أ.د.وليد عبد الحي
تمثل ظاهرة “جماعات المصالح Interest Groups” ظاهرة تاريخية عرفتها أغلب الحضارات بمستويات وأدوار مختلفة. وعلى الرغم من التمييز لدى بعض الباحثين بين جماعات المصالح، وجماعات الضغط Pressure Groups، واللوبي Lobby[1]، فإنها تتشارك في خاصية واحدة هي العمل على التأثير المباشر أو غير المباشر على القرارات الحكومية خدمة لجهة معينة داخلية أو خارجية، وتعمل على إنجاز ذلك من خلال:[2]
طرح موضوعات محددة على جدول أعمال الحكومة، وتقديم الموضوع للحكومة بكيفية محددة للتأثير على سير القرار باتجاه الهدف الذي تبتغيه هذه الجماعة الضاغطة.
تزويد الهيئات الحكومية ذات الصلة بالموضوع بالمعلومات، خصوصاً التي تدعم غرض الجماعة وتعزز مبررات من يتبنى رأيها.
القيام بحملات إعلامية للتأثير على الجمهور الناخب (في حالة الانتخابات) أو على أعضاء السلطات المعنية بالقرار.
محاولة تقديم نشاطاتها على أنها لخدمة المجتمعات التي تقيم فيها، بينما هي تخدم مصالح جماعات محددة.
وقد تزايدت هذه الظاهرة بعد الحرب العالمية الثانية تحت وطأة العولمة، وما ترتب عليها من تداخل شديد بين مصالح الدول، بل وتماهي الحدود الفاصلة بين الدول والمجتمعات في بعض القطاعات كالاقتصاد والتكنولوجيا والتعليم…إلخ.[3]
وتعد الولايات المتحدة من بين الدول الأكثر وضوحاً في دور جماعات المصالح في تكييف السياسات المحلية والدولية، وعلى الرغم من أن القرار الأمريكي يشكل محصلة في أحد أبعاده لمساومات بين هذه الجماعات، فإن اللوبي اليهودي يمثل أحد هذه الجماعات التي تعرف جدلاً واسعاً حول وزنها في القرار الأمريكي، وحدود عملها، وحول مصادر تمويلها ونسبة المشاركة فيها،[4] على الرغم من أن هناك لوبيات أخرى لا تقل أهمية عنها في تكييف القرار الأمريكي في بعض الجوانب وفي ظروف معينة، كما هو الحال مثلاً مع جماعات الضغط التايوانية أو شركات الأسلحة أو البترول…إلخ.[5]