أقامت مجموعة التفكير الاستراتيجي / اسطنبول
بالتعاون
مع مؤسسة الأبحاث السياسية والاقتصادية والاجتماعية (SETA ) / أنقره
ورشة عمل بعنوان
( الأزمة بين السعودية وإيران – مآلات وسيناريوهات )
وذلك يوم الأحد 17 يناير 2016 بمقر مركز سيتا بمدينة اسطنبول / تركيا
حيث شارك بورشة العمل العديد من مراكز البحوث والدراسات والتفكير الاستراتيجي، ولفيف من الباحثين والمفكرين والأكاديميين والسياسيين من أقطار مختلفة.
وتباحث الحضور (خلال أربع جلسات) حقيقة الصراع، وتداعيات المشهد الحالي على الحالة الجيواستراتيجية بالمنطقة، وكذلك الموقف التركي من الحدث، وأثر تطور العلاقات الاستراتيجية وتموضعها في الموقف الجديد، وأيضا تأثير الأزمة على المشهد المصري، والسوري، والعراقي، واليمني.
وتناول الحضور تأثير الأزمة على الوضع الاقتصادي بالدولتين، وكذلك الموقف الدولي من الحدث، والسيناريوهات المتوقعة لتطور الصراع بين الدولتين.
وخلص الحضور إلى العديد من السيناريوهات والتوصيات، وصولا إلى تقدير موقف للأزمة.
السيناريوهات:
1- سيناريو التصدي غير المباشر: هدفه منع إيران من النفوذ المشُرْعَن في الخليج، وتقويض نفوذها في اليمن، وتحجيمه في سوريا ولبنان، وإرباكه في العراق، ومشاغلته في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، باستخدام سلَّة مؤثرات سياسية وعسكرية واقتصادية وإعلامية ودينية (الاقتصاد مقابل الدعم السياسي، تنشيط الدبلوماسية الشعبية، إعادة تنظيم الإعلام الخارجي، العلاقة مع مراكز دينية وإسلامية في العالم).
2. سيناريو الإبطاء من الداخل: هدفه إبطاء الاندفاع الإيراني وزيادة خسائره، وصولاً إلى دفعه لإجراء مراجعات داخلية، والتمييز بين تيارين داخل إيران تتناقض مصالحهما بشكل متزايد بعد الاتفاق النووي، وحصر المواجهة مع تيار المحافظين والحرس الثوري، مع فتح قنوات مع التيار الإصلاحي الذي يمثله روحاني وظريف، واختبار محاولات التوصل إلى تفاهمات في ساحات محددة، مثل اليمن ولبنان، بينما تصرُّ إيران على مفهوم الصفقة الشاملة، يضمن نفوذها في شرق الخليج. (يمكن دمجه مع السيناريو الأول في مرحلة لاحقة)
3. سيناريو الحوار والتفاهم: تتبناه واشنطن "ظاهريا" وتدعو إليه، وهدفه دفع الطرفين السعودي والإيراني إلى التعامل الدبلوماسي مع الأزمة، والتوصل إلى صفقة "لا غالب ولا مغلوب"، ولكن معوقاته كبيرة، ولا يبدو أنهما جاهزان لحوار يمكنه إنجاز اتفاق مقنع لكليهما، خاصة في ظل تصعيد تيار المحافظين في إيران للأزمات الخارجية، ومنها اليمن وسوريا والعراق وشرق الخليج، سعياً لإبقاء تأثيره في الداخل.
4. سيناريو المواجهة المباشرة: دخول الطرفين في مواجهة مباشرة؛ جزئية أو شاملة؛ ومن غير المستبعد أن تدفع نحوها قوى كبرى لها مصلحة في إنهاك الطرفين، واستنزافهما عسكرياً واقتصادياً، كما حصل في حرب العراق وإيران (1980 – 1988)، وهذا السيناريو لا يمكن استبعاده إذا استمرت المواجهة بين الطرفين على مستوى صراع الطاقة، واتهامات طهران للرياض بتحمل المسؤولية الأهم عن انخفاض أسعار النفط، حيث يتوقع أن يتواصل انخفاض سعر برميل النفط إلى ما دون 20 دولاراً العام الجاي 2016، وتحت 10 دولارات عام 2017، مما يعني إصابة اقتصاد إيران بنكسة قد تدفع قيادتها إلى مغامرة عسكرية في الخارج.
يمكن من خلال استقراء السيناريوهات الأربع، اعتبار السيناريو رقم 4 امتداداً للسيناريو رقم 1، حيث يمكن أن تقود عملية التصدي غير المباشرة إلى مواجهة شاملة، مما يعني حاجة المملكة العربية السعودية، لعلاقات واضحة وذات فاعلية مع القوى السياسية العربية والإسلامية المناوئة للتوجه الإيراني، وتحالفات مع دول عربية وإسلامية تستند إلى أرضية صُلبة، وشبكة علاقات سياسية ذات بنية اقتصادية متماسكة مع دول أفريقيا وشرق آسيا وأمريكا الجنوبية، تشكل قاعدة إسناد لنجاح السعودية في أي مواجهة شاملة مع إيران.
