نتائج الانتخابات التركية وتأثيراتها الجيواستراتيجية في المنطقة التأثيرات على الجغرافيا السياسية للمنطقة

مقدمة

منذ أن تسلم العدالة والتنمية مقاليد الحكم في تركيا عام 2002 أعاد اكتشاف مكان ومكانة وإمكانات بلاده في المنطقة،

وأعاد اكتشاف وفهم تركيا للمنطقة والعكس بالعكس. منذ ذلك الحين وأنقرة منخرطة بطريقة أو بأخرى بقضايا المنطقة بعد أن أدارت لها ظهرها لعشرات السنين.

شغلت تركيا العالم العربي بالقوة الناعمة وسياسة الانفتاح وتصفير المشاكل لعدة سنوات، مقدمة تجربة ناجحة على عدة صعد أهمها الإصلاح الديمقراطي والتنمية الاقتصادية والانفتاح والإنجاز في السياسة الخارجية. ومع بداية الموجة الأولى لثورات الربيع العربي وجدت أنقرة نفسها في قلب المعمعة بوقوفها إلى جانب القوى الثائرة في وجه أنظمتها، رغم أن دعمها لم يكد يتخطى الجوانب الإنسانية والإغاثية والدعم السياسي والإعلامي.

ومع انكفاء هذه الموجة بفعل رياح الثورة المضادة واشتداد حالة الاستقطاب في المنطقة أثيرت مخاوف عدة من أن تكون تركيا هي التالية بعد مصر في سلسلة الإحباطات، وهو شعو قوي بعد نتائج انتخابات حزيران التي خسر فيها الحزب الحاكم أغلبيته البرلمانية للمرة الأولى منذ 2002. وهو تراجع كان له آثاره على السياسة الخارجية التركية وخاصة فيما يتعلق بقضايا المنطقة.

هذا السياق يطرح أهمية تناول تأثير الانتخابات الأخيرة في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر المنصرم على مجمل السياسات التركية، الداخلية والخارجية، وانعكاساتها على العالم العربي، وخريطته السياسية ومحاوره وقواه.

قبل الانتخابات الأولى

على مدى عشرات السنين، سارت تركيا في سياستها الخارجية في الطريق الذي رسمه لها مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك بحيث كانت أهم ملامح هذه السياسة هي التوجه للغرب تحت اسم التحديث وإدارة الظهر لمنطقة الشرق الأوسط. وبذلك أصبحت العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية محور المصالح السياسية، وعضوية حلف شمال الأطلسي محور المصالح العسكرية والاستراتيجية، وعملية الانضمام للاتحاد الأوروبي محور المصالح الاقتصادية.

في كتابه "العمق الاستراتيجي" سطر أحمد داود أوغلو رؤيته لسياسة تركية خارجية نشطة ومؤثرة لتكون تركيا "دولة مركز" عبر عدة ركائز أهمها:

1. العمق الاستراتيجي: حيث رأى داود أوغلو أن دور تركيا الدولي مرتبط بشكل رئيس بدورها الإقليمي ومعتمد عليه، خاصة في ثلاث مناطق جغرافية اعتبرها عمق تركيا الاستراتيجي، أي الشرق الأوسط والبلقان والقوقاز. بمعنى أنه كلما اضطلعت تركيا بأدوار أهم في الشرق كلما زاد وزنها في الساحة الغربية - الدولية، وهو ما يسمى بنظرية "القوس والسهم".

2. صفر مشاكل: حيث لا يمكن لدولة تعاني من علاقات الخصومة والعداء مع محيطها أن تطور سياسة خارجية إيجابية وفاعلة، وبالتالي تحتاج إلى تصفير المشاكل مع دول جوارها فتستفيد كل الأطراف على قاعدة الربح للجميع (win - win).

3. القوة الناعمة: وفي سبيل ذلك وحتى تكون تركيا "دولة مركز"، رأى داود أوغلو في العلاقات التجارية والاقتصادية والتواصل الفكري - الثقافي أثراً أكثر نجاعة من القوة الخشنة. وقد استفادت تركيا فعلاً على مدى سنوات طويلة - على الأقل حتى بداية الربيع العربي 2011 - من هذه القوة الناعمة ولاقت قبولاً جيداً في المنطقة.

بيد أن هذا المنحى التصاعدي في العلاقات الجيدة مع العالم العربي - بما فيه الرسمي - لم يستمر طويلاً، واصطدم بعدة عقبات، أهمها موجة ثورات الربيع العربي التي عصفت بالتوازنات والتحالفات السياسية في المنطقة بذات القدر الذي عصفت فيه بأسس السياسة الإقليمية لأنقرة. فالعمق الاستراتيجي لتركيا تحول إلى محيط لاهب، ونظرية "صفر مشاكل" تحولت بفعل الثورات والثورات المضادة إلى "صفر هدوء"، بينما فشلت القوة التركية الناعمة في إحداث اختراقات مهمة في المنطقة بعد أن أضحت أنقرة في قلب حالة الاستقطاب الإقليمية بسبب مواقفها المعلنة من الثورات، سيما الثورة السورية وتفاعلاتها اللاحقة.

