التدخلات الخليجية في معركة طرابلس

( تقييم حالة )

كتب / محمود المنير

تشير مجريات المعارك التي تشهدها طرابلس حاليا بين قوات المشير حفتر من ناحية ، وقوات رئيس الحكومة المدعومة دوليا بقيادة الرئيس فائز السراج إلى انعكاس الأزَمَة الخليجيّة على الأراضي الليبيّة ، وتشير التقارير الواردة إلى أن معركة طرابلس قد تكون الأخيرة والحاسِمَة ، وتتباين التوقعات حول من سيخرُج رابحا فيها ، في هذا التقرير نرصد خلفيات المشهد وتغيراته ودلالاته وتداعياته المحتملة ، والدور الخليجي في المشهد الليبي المعقد بأبعاده المختلفة .

الإعراب عن القلق من تطوّرات الأوضاع في ليبيا هو القاسِم المُشترك لجميع البيانات والتّصريحات التي تصدُر عن جهاتٍ دوليّةٍ عديدة تعليقا على حملة حفتر العسكرية على طرابلس ، بِما في ذلك مجلس الأمن الدوليّ الذي عقد جلسةً طارئةً مساء الجمعة 5/4/2019، لكن هذا السيل الجارف من بيانات الشجب والدعوة إلى التهدئة والحوار قد لا يعكس الصورة و الرغبة الحقيقة وراء الأحداث ، لأن الشواهد الميدانية تعكِس رغبةً أخرى وهي دعم المُشير حفتر وزحف قوّاته نحو العاصمة طرابلس بذريعة القضاء على الإرهاب لخلق واقع جديد يمكن التفاوض عليه مستقبلاً بين الأطراف المتنازعة .

خطوات محسوبة

من الواضح أنه لم يكن بإمكان المشير حفتر اتخاذ قراره الخطير بالتحرك العسكري نحو غرب ليبيا دون موافقة ضمنية من عدة دول، حيث إن الدعم السعودي والإماراتي مهم جدا بالنسبة لحفتر بعد تأكده من الموقف المصري الداعم له، ووفقا للعديد من المراقبين فإن جولته الأخيرة كانت لإعلام القيادة السعودية بما تم الاتفاق عليه مع أبوظبي ولتستخدم السعودية ما لها من نفوذ على بعض الدول العربية لإلزامها بالصمت وطمأنتها بشأن توابع التحرك العسكري في ليبيا".(1)

لذا بات من المؤكد أن المشير حفتر أقدم على هذه الخُطوة في توقيتٍ محسوبٍ بعناية، وبعد أن أخذ الضّوء الأخضر من دول خليجيّة ودوليّة كُبرى، إقليميًّا مِثل المملكة العربيّة السعوديّة والإمارات ومِصر التي زارها قبل أن يُطلق حملته المحمومة نحو طرابلس، ودوليًّا مِثل روسيا وفرنسا وأمريكا التي لا تُخفي رغبتها في وضع حدٍّ لحالة الفوضى في هذا البلد العربيّ الأفريقيّ، الذي يدفع ثمن تدخّل حِلف "الناتو" عام 2011 الذي أدّى إلى تغييرِ النّظام فيه، وتحويله إلى قاعدة انِطلاقٍ للهِجرة غير الشرعيّة نحو أُوروبا، وإحداث فوضى فى نظامه السياسي وانقسامه يصعب رأب الصدع فيه أو التئامه

تدخلات خارجية

 

                             ط2

 

 

تسببت التحركات الأخيرة التي قام بها اللواء الليبي خليفة حفتر نحو العاصمة طرابلس في تعقيدات وردود فعل غاضبة محليا ودوليا، وسط تساؤلات عن أسباب هذه الخطوة الآن ومن يدعمها، وما إذا كان لحلفاء حفتر الإقليميين "مصر والإمارات والسعودية" دور في هذا الهجوم.

وأعلن حفتر رسميا عبر كلمة مسجلة عن بدء عملية "تحرير" طرابلس، مطالبا قواته بدخول العاصمة، معتبرا أن تحركاته جاءت استجابة "لأهالي طرابلس"، هاتفا: "لبيك طرابلس لبيك".