تقدير الموقف:
( التصعيد غير المنسحب للحرب )
تواجه المملكة العربية السعودية وتركيا ودول الخليج تحديات خطيرة في المنطقة وأهمها التدخل الإيراني العسكري المباشر وغير المباشر، والتدخل الروسي في سوريا، ونظرا لقيام إيران بالتصعيد المباشر بحرق السفارة السعودية بطهران، فإنه يتوجب على المملكة العربية السعودية ودول الخليج وتركيا القيام بمجموعة من السياسات والإجراءات من أجل التصدي لهذا التصعيد بنفس الفاعلية والقوة واستخدام الأدوات والآليات والاستراتيجيات المتاحة دون الانجرار نحو الحرب في المنطقة، ومن أهمها تعزيز التحالف السعودي التركي، وتوحيد الموقف الخليجي، واستثمار الأخطاء والممارسات اللاإنسانية التي تقوم بها إيران وحلفاؤها، وكذلك استثمار حالة الرفض الشعبي للمارسات الإيرانية، واستثمارالتفاهم مع الحاضنة الشعبية الوطنية والإسلامية لمواجهة المشروعات الدولية والإيرانية في المنطقة.
وقد أوصى الحاضرون لتنفيذ هذا الموقف بما يلي:
التوصيات:
1- أكد الحضور أهمية أن تقوم المملكة العربية السعودية بإعادة ترتيب تحالفاتها الخارجية مع الدول والشعوب والحركات بالمنطقة، خاصة في الدول التي تشهد حالة من الصراع.
2- أكد الحضور أهمية أن تقوم المملكة العربية السعودية وتركيا بتعميق التحالف الاستراتيجي بينهما من أجل التصدي للمشاريع المناوئة بالمنطقة، وتحقيق أكبر قدر ممكن من المصالح للمنطقة.
3 – يعتقد الحضور بأهمية التواصل المباشر وفتح قنوات للحوار والتعارف بين حكومة المملكة العربية السعودية والحركات الإصلاحية والإسلامية والوطنية فى العالمين العربي والإسلامي، وتقديم تفاهمات
إيجابية لحركات التغيير الوطنية والإسلامية الشعبية بدول المنطقة، خاصة أن السعودية في حاجة إلى وقوف تلك الحركات بجوارها في مواجهة التحديات بالمنطقة ومواجهة المشروع الإيراني.
4- كما أكد الحضور أهمية التواصل والحوار مع المراكز والجمعيات الخاصة بالأقليات المسلمة خارج العالم الإسلامي في أوروبا وأمريكا وغيرها، واستثمار ذلك التواجد العربي والإسلامي في العالم الغربي لتشكيل جماعات ضغط ( لوبيات ) للتأثير على صناع ومتخذي القرار في تلك الدول.
5- توصل الحاضرون إلى أهمية التعامل بفاعلية وتوازن في التعاطي مع ميادين الصراع الحالية في المنطقة العربية وعدم تهميش ملفات على حساب ملفات أخرى في الصراع، مع الحفاظ على المرونة في التنقل بين الملفات حسب الأولوية والحاجة.
6- يوصي الحاضرون جميع الأطراف بتجنب الدخول في حرب وصراعات مفتوحة غير معروفة النتائج.
7- اعتبر الحضور أن الخطاب الديني ذو أهمية بالغة في هذه المرحلة، ما يؤكد على دور المملكة العربية السعودية في ضرورة تجديد الخطاب الديني بما يناسب المرحلة وطبيعة الإسلام المعتدل والمنفتح.
8- كما نوه الحاضرون إلى ضرورة إعادة تأهيل الإعلام العربي من خلال التعرض للمشاكل والأزمات الحالية، ووضع حلول جذرية لها، ومحاولة تجنب لغة المذهبية والطائفية والاستهلاكية في مواجهة التحديات الكبرى، والتأكيد على الدفاع عن الحقوق، ورفض التدخل الإيراني، وتدخل الدول الكبرى في شئون المنطقة.
9- وفي هذا السياق شدد المشاركون على ضرورة إنشاء قنوات إعلامية تتبنى إيجابية الفكر الوسطي، لمخاطبة شعوب المنطقة بمختلف لغاتها، وخصوصا الإثنيات المتنوعة في إيران.
10- شجع الحاضرون دول الخليج على المراجعة والاستفادة من نماذج التنمية المتبعة، والنماذج الناجحة في العالم، مع ضرورة إحياء مشروع التكامل الاقتصادي العربي للقيام بدوره في تغطية العجز الاقتصادي لمواجهة التحديات بالمنطقة.
11- تشجيع دور المجتمع العربي للقيام بدوره في مواجهة التحديات ومواجهة المشروع الإيراني ببناء وحدات ومجموعات فاعلة من مؤسسات المجتمع المدني غير الرسمية.
12- توظيف الخلل في البنية الاجتماعية الإيرانية من خلال العمل على دعم الحقوق المشروعة للإثنيات في إيران، واستثمار المعارضة الإيرانيه في الخارج في تشكيل جماعات ضغط لدعم حقوقها المشروعة.
13- يمثل النموذج السياسي في المغرب وتونس حالة إيجابية في الوطن العربي، لذا يجب الاستفادة من تلك التجربة ومحاولة نقلها إلى دول المشرق العربي.
14- دعوة المملكة العربية السعودية لدعم التحالفات واختيار الشركاء والحلفاء الفاعلين للتركيز على حسم المعركة في اليمن.
15- محاولة إيجاد حل للأزمة السياسية في مصر، وطرح حلول تساعد مصر على استرجاع دورها الإقليمي والاستراتيجي في المنطقة.
16- ملاحقة إيران وحلفائها وميليشياتها فيما يخص قضايا انتهاك حقوق الإنسان في المحافل الدولية ونشر المعلومات عما يجري من انتهاكات حقوقية في إيران وسوريا والعراق.
17- البدء بمشروع احتضان الشيعة العرب في المنطقة، ودعم تيار شيعي عربي معتدل يكون مناوئا للتيار الشيعي المتطرف في المنطقة.