أدت هذه التطورات المتلاحقة وفشل أنقرة في تحقيق أي إنجاز خارجي يبلور واقعياً رؤيتها للحل إلى إعادة تقييم تركيا لسياستها الخارجية وانخفاض مستوى تفاعلها مع بعض قضايا المنطقة، وقد زاد من هذا التوجه نتائج انتخابات السابع من حزيران/يونيو الفائت.

الفترة الانتقالية

أسفرت الانتخابات البرلمانية الرابعة التي خاضها العدالة والتنمية عن تراجعه بنسبة %9 تقريباً وخسارته أغلبيته البرلمانية التي تمكنه من تشكيل الحكومة بمفرده، بينما فشلت مساعيه بتشكيل حكومة ائتلافية مع أحد أحزاب المعارضة أو حكومة أقلية مدعومة من أحدها. أدى ذلك لحالة من عدم الاستقرار السياسي، تبعه تذبذبات اقتصادية تأثراً به وبالإقليم اللاهب، إضافة إلى الحالة الأمنية - العسكرية المتأزمة على خلفية استئناف حزب العمال الكردستاني لعملياته العسكرية في تركيا والرد الحكومي بحملة من التصعيد ضده. كما شكلت هذه الفترة الانتقالية مخاطر محددة على الأمن القومي التركي، من خلال التعاون الوثيق والواضح بين واشنطن والفصائل الكردية اليسارية في سوريا (حزب الاتحاد الديمقراطي وذراعه العسكرية قوات حماية الشعب)، وعدة عمليات أمنية تم توجيه الاتهام بتدبيرها لتنظيم الدولة - داعش.

ولأن السياسة الخارجية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمشهد السياسي الداخلي، ولأن النتائج أيضاً تضمنت بشكل أو بآخر رسالة خارجية للعدالة والتنمية إلى جانب تلك الداخلية، أدت هذه الظروف إلى تراجعات تكتيكية من قبل أنقرة، منها السماح - بعد سنوات من الرفض - للولايات المتحدة باستخدام قاعدة "إنجيرليك" العسكرية، والانخراط الفعلي في التحالف الدولي لمكافحة تنظيم الدولة بعد أشهر من التردد، وخفوت الصوت التركي في مواجهة نظام السيسي، واللهجة اللينة مقابل التدخل العسكري الروسي على الحدود الجنوبية، والقبول الضمني ببقاء الأسد في الحكم خلال الفترة الانتقالية للحل السياسي المنتظر.

نتائج الانتخابات الأخيرة

أسفرت انتخابات الإعادة التي أجريت في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري عن عودة العدالة والتنمية مرة أخرى إلى الأغلبية البرلمانية المطلقة (317 من أصل 550 نائباً) التي تخوله تشكيل الحكومة بمفرده للمرة الرابعة على التوالي بعدد مريح من المقاعد. وقد لاقت هذه الجولة الانتخابية اهتماماً كبيراً في العالم العربي، كما قوبلت النتائج بموجة من الارتياح والفرح وسط تيارات كثيرة في عدد من دول المنطقة تنظر إلى تركيا على أنها "القلعة الأخيرة" لها في المنطقة.

فلئن سيطرت هواجس الفراغ السياسي والتدهور الاقتصادي على الداخل التركي، فقد سادت مخاوف من تغيرات جذرية في السياسة التركية إزاء قضايا المنطقة في حال جاءت النتائج عكسية، حيث أن السياسة الخارجية كانت وما زالت أحد أهم ملفات الخلاف بين الحزب الحاكم والمعارضة، وباعتبار أن أي حكومة ائتلافية محتملة كانت ستخضع بطبيعة الحال لشروط الأطياف المشاركة بها، وهو ما سيعني بطريقة أو بأخرى تراجعاً عن مواقف تركيا المعتادة في المنطقة.

بيد أن هذه النتائج لا تدفع إلى انتظار قفزات واختراقات كبيرة للسياسة الخارجية التركية في المستقبل القريب لعدة أسباب:

أولاً: لأن رسالة الانتخابات السابقة - في جزئيتها الخارجية - قد وصلت فعلاً لصانع القرار في أنقرة، ولذلك يتوقع له أن يكون أكثر حذراً في سياسته الخارجية وأقل إغضاباً لخصومه وحلفائه على حد سواء.

ثانياً: تعقد ملفات السياسة الخارجية بشكل غير مسبوق بعد التدخل الروسي العسكري المباشر في سوريا، ثم اتفاق فيينا بين واشنطن وموسكو، بشكل يضيّق هامش المناورة على أنقرة، ويدفعها مرة  أخرى نحو حضن الناتو وليس بعيداً عنه، خاصة بعد أزمة إسقاط المقاتلة الروسية.