ويرى البعض في الأزمة الليبية الحالية وجود دلائل وشواهد لتدخل لاعبين رئيسيين يديرون المشهد ويؤثرون فيه ، وأن الأزمة الحالية هي انعكاس للخلاف بين الإمارات والسعودية ومصر من جانب، وتركيا وقطر من جانب آخر. ولهذا تسعى تلك الدول للتأثير على سير الأحداث وفرض نفوذها في ليبيا.

واعتبرت مصادر ليبية في حكومة الوفاق أن "حجم العتاد العسكري وقدرات التسليح لدى العناصر المتقاتلة يشير إلى أن أطرافاً دولية تتداخل في المشهد بشكل واضح"، قائلة "خاطبنا أطرافاً في دول الجوار للتعاون معنا في السيطرة على المشهد، وفوجئنا بمواقف أقل ما يتم وصفها بأنها سلبية". ولفتت إلى أن "هناك تصريحات سابقة لمعسكر الشرق الليبي تؤكد على نواياها في السيطرة على المشهد عسكرياً، وعدم إيمانها بالحل السياسي".(2)

على صعيد متصل خصص معهد دول الخليج في واشنطن تقريرا عن زيارة خليفة حفتر إلى السعودية وأبعادها، وذكر التقرير أنه في 27 مارس2019، استضاف العاهل السعودي الملك سلمان اللواء خليفة حفتر لإجراء محادثات في قصر اليمامة الملكي في الرياض وأن الهدف من زيارة حفتر للرياض كان للبحث عن زيادة دعمه لتوسيع عملية الكرامة غرب طرابلس في معركة دامية ضد عشرات القوات الليبية والتي تعتبر حفتر تهديدًا خطيرًا لها. (3)

وبين التقرير أن العامل الديني هو إحدى الركائز المهمة للتأثير السعودي على الجهات الفاعلة الليبية، وخاصة الدور الذي تلعبه الحركة الأصولية للمدخليين على الساحة السياسية في البلاد هذه الحركة الإسلامية، التي اكتسبت أرضًا في مصر وشبه الجزيرة العربية خلال أواخر القرن العشرين بشكل أساسي كرد فعل على نشاط الإخوان المسلمين، (تتبع ربيع المدخلي، وهو سلفي من السعودية) .(4)

وقد سعى هؤلاء الداعمون للمدخلي إلى دعم حفتر بين عدد أكبر من الليبيين في منطقة بنغازي، فلقد دعا بعض رجال الدين في المساجد بضرورة قيام جميع الليبيين بدعم حفتر والجيش الليبي بينما يعارضون الإخوان المسلمين وغيرهم من الإسلاميين الذين قاوموا قيادة حفتر، على الرغم من أن الجماعات السلفية الليبية متنوعة وتنقسم على أسس سياسية، فإن الدعم الذي حصل عليه حفتر من المدخلي ساهم بلا شك في قوته السياسية والعسكرية ميدانيا.

واعتبرت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن الدعم الذي حصل عليه الجنرال خليفة حفتر، من الإمارات ومصر وفرنسا، هو سبب تجدُّد الصراع في ليبيا، من خلال محاولته السيطرة على العاصمة طرابلس. (5)

وأكد العميد محمد القنيدي، آمر الاستخبارات العسكرية التابعة قوات "البنيان المرصوص"، أن الإمارات والسعودية ومصر ترعى تحركات اللواء المتقاعد خليفة حفتر نحو طرابلس.

وقال إن الإمارات نقلت معركتها مع الإسلام السياسي إلى ليبيا وإنها تريد القضاء على الإخوان المسلمين، وتتخذهم "شماعة لإجهاض الثورة الليبية رغم محدودية تأثيرهم في المشهد السياسي".(6)

وقال القنيدي في تصريح لـ"الخليج أونلاين، يوم الجمعة5/4/2019، إن الدول العربية الثلاث تدعم "آمر مليشيات الكرامة (حفتر)" بهدف خلق سيسي جديد في ليبيا، على حد قوله.(7)

وكشف التقرير السنوي للجنة العقوبات الدولية الخاصة بليبيا عن خرق الامارات وبصورة متكررة نظام العقوبات الدولية المفروضة على ليبيا من خلال تجاوز حظر التسليح المفروض عليها منذ سنة 2011، وذلك عن طريق تقديم الدعم العسكري لقوات حفتر على أنها شحنات مواد غير قاتلة.

