شهدت المنطقة عام 2017 متغيرات وتحولات مهمة على الصعيدين الإقليمي والدولي، أثّرت بصورة عميقة في الحالة الإقليمية، من حيث العلاقات والتحالفات وأدوار القوى الفاعلة في المنطقة التي تشهد سيولة شديدة وتمرّ بحالة إعادة تشكّل لم تستقر بعد.
وقد شكلت الأزمة الخليجية بين قطر والدول المحاصرة (السعودية، الإمارات، مصر، البحرين) واحداً من أهم التحولات الإقليمية في عام 2017، نظراً لتداعياتها الخطيرة على الحالة الإقليمية، وعلى مستقبل مجلس التعاون الخليجي، وإسهامها في زيادة حالة الاضطراب في المنطقة.
كما كان لسياسات إدارة ترمب الشعبوية المتشددة انعكاسات مهمة على مسار الأوضاع في الإقليم، حيث تعامل ترمب مع أزمات المنطقة بمنطق رجال الأعمال وسياسات الربح والخسارة، ومارس عمليات ابتزاز مكشوفة للأطراف العربية.
وفي الساحة الفلسطينية، راوحت جهود المصالحة بين حركتي فتح وحماس مكانها، غير أن التطور الأهم تمثّل في التفاهمات السياسية والأمنية بين النظام المصري وحركة حماس. وشهدت القدس تطورات مهمة على صعيد المواجهة الشعبية بين الفلسطينيين وسلطات الاحتلال، وشكّل قرار ترمب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس متغيراً مهماً تسبب في ردود فعل شعبية واسعة بالعالم العربي والإسلامي.
كما شهد عام 2017 تطورات متسارعة على صعيد الأزمة السورية والعراقية، وشكّل استفتاء كردستان وتفاعلاته تطوّراً مهمّا، وانحسر وجود التنظيمات المتشددة في العراق وسورية، فيما ظلت الأوضاع تراوح مكانها في مصر وليبيا واليمن.
وفي ضوء التطورات الكثيفة والمتسارعة في المنطقة، يغدو ملحّاً قراءة ملامح البيئة السياسية الإقليمية بتحولاتها ومتغيراتها المختلفة. ويرصد تقدير الموقف الاستراتيجي لـ 2017، الذي تصدره مجموعة التفكير الاستراتيجي، المتغيرات المهمة في المنطقة، ويستشرف مستقبل تطور معطيات البيئة الإقليمية، ويقف عند التحديات الأساسية التي تواجه المنطقة في عام 2018.
ولقد قدمت مجموعة التفكير هذا الجهد لعامي 2015 و2016 كتقارير منفصلة، ويصدر التقرير السنوي الثالث لهذا العام ليغطي مساحة العالم العربي والقوى الإقليمية والدولية التي تؤثر في جيواستراتجيات المنطقة العربية, والتقرير من 3 أجزاء الأول ملخص تنفيذي والثاني تقرير عن حالة المشهد الجيواستراتيجي للمنطقة العربية والجزء الثالث للحالة الجيواستراتيجية الإقليمية والدولية.
على أمل أن يتحول هذا الجهد الذي تقدمه مجموعة التفكير الاستراتيجي إلى تقليد سنوي دوري، يسهم في تطوير الأداء، ويشكّل إضافة نوعية في عملية صناعة القرار السياسي.
ويجدر التنويه إلى أن التقارير التي تناولت الأوضاع في الساحات المختلفة أعدّت من مراكز دراسات وباحثين تم تكليفهم بإعدادها، ولم تتدخل المجموعة في مضمونها، بالتالي فهي تعبّر عن قراءتهم للتطورات في تلك الساحات، فيما اقتصر دور المجموعة على إعداد ملخصات تلك التقارير وقراءة الملامح العامة للحالة الإقليمية والوقوف عند التوقعات والتحديات في المشهد الإقليمي.
وتتقدم مجموعة التفكير الاستراتيجي بجزيل الشكر للمراكز التي شاركت في هذا الجهد والباحثين الذين ساهموا في إنجاز هذه التقارير والشكر موصول للأستاذ عاطف الجولاني (عضو مجموعة التفكير الاستراتيجي ورئيس تحرير جريدة السبيل الأردنية) لجهوده في تنسيق التحرير، والشكر الى الاستاذ وائل سعد عضو اللجنة والشكر والتقدير لمتابعة د. أشرف الشوبري مدير مجموعة التفكير الاستراتيجي، كما تتقدم إدارة مجموعة التفكير بجزيل الشكر والامتنان لمركز أفق المستقبل للاستشارات لدعمه ورعايته لإصدار هذا التقرير، آملين من الله سبحانه القدير النجاح والسداد.
والله الموفق
محمد الراشد
رئيس مجموعة التفكير الاستراتيجي