ثالثاً: افتقار تركيا لأدوات الفعل والإنجاز في السياسة الخارجية، خاصة في ظل التعقيدات الحالية، وعدم ثقتها الكاملة بدعم حلف شمال الأطلسي لها، وافتقادها لحلفاء وشركاء في الإقليم.

فالعمل السياسي - ومنه السياسة الخارجية - إرادة وقدرة، ولئن امتلكت تركيا نوايا طيبة أو إرادة ما في قضايا المنطقة، إلا أنها افتقدت في كثير من الأحيان الأدوات اللازمة لإنفاذ رؤيتها، ولنا في الملف السوري خير دليل.

لقد اعترف الساسة الأتراك وكثير من المحللين والمراقبين بفشل سياسة أنقرة الإقليمية في إحداث نجاحات واختراقات كبيرة، بغض النظر عن أخلاقية أو مبدئية هذه السياسة، وهو ما يفرض القيام بمراجعات حقيقية وتقييم موضوعي، سعياً للتقويم والتصويب. ويبدو أن هذه المراجعات/التصويبات قد بدأت بالفعل خلال الفترة الانتقالية من خلال ما ذكرناه من أمثلة، ولا نتوقع أن يتغير الحال كثيراً على المدى القصير.

بيد أن ثبات الصف الداخلي يعطي أنقرة دفعة كبيرة تساعدها على الثبات في الاستراتيجيات وتعطيها هامشاً للمناورة والمبادرة في التكتيكات ببراغميتها المعروفة عنها، وهو ما برعت فيه أنقرة لسنوات طويلة عبر نسج التحالفات والشراكات واللعب في المساحات الرمادية وتجنب المواجهات المباشرة.

تأثير النموذج

وقبل الغوص عميقاً في تأثيرات نتائج الانتخابات الأخيرة على الإقليم، ينبغي ألا نغفل جزئية لا تقل عنها أهمية لكنها تغيب عن أكثر التحليلات، وأقصد "النموذج" أو القوة الناعمة، أي استمرار تجربة العدالة والتنمية في مواجهة نموذجين وموجتين:

الأولى: موجة الثورات المضادة. فالأحداث السياسية والاجتماعية الكبيرة كما هو معروف تنتقل بين الدول أحياناً كأحجار الدومينو، والسبب هو النموذج الذي تمثله أو القوة الناعمة التي تروج لها. فكما أن الثورة المصرية ألهمت عدة دول، وكما أن الانقلاب بدأ موجة التراجع التي توقع الكثيرون أن تصل إلى تركيا (بشّر الكثيرون بنهاية النموذج التركي)، فلا بد أن تكون للانتخابات آثارها - ولو على المستوى المعنوي ابتداءً - على صراع الثورة والثورة المضادة في المنطقة (جنباً إلى جنب مع الهبة الشعبية الحالية في فلسطين).

الثانية: موجة/موضة تنظيم الدولة - داعش. فقد بنى داعش "نموذجه" على أنه حركة "جهادية" ومشروع سياسي يتبلور في دولة، وبالتالي فقد حرص على تشويه حماس كنموذج جهادي وتركيا كنموذج سياسي ينافسانه أو يشوشان على ادعائه. ونجاح العدالة والتنمية الأخير - بغض النظر عن الرأي في التجربة أو توصيف العدالة والتنمية - يرسخ حالة نجاح سياسية (كدولة) في مواجهة نموذج داعش.

بهذا المعنى، سيكون لنتائج الانتخابات الأخيرة التي تصدرها العدالة والتنمية تأثير مباشر على حالة الاستقطاب وصراع القوى المتعددة في المنطقة العربية تحديداً، وهو ما سنعود له بالتفصيل لاحقاً.

التدخل الروسي وأزمة الطائرة

بمعنى أو بآخر، بشكل مباشر أو غير مباشر، تبدو الأزمة التركية - الروسية الأخيرة على خلفية إسقاط أنقرة للمقاتلة الروسية مرتبطة بنتائج الانتخابات التركية الأخيرة، أولاً لأن نتائج السابع من حزيران شجعت الروس - وغيرهم - على استثمار حالة عدم الاستقرار في تركيا لفرض حقائق أمر واقع يصعب العودة عنها، وثانياً لأن نتائج الأول من تشرين الثاني/نوفمبر حملت شحنة معنوية لأنقرة للاشتباك بشكل "أفضل" مع قضايا المنطقة، وخاصة سوريا، في مرحلة يعاد فيها رسم الخرائط وتكتب على هوامشها سيناريوهات النهاية.