ومن شأن استمرار تدفق السلاح إلى ليبيا وخرق الحظر الأممي، حسب خبراء، إطالة أمد الحرب، وإبقاء ليبيا فريسة لحالة الفوضى والانقسام وأوضح التقرير أن الإمارات بمساعدة السعودية نقلت 195 آلية (يبك_آب) قتالية إلى طبرق لصالح حفتر، كما دعمته بطائرات عمودية هجومية من طراز (إم آي 24 بي ) بيلا روسية التصنيع، بالإضافة إلى تطوير قاعدة الخادم «الخروبة» جنوب المرج بتزويدها بالطائرات وبناء حظائر لها.

وسبق أن كشفت «مجلة تايم» أن الإمارات أنشأت قاعدة عسكرية في مطار الخادم على بعد نحو 100 كلم من مدينة بنغازي في 2016، تنطلق منها طائرات هجومية من طراز 802-AT وأخرى بدون طيار من طراز وينق-لوونق لدعم قوات ما يسمى بعملية الكرامة التي يقودها حفتر.(8)

ومن جانبها أكدت الأمين العام لحزب الجبهة الوطنية الليبي، فيروز النعاس أنه "بدون دعم مصر والإمارات لا يستطيع حفتر أن يتقدم خطوة، ومن خلال الاستعراض العسكري الذي تم بثه يتضح درجة الدعم المتحصل عليها، وهذه الدول مجرد أدوات في يد فرنسا لتحقيق أطماعها في المنطقة".

الخبير الاستراتيجي الليبي محمد فؤاد يؤكد أن "حظر التسليح على ليبيا ممتد منذ 2011، إلا أن دولاً مثل مصر والإمارات أدخلت كميات كبيرة من الأسلحة بصورة غير قانونية، رغم قرار مجلس الأمن وتقارير البعثة الأممية التي كشفت عن ذلك، إلا أن مجلس الأمن لم يتدخل حيال تلك التطورات". (9)

جدير بالذكر أن الدّعم العسكري والسياسي من قبَل المُثلّث السعودي المصري الإماراتيّ لقوّات الجيش الوطني الليبي بقِيادة المُشير حفتر لم يتوقّف طِوال السّنوات السّبع الماضي، واشتمل على دبّابات وعربات مُدرّعة، ومُعدّات عسكريّة مُتقدّمة، بينها طائرات حربيّة، علاوةً على عشرات المِليارات من الدّولارات.

ادعاءات اماراتية ضد قطر وتركيا

على الجانب الآخر نشرت صحيفة البيان الاماراتية تقريرا نسبته لخبراء فرنسيون حول تطورات الأوضاع في ليبيا حيث وصفوها بـ «المقلقة»، مؤكدين لـ «البيان» أن التنظيمات الإرهابية والمليشيات المدعومة من الخارج «تركيا وقطر»، سعت لإغراق البلاد والسيطرة عليها، بما ينسف مساعي الوفاق في البلاد لصالح أجندة «تركيا»، وهو ما أكدته عمليات ضبط السلاح التركي المهرب للمليشيات والتنظيمات الإرهابية، وتحريض رؤوس الإرهاب الهاربين إلى قطر، وعلى رأسهم مفتي الإرهاب المعزول من قبل مجلس النواب الليبي، الصادق الغرياني، المقيم في الدوحة، ضد الجيش الوطني الليبي، وأدى لتفاقم الأوضاع وجر البلاد لمصير مجهول، وهو ما دفع قائد الجيش الليبي، المشير خليفة حفتر، لإطلاق عملية من أجل تطهير معاقل المليشيات في الجنوب، والاتجاه صوب العاصمة طرابلس، في تكتيك تحذيري، مفاده أن القوات الوطنية الليبية جاهزة لحماية مسار الحل السياسي.(10)

