شهد عام 2020 سيلا من المتغيرات الجيوسياسية، بسبب جانحة «كورونا» ، وتراجع الاقتصاد العالمي، وكانت نتائجه السياسية مزيدا من التعقيد في المنطقة العربية، إذ استمرت حالة الوهن والضعف والاحتراب والإنهاك للأطراف المختلفة والإقليمية في المنطقة العربية، ومزيدا من التفكك وعدم اليقين في توفير مظلة جيوستراتيجية للمنطقة مما ترکها براحا خصبا ونهبا للصراع الدولي والإقليمي، وشتاتا منهوبا بين القوى الإقليمية الأكثر فاعلية في الحراك الجيوسياسي، لذا فإن موجة التطبيع الإقليمي مع الكيان الصهيوني تزداد وتيرتها في ظل تراجع الأمن الإستراتيجي للمنطقة العربية، كما تتزايد حالة الانتهاكات لحقوق الإنسان، وستستمر الدولة القطرية ضعيفة أمام مواجهة الفساد.
وفي الأشهر الأخيرة من عام 2020، ازدادت وتيرة دبلوماسية الوساطة في الإقليم لمعالجة بعض الملفات الملتهبة في المنطقة، كما حدث في ليبيا واليمن وسورية من محاولات للاتجاه نحو الحل السياسي، بما فيها مشكلة سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا.
ولذا، فإن التحليل الإقليمي في مجريات المسار السياسي يتذبذب ما بين الحياد الدولي والإقليمي لبعض القوى الدولية كالاتحاد الأوربي، أو الثبات الإستراتيجي في الموقف من الحقوق الفلسطينية، أو الركود السياسي، أو التحرك نحو الحل السياسي كما نراه في سعي الولايات المتحدة وروسيا وقوى أخرى،
في هذا التقرير إشارات للتوقعات المستقبلية للمشهد السياسي في المنطقة العربية والسائرة نحو إنهاك جميع الأطراف المحلية، والقبول بالوساطات والحلول الوسط، ومزيد من التنازلات في القضايا القومية والجيوستراتيجية، مع تراجع للتنظيمات المتشددة.
ويبقى المشهد الاقتصادي مشهد مؤلما راسما أبعاده في تمدد ظاهرة الفقر والديون الخارجية وتراجع معدل التنمية بسبب تأثیر جانحة كورونا، بشكل عام على الإنتاج، وانخفاض أسعار النفط وكلفة الأحتراب والتسليح
لذا، فإن التقرير الجيوستراتيجي والإستراتيجي للمنطقة العربية والإقليم بأجزائه الثلاثة، الذي تصدره جمعية مجموعة التفكير الإستراتيجي، يستكمل إصداره السادس على التوالي، ليكون مصدرا وإهداء للمهتمين والمفكرين والساسة، ولنشر الوعي الإستراتيجي في المنطقة العربية
أ.محمد سالم الراشد
رئيس مجموعة التفكير الإستراتيجي