة لاحتدام الصراعات على مواقع القوة والنفوذ في الضفة، وانتشار السلاح بأيدي العائلات في العديد من المناطق. ولعل ما يعزز المخاوف من هذا الخطر المواجهات بين فينة وأخرى بين قوى الأمن ومسلحين تعدُّهم مطلوبين لها في نابلس وغيرها، والخشية من تطور الصراع الداخلي في فتح على خلفية تفاقم الخلافات مع تيار دحلان، وصعوبة إعادة تشكيل قوائم موحدة لحركة فتح في المستقبل، لا سيّما أن الانتخابات المحلية سوف تجرى وفق قرار الحكومة بعد المؤتمر العام السابع لحركة فتح الذي تجري ترتيبات لعقده قبل نهاية السنة على أساس إقصاء دحلان والمؤيدين له، ما يهدد باحتدام الصراع على مواقع القوة والنفوذ، وخصوصاً في الضفة.

السيناريو الثالث: إجراء الانتخابات في الضفة:

ثمة أصوات تطالب بإجراء الانتخابات في الضفة الغربية فقط، لا سيّما أن ذلك كان الهدف من قرار إجراء الانتخابات المحلية في ضوء الرهان على رفض حماس لإجرائها في القطاع. ويرى أصحاب هذا الرأي أن قرار محكمة العدل العليا يتيح إجراء الانتخابات في الضفة، مع إمكانية تأجيلها في القدس إلى مرحلة لاحقة كإجراء يتيحه القانون، أو حتى تجزئة إجراء الانتخابات على مراحل كما حدث في المرة السابقة، بما يتيح إجراء الانتخابات في المواقع التي تضمن فتح الفوز فيها، وتأجيلها بانتظار توفر شروط الفوز في مواقع أخرى.

يبدو هذا السيناريو مرجحاً لعدة أسباب، من أهمها:

– رفض حماس لقرار محكمة العدل العليا من الأساس، وصعوبة قبولها المشاركة في عملية انتخابية تتأسس على المساس بشرعية المؤسسات المدنية والأمنية والقضائية القائمة في القطاع، مما يعني أن فرصة السماح بإجراء الانتخابات في القطاع تبدو شبه معدومة.

– عدم وجود مؤشرات على إمكانية تحقيق اختراق ذي مغزى في ملف المصالحة خلال الأشهر الأربعة القادمة يتيح تشكيل حكومة وحدة وطنية تشرف على الانتخابات، أو التوافق على التوجه مباشرة إلى الانتخابات الرئاسية والتشريعية، لا سيّما أن أولويات حركة فتح تنصب على عقد المؤتمر العام وحسم الخلاف مع دحلان، في حين تنشغل حماس بانتخاباتها الداخلية وقضية خلافة رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل.

– عدم وجود ضمانات تحول دون إعادة استدعاء القضاء كلما دعت الحاجة لإقصاء الخصوم والمنافسين، مما يبقي سيف تسييس القضاء مشهراً في وجه أيّ عملية انتخابية، حتى ولو تراجعت حماس عن موقفها وقبلت بإجراء الانتخابات في القطاع.

– الحاجة إلى تجديد الشرعيات المتآكلة للسلطة في الضفة، ولو على مستوى الهيئات المحلية، وحاجة حركة فتح لإظهار وجود التفاف حولها عبر عملية انتخابية لا منافسين جديين لها في الضفة، وهي حاجة يتوقع أن تزداد في حالة النجاح في عقد المؤتمر العام للحركة كأداة لحسم الخلافات الداخلية، وقطع الطريق على فرص تجدد تدخل “الرباعية” العربية.

– إمكانية تفاقم الخلافات الداخلية في فتح، لا سيّما في قطاع غزة، حيث يتمتع تيار دحلان بثقل يهدد فرص نجاح قوائم الحركة الرسمية في حالة تشكيلها، على قاعدة إقصاء مرشحين مؤيدين لدحلان في ضوء نتائج المؤتمر العام القادم. وهو ما قد يشجع على إجراء الانتخابات في الضفة فقط.

من شأن تطور فرص تحقق هذا السيناريو، في ضوء توقع تزايد وزن وتأثير العوامل السابقة، أن يطيح بالرهان على إمكانية أن تشكل الانتخابات خطوة باتجاه إنهاء الانقسام وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، بل وأن يهدد بتحويل الانقسام إلى انفصال مؤسساتي.