فقد حاولت موسكو مراراً الاحتكاك بتركيا واخترقت أجواءها عدة مرات، رغبة منها في تحجيم دورها ووأد فكرتها المتعلقة بالمنطقة الآمنة في الشمال السوري وفرض حظر طيران فعلي "دي فاكتو". لكن ردود الفعل التركية في حينها اقتصرت على المناشدة والتنبيه لاختراق أجوائها التي تعتبر حدوداً جوية لحلف شمال الأطلسي.  لكن بعض المتغيرات المهمة حملت جديداً هذه المرة بخطوة بحجم إسقاط مقاتلة روسية ومقتل الطيار، أهمها:

أولاً: انتخابات الإعادة التي أعادت حزب العدالة والتنمية للحكم منفرداً، منهية فترة عدم الاستقرار السياسي والتذبذب الاقتصادي والتراجع الأمني، وهو ما قوى موقف أنقرة في السياسة الخارجية.

ثانياً: التقارب مع الولايات المتحدة، بعد أن حملت الفترة الانتقالية في تركيا وما قبلها حالة تراجع في العلاقة مع واشنطن تمثلت بإهمال تحفظات أنقرة على التعاون مع الفصائل الكردية في سوريا، بما في ذلك دعمهم بالسلاح ثم تقديم الغطاء الجوي لهم خلال هجومهم على تل أبيض وتفريغها من العرب والتركمان دون علم أنقرة. فالانتخابات الأخيرة والتهديد الروسي وتراجعات تركيا التكتيكية (الانخراط الفعلي في التحالف الدولي وإتاحة قاعدة إنجيرليك) دفعت أنقرة مجدداً للتقارب مع الموقف الأمريكي مما شجعها على اتخاذ مواقف أعلى سقفاً من ذي قبل.

ثالثاً: رفع موسكو مستوى استفزازها لأنقرة من خلال القصف الجوي المكثف لجبل التركمان قرب الحدود التركية وتقديم الغطاء لقوات الأسد هناك، بما يعني عودة النظام للحدود التركية وتقويض فرص المنطقة الآمنة وتهديد التركمان المحسوبين على تركيا تاريخياً وسياسياً وعرقياً.

رابعاً: التواصل التركي الجيد خلال الفترة الأخيرة مع حلف الناتو بشأن الانتهاكات الروسية لأجوائها، وإيصال رسالة واضحة للروس بأن أنقرة ستفعـّل "قواعد الاشتباك" في حال انتهكت أي طائرة مجالها الجوي، وهو ما قوى موقفها من الناحية القانونية.

ولا شك أن الخطوة التركية ليست مجرد حدث منفرد متعلق بالسيادة الجوية، بل قد تكون لها انعكاسات يمكن وصفها بالاستراتيجية، منها:

1-    تحدي التواجد الروسي العسكري وخاصة الجوي في سوريا، وانتفاء حالة الردع التي حاولت موسكو تأسيسها.

2-    إعادة حالة الاستقطاب ولو جزئياً بين روسيا والدول الغربية، بعد أن قرّبت هجمات باريس من مواقفها بالتركيز على محاربة تنظيم الدولة بغض النظر عن مستقبل الأسد.

3-    إعادة الروح لفكرة المنطقة الآمنة وحظر الطيران في الشمال السوري، خصوصاً أن الحادثة كان قد سبقها غطاء جوي تركي - أمريكي للمعارضة السورية استعادت بفضله قريتين من تنظيم الدولة، فضلاً عن التصريحات الأمريكية المادحة لتركمان سوريا واعتبارهم "لاعباً محلياً" يمكن الاعتماد عليه في مواجهة التنظيم.

4-    خلط الأوراق وإعادة توزيعها على طاولة التفاوض قبيل بدء المرحلة الانتقالية المتفق عليها بين موسكو وواشنطن.

في ذلك الوقت، وفي الساعات الأولى للحادثة، لم يكن رد الفعل الروسي على الخطوة التركية الجريئة ليخرج عن أربعة سيناريوهات:

الأول: المواجهة العسكرية المباشرة، وهي مستبعدة جداً. إذ لا تركيا تريد الحرب مع روسيا، ولا روسيا تريد المواجهة مع الناتو.

الثاني: الرد داخل سوريا من خلال استهداف التركمان والمعارضة السورية المحسوبة على أنقرة، ودعم الاكراد، وزيادة تواجدها العسكري (منظومة S400وغيرها)، وقد بدأ ذلك منذ اللحظة الاولى وما زال مستمراً. وقد يمتد ذلك لأعمال أمنية داخل تركيا، ولكنه احتمال أقل حظاً.

الثالث: البروباغاندا السياسية والإعلامية واتهامات دعم الإرهاب لدفع أنقرة إلى حيز الدفاع، وهذه لم تجد حتى الآن رصيداً، خصوصاً أن "الأدلة" التي قدمتها موسكو لم تكن دامغة ولا صادقة.

