مجموعة التفكير الاستراتيجي
التقرير الاستراتيجي السنوي 6
حالة الولايات المتحدة الامريكية مطلع القرن الثاني والعشرين
أعبدالرحمن السراج
ملخص تنفيذي
قيل إن الرئيس الأمريكي المنتخب جو بایدن يبني عباراته من اسم وفعل و باراك أوباما»، وربما يكون بایدن محقا في ذلك نظرا لأن الظروف التي يتولى فيها الرئاسة تشبه إلى حد كبير الظروف التي سبقت وصول أوباما إلى البيت الأبيض: أزمة اقتصادية وسياسة خارجية إشكالية. ربما كان قدر هذين الرئيسين الديمقراطيين أن يكون إصلاح الاقتصاد في عهدهما، لكن حل إشكاليات السياسة الخارجية مهمة أكثر تعقيدا من الإصلاح الاقتصادي؛ فالعلاقات الدولية لا تحتوي على معايير متفق عليها عالميا وقابلة للقياس مثل المعايير الاقتصادية كالنمو ومعدل البطالة، ولكنها تعتمد على الرؤية التي يقدمها صانع قرار السياسة الخارجية الأمريكي والذي غالبا ما يكون الرئيس. بعد ثماني سنوات خاضت فيها الولايات المتحدة في وحل تدخلين عسكريين بالعراق وأفغانستان، سارع أوباما عند توليه الرئاسة إلى تخفيض الاستثمار السياسي الأمريكي في الشرق الأوسط ونقل بوصلة السياسة الخارجية الأمريكية إلى شرق آسيا تحت شعار «القوة الذكية» لوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، ورغم أن دونالد ترامب لم يدخل مغامرات عسكرية شبيهة بمغامرات جورج بوش الابن إلا أنه ترك أثرا قريبا من حيث الفاعلية في الأثر الذي تركه جورج بوش الابن. تخلى ترامب عن فواعل رئيسية في النظام العالمي الذي شكلته الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، من التحالفات الدولية مثل الناتو، والمنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة، والشراكة التاريخية مع الاتحاد الأوروبي، وانسحب من التزامات اعتبارية للولايات المتحدة تجاه العالم مثل اتفاقية باريس للمناخ، ويعتقد أنه فتح المجال لسباق تسلح نووي جديد. وإذا كان ترامب استغرق أربع سنوات لتغيير معالم السياسة الخارجية الأمريكية، فإن جهود بایدن لإعادتها إلى سابق عهدها ربما تكون غير ممكنة خلال أربع أو ثماني سنوات؛ حيث بدأ بعض حلفاء الولايات المتحدة مثل ألمانيا بالحديث عن أن الاعتماد على الولايات المتحدة سياسة غير مستدامة.
في الشرق الأوسط، تقع إيران في قلب سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة، وستكون خيارات بايدن تجاهها عاملا رئيسا بتشكيل المنطقة في المستقبل القريب. وبالتحديد، تنتظر الأطراف الفاعلة في المنطقة إدارة بايدن للمفاوضات مع طهران: هل سيقبل توقيع اتفاق لا يشمل تنازلات إيرانية ملموسة بشأن دورها الإقليمي؟ أم أنه على غرار أوباما سيوقع الاتفاق ويفتح المجال لصراع توازن قوى جديد في المنطقة تكون إيران الفاعل الأكبر فيه.