استنتاجات وتوصيات:

تؤكد تداعيات قرار إجراء الانتخابات المحلية، ومن ثم توظيف القضاء كوسيلة لتأجيلها وإلغاء جميع الترتيبات السابقة، إلى أهمية إدراك وظيفة الانتخابات في البيئة والظرف الفلسطيني، من حيث استحالة إجراء انتخابات محلية أو عامة حرة ونزيهة تحت الاحتلال، إلا إذا ضمن أن نتائجها ستخدم أهدافه وسياساته. كما أن الانقسام الداخلي لا يمكن أن يوفر أجواء تتسم بالحرية والنزاهة لأي عملية انتخابية قبل إعادة توحيد المؤسسات المدنية والأمنية للسلطة في الضفة والقطاع على أساس برنامج سياسي واحد وقيادة موحدة. ويمكن في هذا الإطار تسجيل الاستنتاجات والتوصيات الآتية:

– عندما يتعلق الأمر بالانتخابات المحلية، لا يمكن الفصل بين وظيفتها الوطنية والخدماتية، وخصوصاً عندما تتراوح خيارات الاحتلال ما بين التدخل لإلغاء الانتخابات أو التدخل لتطويع نتائجها لخدمة خطة ليبرمان. ويقتضي ذلك استعادة سياق الانتخابات المحلية سنة 1976، التي كانت محطة ضمن المعركة الوطنية لإحباط أهداف الاحتلال في فرض هيئات محلية شبيهة بروابط القرى العميلة، بالرغم من دفع الفائزين ضمن التيار الوطني ثمناً باهظاً وصل إلى درجة تعرض بعضهم لمحاولات اغتيال. وترافقت هذه المعركة مع نهوض وطني مماثل في الفترة ذاتها في أراضي 1948، كانت من أبرز محطاته معركة يوم الأرض في 30/3/1976. وإن تعذر إجراء الانتخابات على قاعدة استعادة سياق سنة 1976، يمكن استعادة سياق النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي في التعامل مع البلديات وفق مبدأ التعيين، مع الاستفادة من دروس تلك التجربة، وفي مقدمتها ضرورة تعيين المجالس البلدية والمحلية بالتوافق الوطني في غياب القدرة على إجراء انتخابات حرة ونزيهة.

– لا تشكل الانتخابات المحلية أو العامة مدخلاً لإنهاء الانقسام، بل قد تؤدي إلى تعميقه أو إدارته، ما لم يتم التوافق أولاً على رؤية وطنية شاملة لإعادة بناء الوحدة الوطنية، وليس تحقيق المصالحة بمفهومها الضيق بين حركتي فتح وحماس، مع توافق على آليات ومراحل تحقيق ذلك. ويعدُّ التوافق على برنامج سياسي مشترك الحجر الأساسي في هذه العملية، من أجل استعادة إطار التحرر الوطني لكفاح الشعب الفلسطيني. ولكي لا تتحول الانتخابات المحلية من فرصة إلى تهديد، ينبغي أن تشكل محطة تخدم إعادة بناء المؤسسات الوطنية الموحدة على مستوى منظمة التحرير والسلطة.

– إن السيناريو المفضل، وإن لم يكن مرجحاً، هو إجراء الانتخابات المحلية في الضفة والقطاع، وهو أمر ممكن في حالة التوافق على تذليل العقبات التي برزت خلال الفترة الماضية. وينبغي تركيز الجهود على تحويل هذا السيناريو إلى خيار يقدم من خلاله الشعب الفلسطيني وقواه السياسية ومنظماته الأهلية نموذجاً على أن التوافق ممكن، بل وضروري، إذا توفرت الإرادة السياسية، بما يفتح الطريق أمام تعميم هذا النموذج ليشمل التوافق على معالجة مختلف ملفات الانقسام، وبضمنها توحيد جهازي القضاء والنيابة العامة.

– يُعدُّ تسييس القضاء من أخطر تداعيات حالة الانقسام، ومن شأن توظيف أحكامه لأغراض سياسية فئوية، أن يفتح الباب أمام مخاطر تهدد النسيج المجتمعي، لا سيّما في ضوء نزع الشرعية عن القضاء وأحكامه بما يمس بالمراكز القانونية المترتبة على هذه الأحكام في قطاع غزة. إن معالجة الخلاف السياسي ينبغي أن تتم عبر معادلة الصراع والحوار على قاعدة الوحدة، بعيداً عن تطويع القانون لخدمة الصراع السياسي. كما أن اللجوء إلى الأجهزة الأمنية للضغط على المرشحين والناشطين في العملية الانتخابية في الضفة والقطاع لا يعني سوى توسيع حالة عدم الثقة بأهليتها في توفير الحماية لمجمل مراحل العملية الانتخابية.

* يتقدم مركز الزيتونة للأستاذ خليل شاهين مدير البرامج في المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية (مسارات) في رام الله بخالص الشكر على الإسهام في إعداد المسودة التي اعتمد عليها هذا التقدير.

 

لتحميل التقدير، اضغط على الرابط التالي:

>> التقدير الاستراتيجي (92): الانتخابات المحلية الفلسطينية .. السياق وسيناريوهات ما بعد التأجيل Word (15 صفحات، 89 KB)

>> التقدير الاستراتيجي (92): الانتخابات المحلية الفلسطينية .. السياق وسيناريوهات ما بعد التأجيل  (15 صفحات، 987 KB)

مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 6/10/2016

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي مجموعة التفكير الاستراتيجي

قيم الموضوع
(0 أصوات)
Go to top