الرابع: العقوبات الاقتصادية لارتباط تركيا بها بشكل كبير خاصة في مجال الغاز الطبيعي (%55 من الغاز الطبيعي من روسيا، والميزان التجاري بين البلدين يميل بوضوح لمصلحة روسيا)، وقد بدأت موسكو هذه "العقوبات". لكن الاقتصاد سلاح ذو حدين، فكما تحتاج تركيا روسيا، تحتاج روسيا تركيا أيضاً. خصوصاً في ظل تراجع اسعار النفط، والحصار الغربي الاقتصادي على روسيا (تخترقه تركيا)، والتكلفة العالية للتواجد الروسي العسكري في سوريا وأوكرانيا ..الخ. فضلاً عن امتلاك تركيا لبعض البدائل على المدى البعيد وقد بدأت فعلاً بتفعيل بعضها (قطر وأذربيجان).

وعليه، فإن توقعاتنا لرد الفعل الروسي كانت تشير إلى فترة أولى يشوبها حدة في الخطاب لإرضاء الشارع الداخلي وغرور المؤسسة العسكرية الروسية، بينما تنخفض الحدة مع الوقت بفعل المصالح الاقتصادية المتشابكة بين البلدين، واستمرار المواجهة على الرقعة السورية، وإن كانت الأزمة الأخيرة بين أنقرة وبغداد تشير إلى إمكانية تفعيل موسكو لبعض حلفائها (العراق وإيران) للضغط على تركيا سياسياً في هذه المواجهة.

سوريا

بالقصف الجوي التركي لمواقع تنظيم الدولة في سوريا وحزب العمال الكردستاني في العراق، ثم السماح للولايات المتحدة ودول التحالف باستعمال قاعدة إنجيرليك العسكرية ضد التنظيم، ثم الإعلان عن مواجهة وشيكة وشاملة معه، ثم تكثيف التواجد العسكري التركي في شمال العراق، تكون تركيا قد انتقلت إلى مرحلة جديدة في تناولها لقضايا المنطقة، ونقلت سؤال تدخلها/تورطها في المشهد السوري (والعراقي) من نطاق "هل" إلى نطاق "كيف" و"إلى أي مدى".

حتى الآن، لا يبدو أن ثمة تغيراً كبيراً في الرؤية التركية لحل الأزمة في سوريا وأولويات السياسة التركية هناك. فما زالت أنقرة مصرة على ضرورة رحيل الأسد وغيابه/تغييبه عن مستقبل سوريا، على الأقل بعد انتهاء المرحلة الانتقالية المتفق عليها وفق اتفاق فيينا.

بيد أن الأمر مرتبط بالإمكانات أكثر مما هو مرتبط بالإرادات، وعليه فينبغي رصد أهم العقبات أمام أنقرة في سوريا:

أولاً: التواجد الروسي العسكري المباشر، وخصوصاً بعد الأزمة الحالية مع أنقرة  والتي عملت موسكو على استغلالها بالحد الأقصى، من خلال نشر منظومة الصواريخ الدفاعية المضادة للطائرات، وفرض حالة من حظر الطيران فوق سوريا منعت كلاً من تركيا والناتو من التحليق فوقها، فضلاً عن تسليح طائراتها بصواريخ جو – جو لمواجهة أي حوادث مشابهة في المستقبل بطريقة هجومية، والبدء بإنشاء قواعد عسكرية جديدة فوق الأرض السورية، وتكثيفها لقصفها الجوي على مواقع المعارضة السورية وخاصة التركمان شمال سوريا، فضلاً عن تعاونها الوثيق مع حزب الاتحاد الديمقراطي (الكردي) وذراعه العسكرية قوات حماية الشعب.

ثانياً: اتفاق فيينا بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، والذي حدد خارطة الطريق لحل الأزمة السورية بعيداً عن رؤية أنقرة حيث سمح بوجود الأسد خلال الفترة الانتقالية ولم يشترط بشكل واضح إنهاء دوره مع نهايتها (ترك الأمر "لقرار الشعب السوري")، كما أعطى "تصنيف الفصائل المقاتلة" ما بين معتدلة وإرهابية للأردن.

ثالثاً: افتقار الثلاثي تركيا – السعودية – قطر إلى بلورة مواقف ورؤى مشتركة حتى الآن، وبقاء العلاقة بينهم في مستوى "التنسيق" والتعاون وليس "التحالف".وفي هذا الإطار تجدر الإشارة إلى البيانين الذين صدرا عن كل من الرياض والدوحة في الأزمة الحالية بين تركيا وروسيا واللذين كانا أبعد ما يمكن عن الوقوف إلى جانب حليف أو شريك في محور.

رابعاً: عودة تركيا بشكل واضح لحضن الناتو اتقاء لمخاطر المواجهة مع موسكو واحتماءً بمادة الدفاع المشترك، وهو ما يصعّب عليها اتخاذ مواقف مستقلة تماماً في السياسة الخارجية، ولعل هذه من النتائج بعيدة المدى المهمة التي سيتوجب على أنقرة التعامل معها استراتيجياً.