وما صرح به اللواء أحمد المسماري، المتحدث الرسمي باسم الجيش الوطني الليبي، بقوله : "أن كل القنوات الليبية المضللة تبث من تركيا ويعملون الآن على ترويج الإشاعات والأكاذيب من أجل تدمير الجيوش العربية ونهب مقدرات العرب، ولكن كل ما يبذله هؤلاء لن يجعلنا نحيد عن هدفنا المتمثل في تحرير كامل التراب الليبي، متابعا: «نهدف إلى الوصول إلى استقرار ليبيا ونحن نعمل تحت أمر الشعب الليبي».(11)

وكذلك ما صرح به الدكتور علي راشد النعيمي رئيس تحرير "العين الإخبارية الاماراتية "، بأن "السيطرة على مقدرات الشعب الليبي، وتدمير ليبيا، هدف استراتيجي يسعى النظام القطري لتحقيقه". (12) 

                          

                       ط3

دلالة التوقيت

لفهم خلفيات المعركة الدائرة الآن في طرابلس لابد من معرفة دلالالة توقيت الهجوم على العاصمة حيث إنه جاء في وقتٍ عدم ظهور أي بوادر لحل الأزمة الخليجية مع قطر، ووفي الوقت الذي تشهد فيه تركيا الدّاعم الحقيقيّ لحُكومة السراج، تراجُع في شعبيّة الرئيس أردوغان وحزبه وانشغالهم بانتخابات المحليات وما شابها من تزوير، وتراجع مؤشرات النمو الاقتصاد التركي ودخول بلاده في أزمة اقتصاديّة، ربّما تتطوّر في ظِل تفاقُم خِلافاته مع الولايات المتحدة على خلفية صفقة الصّواريخ الروسيّة "إس 400".

وأحد الأسباب، التي ربما تكون وراء إعلان حفتر الزحف نحو الجنوب والغرب هو الرغبة في إحداث تغيير على أرض الواقع؛ يمكن استخدامه كورقة تفاوض خاصة مع التحضير لعقد مؤتمر وطني للمصالحة الليبية، بمساعدة الأمم المتحدة، التي حضر أمينها العام إلى طرابلس والتقى السراج الخميس 4/4/2019، ثم التقى الجمعة 5/4/2019حفتر في بنغازي، غير أنه غادر ليبيا و"قلبه مفطور"، حسب تغريدة له على تويتر.

ويهدف المؤتمر المنتظر من بين أمور أخرى إلى تحديد تاريخ الانتخابات البرلمانية والرئاسية، ووضع معالم مرحلة ربما يخشى اللواء المتقاعد قائد قوات «الكرامة» ألا يجد فيها منصبا يلبي مشروعه العسكري الذي تدعمه الامارات وتحرّكه وتسهر على نجاحه مصر والسعودية.(13)

وكذلك من الظروف المواتية التي عجلت وساعدت الجنرال حفتر على اتخاذ هذا القرار حالة السيولة التي يشهدها المشهد السياسى العام فى الجزائر على وقع الاحتجاجات الشعبية وتقديم الرئيس الجزائري بوتفليقة استقالته ، لاسيما أن النظام الجزائري كان ولايزال معارضا لحفتر ودوره في عدم استقرار ليبيا . وهو مايشكل تهديدا للأمن القومي الجزائري .

تفكيك المشهد المحترب

يرى البعض أن هذه العملية تكشف بما لا يدع مجالاً للشك أن المشير حفتر مكلف بمهمة دولية من أجل خلط الأوراق في المنطقة، سواء في الداخل الليبي بنسف الحل السياسي الذي يطالبه به الليبيين والمجتمع الدولي أم في دول الجوار، وهو ما يؤدي إلى صعوبة فرض الحل السياسي في ليبيا في ظل وجود ميليشيات تدعي أنها جيش بقيادة حفتر في الساحة، لذلك يجب الضغط عليه دوليًا حتى يجلس على طاولة الحوار ويلتزم بالحل السياسي المتفق عليه.

