محمد سالم الراشد
رئيس مجموعة التفكير الإستراتيجي
الإخوة الكرام.. السلام عليكم..
يسعدني في هذا الصباح الجميل أن أوجز لكم نشاطنا في هذا اليوم؛ حيث إن هذا الملتقى الفكري الثاني هو نتاج ثمرة الملتقى الفكري الأول الذي ضم الكثير من المفكرين والسياسيين في المنطقة. وهم أيضاً أحد أنشطة مجموعة التفكير الإستراتيجي والتي أسست في أبريل عام 2014م وكان هدفها خلق وعي جماعي لما يحدث في المنطقة خاصة في ظل ما تشهده المنطقة من الحروب والنزاعات والتدخلات الخارجية والتحولات في الأفكار والديموجرافيا الخاصة بالمنطقة، كما أننا نعيش في حالة مرتبكة حيث تشهد المنطقة ضغطاً دولياً وصراعاً إقليمياً قوياً؛ مما يؤثر بدوره على صانع القرار بشكل كبير جداً، كما يؤثر ذلك أيضاً على القوى الفاعلة ذات الخبرة السياسية في كيفية تعاملها مع مثل هذه الأحداث خاصة مع التغيرات السياسية الهائلة والتحولات والتداخلات في المحور الواحد، حتى نجد التداخل في المحور داخل المنطقة مما يترتب عليه اشتباك كبير جداً في عملية فرز الأحداث وفي عملية تصنيف القوى، وكذلك نجد هذا الاشتباك عند محاولة معالجة هذه القضايا.
إن ضرورة الوعي بالمتغيرات والإستراتيجيات في المنطقة من أهم الأسباب التي جعلت مراكز التفكير تجتمع في محاولة لخلق عقل جماعي يستطيع أن يساهم بشكل ما في معالجة هذه الأحداث. وأن وجود نخبة من الحاضرين في هذا المنتدى من مفكرين وباحثين سيكون بمثابة تلاقح بين الأفكار من أجل معالجة قضايا المنطقة. كما أننا في هذا اليوم سنكون بصدد معالجة قضية حيوية جداً وهي قضية الفجوة ما بين صانع القرار السياسي في المنطقة وما بين المفكر أو راسم الإستراتيجية والمخطط وراسم السياسات.
وأضاف أنه من خلال هذا المنتدى سنجد أن هناك تلامساً بسيطاً بين الطرفين أو فجوة بل هناك صانع القرار السياسي وبين بيوت الخبرة ومراكز الاستشارات والمفكرين في هذه المنطقة، ولا يخفى عن أي مراقب أن هناك جزءاً من نقص الوعي في التكوينات التي تشكل القرار السياسي والتنسيق مع أصحاب مراكز التفكير وخبراء الاستشارات، وكذلك هناك اختلالاً في طبيعة المعلومات المتدفقة لصحاب القرار السياسي، وإذا أضفنا أن صانع القرار السياسي لا يتوافر لديه هامش كافٍ من التحرر في إطار معادلات السياسة الدولية والإقليمية؛ وبالتالي يعتقد صاحب الخبرة الاستشارية أن صاحب القرار السياسي يفتقد الموضوعية لاتخاذ القرار, إذ إن صاحب القرار السياسي اليوم يعيش ضغطاً هائلاً من متطلبات السياسة الدولية وطبيعة معادلة السياسة الدولية والإقليمية حتى يظن البعض أن أصحاب القرار السياسي أحياناً قد يكونوا بعيدين عن المصالح الوطنية والعكس صحيح، فصاحب القرار السياسي يعتقد أن بيوت الخبرة لا تتدفق فيها المعلومات بواقعية وتتعشش فيها النظرة الأكاديمية والفلسفية أكثر مما تكون هي أقرب للواقعية.
وفي هذا اللقاء سنحاول بما نستطيع أن ندرس هذه الفجوة بين الطرفين، ونبحث أسبابها الموضوعية ومشكلاتها الفكرية وطبيعة العلاقة فيها بين صاحب القرار السياسي وصانع الفكرة وصانع الإستراتيجية، وأن مثل هذا الجهد الذي تساهم به مجموعة التفكير الإستراتيجي وكذلك مؤسسة SETA سيكون جهداً إضافياً للحالة السياسية والفكرية في داخل المنطقة، وسوف يكون أمراً مفيداً لجميع الحضور.
كما أنه سيتم بحث الكثير من الأفكار المهمة التي تساعد صانع القرار السياسي وأيضاً صاحب الفكر الإستراتيجي على إيجاد منظومة علاقات فكرية يمكن من خلالها أن تؤثر في القرار ومساراته، وفي سنة الرسول صلى الله عليه وسلم: أنه ورد أنه قال: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدى...» الحديث، وهذا دلالة على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يراجع قراراته، وأن مراجعة القرارات هي مسألة مهمة جداً اليوم في قيادة الأمة، خاصة وما تشهده الأمة من حالة اضطراب وما تشهده المنطقة من حالة تدافع، والقرارات دائماً تكون حساسة متشابكة مع المصالح الدولية؛ وبالتالي لا بد أن يكون هناك قدرة على فرز هذه القرارات الصائبة التي تستطيع من خلالها الدول الإقليمية أن تحافظ على مصالحها الدولية ومصالح شعوبها.
وأخيراً؛ فإنه يسعدنا التعاون مع مركز قدير وهو مركز (SETA) في هذا النشاط المشترك بما يحقق الاستفادة من الخبرات والعقل الجماعي بما ينتج لدينا من مقترحات وتوصيات مهمة في هذا اليوم.. وأسأل الله لكم التوفيق والسداد.