خامساً: ضعف وتشتت المعارضة السورية وصعوبة جمعها على موقف واحد أو رؤية موحدة، وهو ما يضعف موقف القوى الإقليمية الداعمة وفي مقدمتها تركيا.

سادساً: زيادة الضغط السياسي والاقتصادي على أنقرة من قبل "الحلف الروسي" والذي قد يدفعها لخيارات لم تكن مرضية بالنسبة لها سابقاً.

سابعاً: أولويات السياسة الخارجية التركية في سوريا، وهي عدم إقامة كيان سياسي للأكراد في الشمال السوري على طول حدودها.

هذه العوامل مجتمعة تقول إن "أدوات" تركيا قد تكون أعجز من ان تحقق لها رؤيتها في سوريا، وإن خارطة الطريق ترسمها القوى الدولية القادرة وقد تكون تركيا غير قادرة على منع أي سيناريو كارثي في هذا الإطار، سيما سيناريو التقسيم، الذي بات واقعاً في معظم الجغرافيا السورية وربما ينتظر "الترسيم" فقط.

من ناحية أخرى، لا تبدو الخطوات الروسية المتعاقبة بشكل سريع  ومنسق مجرد ردات فعل على إسقاط أنقرة لطائرتها ولكن خطة روسية متكاملة للتواجد الدائم/المستدام في المنطقة، وهذا له تأثيره بشكل مباشر وسلبي على الدور التركي في الأزمة السورية تحديداً.

العراق

يختص العراق بمميزات عدة تزيد من أهميته الاستراتيجية بالنسبة لتركيا. فهو بلد حدودي آخر مع تركيا، وفي شماله تتركز معسكرات حزب العمال الكردستاني، وهو البلد الثاني الذي تتمركز فيه داعش، ولأنقرة علاقات وثيقة برئاسة إقليم شمال العراق، بينما تبدو السيطرة الروسية عليه أقل مما هي عليه في سوريا، وفيه – في شماله تحديداً – ثمة مناطق ذات أهمية تاريخية واقتصادية وسياسية واستراتيجية لتركيا (الموصل وكركوك).

وبالتالي فالعراق هو ساحة الصراع الإقليمية الثانية بعد سوريا وبخصائص مشابهة. ولذلك ربما لم يكن مفاجئاً أن يكون التوجه التركي إليه بعد الخطوات الروسية التي حجمت دور تركيا – ولو مرحلياً – في سوريا. حاولت تركيا تعزيز وجودها العسكري في شمال العراق عدداً وعتاداً، في محاولة لتثبيت تواجدها هناك وربما إعداداً لحملة عسكرية كبيرة ضد تنظيم الدولة في الموصل (ما زال يُحضر لها وتؤجل منذ فترة طويلة)، لكنها فوجئت بردة فعل عالية السقف من الحكومة المركزية في بغداد، وهو ما يصدر بشكل واضح عن تفاعلات الأزمة الحالية مع موسكو.

ولئن كانت سوريا ساحة صراع مفتوحة لتركيا مع روسيا – آنياً على الأقل – فإن العراق هو ساحة الصراع و/أو المنافسة التركية – الإيرانية، سياسياً واقتصادياً، وقد تبدى ذلك في عدة خطوات "عقابية" على هامش موقف أنقرة من الازمة السورية، مثل اعتراض بغداد على اتفاقيات تصدير نفط إقليم شمال العراق لتركيا.

الإشارة الأهم في خصوصية العراق تكمن في تقسيمه الفعلي جغرافياً وسياسياً إلى ثلاثة كانتونات، كردي وشيعي وسني، يبدو الأخير من بينها غير مكتمل البناء والقوة. وهو ما يفتح المجال واسعاً لنقاش رؤية وسياسة تركيا إزاء هذا التفصيل تحديداً.

الأكراد

يمثل الأكراد – وأكراد سوريا تحديداً – القوة الصاعدة في المنطقة ويمكن اعتبارهم من أكثر المستفيدين من استمرار الأزمة السورية وتطوراتها بهذا الشكل، فقد أعلنوا إدارة ذاتية شمال البلاد، ويحاولون إنشاء كانتون أو "ممر" كردي يصلح نواة لدولة مستقبلية على طول الحدود التركية من حدود العراق وحتى المتوسط، مستفيدين من كونهم أفضل اللاعبين المحليين في وجه تنظيم الدولة وأكثرهم جاهزية.

وقد استثمر حزب الاتحاد الديمقراطي وذراعه السياسية قوات الحماية الكردية هذه الجزئية بشكل كبير جداً، فحصلا على الدعم الأمريكي على مدى شهور طويلة رغم التحفظ التركي، بل حصلا على دعم جوي أمريكي خلال سيطرتهم على تل أبيض وتهجير العرب والتركمان منها بعد أيام فقط من انتخابات حزيران/يونيو، ودون علم انقرة.