ميدانيا قوّات المشير حفتر سيطرت على الشّرق والجنوب ومُعظم آبار النّفط الليبيّة، ووصلت إلى مطار طرابلس الدوليّ، وسيطرت عليه لبُرهةٍ من الزّمن قبل إخراجها من قبل القُوّات المُوالية لحُكومة السراج، وهذا يعني أن معركة طرابلس المُتصاعدة ستكون هي الأخيرة والحاسِمة، ومن يخرُج مُنتَصِرًا منها سيكون الحاكم الجديد لليبيا. (14)

ومع تصاعد المواجهات التى تحمل الجديد كل ساعة أعلن المتحدث باسم قوات حكومة الوفاق الليبية محمد قنونو، يوم الأحد 7/4/2019، انطلاق عملية "بركان الغضب" لتطهير المدن الليبية، مشدداً على أن قوات الوفاق "تحركت فوراً وبناء على خطط محكمة" للرد على هجوم قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر على العاصمة طرابلس. وشدد المتحدث باسم قوات حكومة الوفاق، في مؤتمر صحافي، على تمسكهم بـ"مدنية الدولة الليبية"، مضيفاً "لن نسمح بعسكرتها".

بالمجمل الشعب الليبي مُنقسمٌ في هذه الحرب بين تأييد حكومة شرعيّة مدعومة دوليًّا ولكنّها ضعيفة عسكريًّا بقيادة السراج، ودعم من قوّات تابعة لمصراته وجماعات إسلاميّة، وأُخرى بقيادة المشير حفتر، ولكنّه أيّ الشعب الليبي، مُتّفق مع أمرٍ واحد، وهو وضع حد لحالة الفوضى وعدم الاستقرار التي دمّرت بلاده، وهجّرت حواليّ ثلاثة ملايين ليبي إلى دول الجِوار وأُوروبا.

عين على النفط

في سياق مواز، حذرت مجموعة الدول السبع الكبرى الفصائل المتحاربة في ليبيا من استغلال المنشآت النفطية. وقال بيان المجموعة "نذكر بأن منشآت وإنتاج وإيرادات النفط في ليبيا مملوكة للشعب الليبي، وينبغي ألا يستغلها أي طرف لتحقيق مكاسب سياسية". (15)

وحذر وزراء خارجية المجموعة حفتر من مواصلة هجومه على العاصمة طرابلس وتهديد الحكومة المعترف بها دوليا هناك، داعين إياه إلى وقف الهجوم وإلا واجه تحركا دوليا.

من جهته، قال غسان سلامة مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا إن المنظمة عازمة على عقد المؤتمر الوطني بشأن الانتخابات المحتملة في موعده.

التوقعات المحتملة

من الواضح أن حفتر لا يؤمن بالعملية السياسية وهو يعلم جيدا أن هناك محاولة من الأمم المتحدة بعقد مؤتمر بحثا عن مخرج من الأزمة الليبية، لكن إن لم تكن هناك مقاومة عسكرية على الأرض ورفض دولي حقيقي لتحركه، فإن زحفه العسكري سيستمر لتحقيق أكبر مكاسب أوراق ضغط ممكنة ، ظاهريا وفيما يبدو للوهلة الأولى أن المتغيرات التي تشهدها المنطقة تجعل الكفّة تميل لصالح قوّات حفتر، ليس بسبب السّلاح القويّ والمُتقدّم الذي يتدفّق على قوّاته من مصادر عديدة، وإنّما أيضًا لأنه يحظى بدعم بعض القبائل القويّة المُوالية للزعيم الليبي السابق معمر القذافي مثل الورفلة والمقارحة، والعبيدات، وهُناك من يتحدّث عن صفقة بين سيف الإسلام القذافي والمُشير حفتر حول تقاسُم السّلطة في حال دُخول قوّات الشرق إلى طرابلس والسّيطرة عليها.

