مازالت الحالة الجيوسياسية والإستراتيجية في المنطقة العربية تششهد حالة من عدم الاستقرار بفعل التحولات والمتغيرات على الصعيدين الإقليمي والدولي وتمثل التداعيات التي شهدتها في عام 2019امتدادا لحالة السيولة التي شهدتها خلال السنوات العشر الماضية منذ يناير (2011)
وبالنظر الى الأزمات التي شهدتها المنطقة خلال الأعوام الماضية نجد أنها مازالت مستمرة كالأزمة الخليجية التي اندلعت مطلع(يونيو2017)وإن رأى البعض أنها وصلت لمرحلة من الجمود والكمون لكن على صعيد آخر تبوأت الموجات الثانية للربيع العربي صدارة المتغيرات الفاعلة والمؤثرة في المشهد الإقليمي العربي التي بدأت في السودان منتصف (ديسمبر 2018) لتتلوه الجزائر نهاية فراير 2019 ثم العراق مطلع أكتوبر فلبنان منتصف أكتوبر فضلا عن بعض الإضرابات النوعية التي شهدها الأردن مطلع سبتمبر والاحتجاجات الأبرز في ايران(منتصف نوفمبر) حيث اكدت احداث العام 2019 ان دواف (الربيعين)مازالت راسخة تتعمق في الوطن العربي وفي العام 2020 لايستبعد ان تندلع احتجاجات جديدة في بعض الدول العربية لاسيما في ظل تنامي مؤشرات الفساد التي كانت سببا رئيسيا في حراك الربيع الأول (2011).
وورث العام 2019 مجموعة من الأزمات على عدة مستويات منها القضية الفلسطينية التي شهدت تكريسا لحالة الارتباك في مسارات النضال الفلسطيني واولوياته مع استمرار حالة الانقسام الدالخي في البيت الفلسطيني كما هي وفي الأردن كان العام 2019 متخما بالمتغيرات السياسية والاقتصادية حيث شهد حراكا نقابيا فيما انكفأت الأحزاب والتيارات في مشهد متلبد بغيوم المؤشرات الاقتصادية والسياسية المتضادة .
وبالنظر للمشهد السوري شاهدنا انخفاضا ملحوظا للعمليات العسكرية خلال عام 2019 خاصة بين النظام والمعارضة وجرت محاولة للتقريب بينهما من خلال تشكيل اللجنة الدستورية وانطلاق اعمالها بالتزامن مع ابعاد خطر المنظمات الكردية الانفصالية في منطقة شرقي الفرات عن الحدود التركية سواء بالطرق العسكرية او السياسية ودخلت إدلب على مشهد الصراع.
وشهدت الساحة اللبنانية انتفاضة شعبية منذ 17 أكتوبر كلت محطة بارزة في تاريخ لبنان رافقها استقالة رئيس الحكومة سعد الدين الحريري وتعثر تشكيل حكومة قادرة على تلبية مطالب المحتجين ونيل ثقة المجتمع الدولي فيما لاتزال البلاد تمر اقتصاديا بأصعب أزمة مالية ونقدية .
ولم يكن المشهد في العراق بعيدا عن الاحتجاجات التي ساهمت في توتر الواقع السياسي المحتقن منذ سنوات والواقع الاقتصادي الي يئن تحت وطأة الفساد.
أما في حوض المتوسط فنجد الحدث الأبرز في الدولة المصرية دخولها مع بداية عام 2019في مرحلة استقرار السلطة ومنذ سبتمبر 2019 شهدت مصر حالة جدل سياسي بين الحكومة وبعض العارضين دار محورها حول الفساد في الجيش وتوسع نفوذ عائلة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وفي ضوء هذه التطورات المتلاحقة والمتصاعدة في الإقليم تواصل مجموعة التفكيرالإستراتيجي قراءة ملامح البيئة السياسية الإقليمية بكافة تحولاتها ومتغيراتها حيث يرصد تقدير الموقف الإستراتيجي لعام 2019التحولات المهمة التي شهدتها المنطقة ويحلل التحديات الأساسية التي واجهتها في عام 2019 ويستشرف مساراته المستقبلية ويأتي هذا التقرير استكمالا للتقارير السابقة التي أصدرتها المجموعة على مدار الأعوام الماضية (2018،2017،2016،2015)التي صدرت في تقارير متتالية ،وتنشر نهاية كل عام في ثلاثة أجزاء الأول ))ملخص تنفيذي))والثاني))تقريرعن حالة المشهد الجيوستراتيجية الاقليمية والدولية ))وتتطلع جمعية التفكير الاستراتيجي إلى أن تسهم هذه الجهود المتضافرة والتقارير المتخصصة في عملية صنع القرار وفهم المتغيرات والتحولات التي تشهدها المنطقة العربية.
ولايفوتنا ان نشير إلى أن هذه التقارير أعدت بواسطة مجموعة كبيرة من مراكز الابحاث والدراسات في المنطقة ولم تتدخل الجمعية في مضمونها وبالتالي فهي تعبر عن رؤيتهم الخاصة للمتغيرات في تلك الدول فيما اقتصر دور جمعية التفكير الاستراتيجي على إعداد ملخصات تلك التقارير بعناية وتركيز شديدن وقراءة الملامح العامة للمشهد الاقليمي وصياغة السيناريوهات المتوقعة والتحديات الخاصة بكل دولة.
كما تتقدم جمعية التفكير الإستراتيجي بموفور الشكر للمراكز والباحثين الذين شاكوا في إعداد هذه التقاريرالمتميزة والشكر موصول للأستاذ عاطف الجولاني عضو جمعية التفكير الاستراتيجي لجهوده المتواصلة في تنسيق التحرير والتقدير لمتابعة د.أشرف الشوبري مدير الجمعية وكذلك جزيل الشكر والامتنان لمركز أفق المستقبل للإستشارات في الكويت لجهوده ودعمه ورعايته لهذه الاصدارات سائلين المولى عز وجل التوفيق والرشد والسداد.
والله ولي التوفيق
رئيس مجموعة التفكير الإستراتيجي
أ.محمد سالم الراشد