لاحقاً، وعلى هامش التدخل الروسي في سوريا، بدأت موسكو بنسج علاقات سياسية وعسكرية واضحة المعالم معهم، من زيارات ولقاءات وتسليح وصولاً إلى أحاديث عن احتمال فتح مكتب للحزب في موسكو وممثلية لموسكو في الشمال السوري. أما فيما بعد إسقاط الطائرة الروسية فقد وصلت هذه العلاقات بشكل سريع جداً إلى مرحلة الدعم العسكري المباشر الذي حصل اكثر من مرة خلال الأيام القليلة الماضية.

المعضلة الرئيسة في الخصوصية الكردية هو أنها خط احمر لأنقرة في بعدين: البعد المحلي فيما يتعلق بعملية السلام والحل السياسي للمشكلة الكردية داخل تركيا، والبعد الإقليمي باعتبار إنشاء أي كيان سياسي للاكراد على الحدود التركية – سيما غرب الفرات – خطاً أحمر من منظار الأمن القومي التركي، لما سيمثله ذلك من تحديات سياسية واجتماعية وعسكرية وامنية لانقرة على مستوى أكراد الداخل وفيما يتعلق بالصراع مع حزب العمال الكردستاني.

وعليه، فإن سيناريو تقسيم سوريا يبدو كارثياً على تركيا في هذا الإطار، فضلاً عن تحفيز التواصل العلوي عبر الحدود مع سوريا مما قد يضاعف من مشاكل العلويين في تركيا الاخيرة في غنى عنه حالياً.

سيناريوهات وخاتمة

في الخلاصة، تبدو تركيا صاحبة رؤية واضحة في الأزمة السورية تحديداً وفي المنطقة بشكل عام، وكانت الانتخابات الأخيرة فرصة لالتقاط انقرة لأنفاسها وإعادة صياغة سياستها الخارجية بما يحقق هذه الرؤى، بمعنى انتقالها من الدفاع للهجوم، سيما وأن الواقع الميداني في سوريا يشي بضعف وتراجع موقف الأسد حتى ما قبل التدخل الروسي.

بيد ان التدخل الروسي المباشر ثم أزمة إسقاط الطائرة سوخوي قد خلطا الأوراق بشكل كبير. فبعد أن كانت كل من  أنقرة وواشنطن تتحدثان عن عملية وشيكة في الشمال السوري لإخراج تنظيم الدولة منه (جرابلس)، امتنعت طائرات تركيا والتحالف الدولي عن التحليق فوق سوريا منذ الرابع والعشرين من الشهر الفائت، تاريخ إسقاط الطائرة.

وبعيداً عن نظريات المؤامرات في أسباب إسقاط الطائرة، التي قد يكون أحدها أو بعضها صحيحاً فعلاً، إلا أن الحادث وتداعياته أعادا تركيا مرة اخرى لمستوى الدفاع لا الهجوم. بمعنى أن انقرة تحاول منذ اليوم الأول للأزمة تجنب المواجهة العسكرية المباشرة مع موسكو، وتخفيف حدة العقوبات الاقتصادية عليها، وتنفيس غضب الدب الروسي بانتهاج سياسة التعقل والحكمة وعدم التصعيد، فضلاً عن سياسة تنويع مصادر الطاقة وموازنة الملف الاقتصادي على المدى الطويل.

وعليه، فنحن أمام  عدة سيناريوهات تلوح في الأفق:

الأول: المواجهة العسكرية المباشرة التي ستكون كارثية لجميع الأطراف، ولن تقتصر طبعاً على روسيا وتركيا، بل ستشمل الناتو وحلفاء روسيا أيضاً، ويصعب التنبؤ بمآلاتها. ووفق هذا السينايرو ستتحول تركيا إلى ساحة مواجهة بين روسيا والناتو وستخسر تماماً أي إمكانية لسياسة خارجية تركية مستقلة، وتصبح مجرد ترس في ماكينة الحلف العسكرية. ومن حسن الحظ ان هذا السيناريو ضعيف الاحتمال ولا تريده كافة الأطراف، رغم أنه يبقى قائماً.

الثاني: انكفاء تركيا وتراجعها أمام الضغوط العسكرية والسياسية والاقتصادية المتعددة، وعدم تقديم الناتو الدعم الكافي لها، وهو ما سيعني أنها ستكون اكثر حاجة للأخير واكثر التصاقاً بسياساته الخارجية، بما يقوض من دورها المحتمل والمأمول في قضايا المنطقة، سيما سوريا والعراق. هذا الاحتمال قد يشمل تراجع تركيا عن رؤيتها للحل في سوريا أو تقليل دعمها المقدم لفصائل المعارضة أو الرضوخ للتصنيف الأمريكي – الغربي للفصائل السورية بين الاعتدال والإرهاب، وربما الضغط على المعارضة السورية للقبول بالحلول المطروحة وسقوفها الواطئة.

