نهنئ سمو رئيس مجلس الوزراء تقلده منصبه وثقة أمير البلاد به، وستكون كلمة أمير البلاد له بأن "ثوبك نظيف؛ فحارب الفساد، وحارب المفسدين" هي بمثابة رؤية لمرحلة جديدة لمواجهة الفساد، وهي العلامة البارزة التي سيسعى لها سمو رئيس مجلس الوزراء، وكلنا ثقة بذلك.
وأنوه إلى أنه في 30 أكتوبر 2018م، سطرت مقالاً نشرته في هذه الزاوية حول "الإصلاح الوطني في الكويت"، واقترحت جهوداً تُبذل من أجل مسارات نحو الإصلاح الوطني، منها:
أولاً: إن عفواً خاصاً يتكرم به أمير البلاد على أبنائه الذين صدرت بحقهم أحكام خاصة؛ بلا شك سيكون الأساس الذي تنطلق منه باقي الجهود لمسار تفاهم وطني وشعبي، وستكون تلك المبادرة السامية اللبنة الأولى في إعادة ترتيب أولويات العمل الوطني القادمة.
ثانياً: أن يقوم مجلس الأمة -برئيسه وأعضائه- بواجباتهم المنشودة في ترتيب أولويات التفاهم مع الحكومة لإصدار القوانين المهمة التي تساند عملية التفاهم السياسي بين الحكومة ونواب الشعب؛ على أساس نجاح مهمة الحكومة وإنجاز المشاريع، في مقابل خدمة الشعب الكويتي، وتنمية المجتمع، وتطوير أداء الحكومة، والالتزام بالقانون ومحاربة الفساد الإداري.
ثالثاً: دعم مسار استقلال القضاء وإصدار القوانين التي تؤكد هذا الاتجاه.
رابعاً: إعادة النظر في مسارات التضييق القانوني لمساحات الحريات، وتنظيم حالة التعبير في المجتمع، وإعادة وضعها في مساقها المنسجم مع الدستور الكويتي.
خامساً: أن يقوم مجلس الأمة بدراسة نتائج عشر سنوات من تنفيذ القوانين الانتخابية، وفرز الإيجابيات وطرح السلبيات، والخروج برأي موحد مع الحكومة؛ لتطوير حالة انتخابية ناجحة تعبر عن المرحلة الجديدة من الإصلاح والتفاهم الوطني.
سادساً: إن إقرار قانون ينظم العمل السياسي ويؤسس للانتساب للمشاركة الشعبية الحقيقية على أساس من الوعي والانضباط القانوني سيساهم بشكل مباشر في تنظيم عمل القوى السياسية المختلفة، بما فيها قوى المعارضة، ويضعها تحت مسؤولياتها القانونية، ويجسد حالة الرقابة القانونية، والاختيار الشعبي لقيادات هذه التيارات السياسية، ولفرز نواب يمثلون الشعب على قدر من الوعي والنضوج والمسؤولية.
وقد تتبعت واطلعت على الكثير من الآراء المنشورة في الصحافة المحلية حول الرؤى والنصائح التي تناقش التوجهات لتشكيل وزارة سمو رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد؛ فوجدت أغلبها يصب في نفس الاقتراحات والمسارات التي اقترحتها منذ عام.
فهي تشكل انسجاماً وتفاهماً لكل محبي الكويت، فاستقرار الكويت والحفاظ على أمنها الوطني أولوية قصوى لا يقتصر على الوسائل الدفاعية العسكرية، وإنما منهج يحافظ على التماسك الاجتماعي والوطني للشعب والدولة معاً، ولكن ضمن رؤية للإصلاح، وهو بالضبط ما نريده من سمو رئيس مجلس الوزراء أن تكون له رؤية جديدة تميز بين عهدين.
إن الرؤية الوطنية للحكومة الجادة ستجعل المسار السياسي والعلاقة بين الدولة والشعب يسير على وضوح كامل في تحقيق الأهداف السابقة التي اقترحناها.
لكن من أهم التحديات التي ستواجه الرئيس هي مراكز القوى التي تحتضن الفساد السياسي والمالي والاجتماعي، مما يقتضي الحاجة إلى دعم شعبي مساند، وهذا يؤكد من جديد أن توافر السياسة الرشيدة والقوية غير كاف مع عدم توافر الأدوات المساندة لتنفيذها، وهذا يعني عدة أمور:
- نهج جديد في اختيار الوزراء القادرين على تنفيذ رؤية سمو رئيس الوزراء في مواجهة الفساد.
- سياسة رشيدة في قيادة مجلس وزراء متناسق ومتفاهم ومتكامل ويعبر عن الرؤية السياسية لسموه.
- دعم شعبي من خلال ممثلي الأمة الذين أثبت التاريخ السياسي لهم أنهم واجهوا الفساد ونهج المكاسب المصلحية الخاصة.
- إطفاء الملفات الداخلية الساخنة، وخصوصاً ما يتعلق بطبيعة العلاقة مع المعارضة وبعض أعضائها الذين طالتهم أحكام السجن بسبب مواقفهم السياسية.
إن التفاؤل يستنهض بنا بعد تولي الشيخ صباح الخالد الصباح هذه المسؤولية الثقيلة لنظافة ثوبه وجديته وكفاءته، وأنه قادر -بإذن الله تعالى- أن يخطو بالحكومة إلى وضع أفضل في ظل أوضاع داخلية وخارجية صعبة.