ومن الملاحظ أن المشهد يتطور ميدانيا بشكل متسارع حيث نقلت وكالات الأنباء تقارير جديدة مثيرة للقلق من ليبيا، تشير إلى أن حكومة الوفاق الوطني وهي الحكومة المعترف بها دولياً في طرابلس، شنت غارات جوية على قوات المشير حفتر، المجتمعة خارج المدينة. (16) الأمر يثير القلق لأن حفتر يمتلك أيضاً قوته الجوية الخاصة لذا فمن المحتمل أن تشهد الأيام القادمة معارك تستخدم فيها الطائرات. وهو ما يفتح باب المفاجآت على مصراعيه فيما يتعلق بجولات الحسم ومالآت الأمور ميدانيا بين الأطراف المتحاربة.

إذا طال أمد هذه المعارك من المرجح أن يتم نسف الجهود التي تسعى لإقرار حل سياسي للأزمة لتغرق ليبيا في المزيد من الفوضي التي تسعى لها الأطراف المستفيدة من ذلك سواء كانت أطراف اقليمية أم دولية.

وبالمجمل يصعُب علينا التّنبّؤ بنتائج معركة طرابلس الحاسمة، لكن في ظِل عدم وجود أيّ خُطط دوليّة أو إقليميّة لوقف تقدّم قوّات المُشير حفتر، فإنّ احتمالات الحسم تبقى مفتوحة على عنصر المفاجآت واستمرار دعم الأطراف الاقليمية والدولية للأطراف المتنازعة داخل ليبيا، لكن المُؤكّد أنّ الشعب الليبيّ سيدفع ثمنًا باهظًا من دِماء وأرواح أبنائه مجددا.

المصادر:

1-         لهذه الأسباب قرر خليفة حفتر الزحف الآن نحو طرابلس! وكالة الأناضول ، https://bit.ly/2VAZIRC

2-         معركة طرابلس خدمة لمشروع مصر "حفتر أولاً" ، العربي الجديد ، https://bit.ly/2YV4eg3

3-         من أعطى حفتر الضوء الأخضر لدخول طرابلس؟ الخليج أونلاين ، https://bit.ly/2YR9uBa

4-         معهد دول الخليج: مخاطر كبرى من توافق الرياض والقاهرة وأبوظبي في حرب ليبيا ، الشرق القطرية ، https://bit.ly/2G0dSVR

5-         الغارديان: صراع ليبيا نتيجة دعم الإمارات ومصر وفرنسا لحفتر ، الخليج أونلاين ، https://bit.ly/2Ierks4

6-         تحقيق: الإمارات تشعل الفوضى في ليبيا بشهادة مسئولين كبار في البلاد ، إمارات ليكس ، https://bit.ly/2D1Lwdd

7-         قيادي ليبي: حفتر يهاجم طرابلس بسلاح سعودي إماراتي مصري ، الخليج أونلاين ، https://bit.ly/2TVSsOV

8-         الإمارات تشعل الحرب في ليبيا ، نون بوست ، https://bit.ly/2KcaPzt

9-         لماذا دعمت أمريكا "الوفاق" الليبية بالأسلحة وتجاهلت دور الإمارات؟ الخليج أونلاين ، https://bit.ly/2Uj4uGZ

10-    التدخّل القطري التركي عقّد الأمور في ليبيا ، البيان الاماراتية ، https://bit.ly/2WRbKqi

11-    «طوفان الكرامة» تحرق الأوراق القطرية في ليبيا ، صوت الأمة ، https://bit.ly/2D2BkkK

12-    علي النعيمي: تدمير ليبيا هدف استراتيجي للنظام القطري ، العين الاماراتية ، https://bit.ly/2I6me1N

13-    تساؤلات عن دور مصري وإماراتي في تحركات حفتر نحو طرابلس ، عربي 21، https://bit.ly/2Ujd0FQ

14-    هل تحسم معركة طرابلس الصراع في ليبيا؟ نون بوست ، https://bit.ly/2G4sTr8

15-    معارك طرابلس.. الوفاق تصد هجوم حفتر ودول الغرب تتحدث عن النفط ، وكالات ، https://bit.ly/2G6gz9P

16-    هل نشهد صراعا جويا في ليبيا بعد أنباء استخدام "الوفاق الوطني" لطائراته؟ cnn العربية ، https://cnn.it/2WRYnWO

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي مجموعة التفكير الاستراتيجي

قيم الموضوع
(0 أصوات)
Go to top