الثالث: امتصاص تركيا للهجمة الحالية ضدها وعودتها للمبادرة مرة  أخرى، وهو ما سيعني موقفاً قوياً لها على طاولة التفاوض بخصوص اتفاق فيينا، وتواجداً عسكرياً ما في الشمال العراقي، وربما إمكانية إنزال فكرة المنطقة الآمنة  في الشمال السوري إلى أرض الواقع. أكثر من ذلك، ربما تتجه تركيا، في ظل السيولة القائمة في المنطقة والحدود الرخوة للدول التي ضعفت سيطرة إداراتها المركزية على أطرافها، للتعامل مع الامر الواقع من باب المصلحة والفوائد الممكنة. أي تفعيل التواصل الجغرافي والسياسي بين مكونات ثلاثة: إقليم شمال العراق (الكردي)، والإقليم "السني" في العراق، والمناطق "السنية" في شمال سوريا، وتأسيس نوع من الكونفدرالية الجغرافية – السياسية، بفعل الأمر الواقع إن لم يكن بالإعلان الرسمي، تحت حماية ورعاية تركيا وقواتها المسلحة.

إن المفاضلة بين فرص تحقق أحد هذه السيناريوهات الثلاثة يعتمد بشكل أساسي على أوراق قوة انقرة، ولا اقصد بها مجرد أوراقها الذاتية الداخلية، السياسية والاقتصادية والعسكرية، بل أقصد بها القوة بالمعنى الأشمل. وهنا لا بد من الإشارة إلى معضلتين رئيستين تعاني منهما السياسة الخارجية التركية:

الأولى: تسلم العدالة والتنمية لدولة منهكة وبعيدة عن المنطقة ومفتقرة لأدوات الفعل والتأثير في الخارج، ثم انتهاجه القوة الناعمة سبيلاً وحيداً في سياسته الخارجية، وهذا وإن أفاده في سنوات الانفتاح فهو يحد من قدرات تركيا في سنوات المواجهة. ولذلك يبدو ان مراجعاته قد بدأت تؤتي أكلها وتظهر نتائجها، من خلال تصريح أنقرة أن قواتها في شمال العراق تمثل تركيا الدولة وتحمي مصالحها ولا تمثل التحالف الدولي.

الثانية: افتقار تركيا للتحالفات الإقليمية والمحاور المساندة لها وبقائها وحيدة في كثير من ملفات المنطقة وهذا يضعف من موقفها كثيراً ويحد من إمكانات إحداثها أي اختراقات مهمة، خصوصاً في ظل المحور الروسي – الإيراني المعادي لها وعدم توافقها مع حلف الناتو (الولايات المتحدة) واطمئنانها لموقفه منها.

وبالتالي فإن أحد أهم محددات اتجاهات السياسة التركية في المنطقة في الفترة القادمة، وتأثيرات ذلك على المنطقة وجغرافياها السياسية بما يمكنه أن يجيب على سؤال السيناريو الأوفر حظاً من بين ما سبق، هو مدى إرادة وقدرة الدول الإقليمية المتعاونة مع تركيا (المملكة العربية السعودية وقطر) على رفع مستوى العلاقة مع أنقرة من "تفاهم" أو "تنسيق" أو "تعاون" إلى مستوى "الحلف" أو الشراكات الاستراتيجية، وإلا فلا يمكن انتظار الكثير من الاخيرة في ملفات بالغة التعقيد والاشتباك مع ملفات وقوى عالمية. كما تجدر الإشارة إلى أن الارتباط التركي الوثيق بروسيا من خلال اعتمادها عليها بشكل كبير في مجال أمن الطاقة يزيد من أهمية التنسيق والتعاون مع كل من السعودية وقطر لتأمين البدائل لتركيا على المديين المتوسط والطويل لتقليل نسبة هذا الاعتماد وفرص الضغط عليها في هذا الملف الحيوي.

إن ما أستطيع قوله في هذه الخلاصة وعلى عجل أن السياسة الخارجية التركية في الفترة المقبلة وتأثير أنقرة في مختلف ملفات المنطقة العربية مرتبط ولو جزئياً وبشكل غير مباشر بقوى المنطقة نفسها ومدى قدرتها على الاستفادة من المواقف التركية والبناء عليها (في حالة اللاعبين ما دون الدولة) والتعاون معها ودعمها والتنسيق معها (في حالة الدول). فحالة السيولة في المنطقة قد ضاعفت فعلياً من تأثيرات العولمة وإضعاف السيطرة المركزية للدول حتى على سياساتها وليس فقط على حدودها، مما يدفع إلى عولمة أو "أقلمة" السياسات وانعكاساتها، وهو سلاح ذو حدين قد يفيد وقد يضر وقد يؤدي للاثنين معاً بأي حال.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي مجموعة التفكير الاستراتيجي

قيم الموضوع
(0 أصوات)
Go to top