د. إياد أبو زنيط
باحث في مؤسسة يبوس للدراسات/ رام الله
من يُمعن النَظرَ في أَمرِ هذهِ الأُمةِ العَربية، يُلاحظُ وبِكُل ألمٍ أنَّها تُعاني ومنذُ عقودٍ مضت مِنَ التراجُعِ المُستمر، والانحدارِ نَحوَ الهزيمة، والميلِ للاستسلام، بِحيث باتَ يشكُ الناظرُ في أمرِها أنها أصبحت أمةً لا تَكادُ تحيا بدونٍ تَبعيةٍ وانهزام، فَقد تَوالت عليها الهَزائمُ واحدةً تِلو الأُخرى، عَسكريةً و اقتصاديةًو ثَقافية و اجتماعيةً و فكريِّة، فتفرقت واضمَحَلت أسبابُ قوتِها وانتصارها، وصارت مَلامُحُ العَجزِ والفَشل واضحةً فيها لا يُمكن إخفاؤها، فَهيَ تُواجه واقعاً مأساوياً قد تَمتَدُ آثاره إلى تَهديدِ هوِيَتِها القَوميةِ والحَضاريِّة، فسلوكياتها أصبحت مثارَ تَساؤلٍ، وهزائمها المستمرةَ أضحت تدلُ على وجودِ حالةٍ فكريةٍ في صفوفِ مُعظمِ عامتها ونُخَبها تُشكِلُ الأرضية الخصبة للانحدار والتراجع، وتُجادل هذه الورقة في ظهور ما يُمكن تسميته اصطلاحاً "فِكرُ الهَزيمة"، أو "ثقافة الهزيمة"، وتفترض أنَّ هذا الفكر أصبحَ يستحوذُ على نصيبٍ كبيرٍ في الثقافة العربية الآن وعلى مختلفِ المستويات العسكريةِ والاجتماعيةِ والاقتصاديةِ والثقافيةِ والفكريةِ والإنسانية، بحيث باتت النُخَبُ السياسية والثقافية والفكرية بخاصةً الحكومات والأُطر الرسمية تتقبَلهُ وتتعامَلُ معه وتتخذه قاعدةً جدليةً أساسية في إِدارة الشؤونِ العامَّة تخطيطاً وتنفيذاً.وتنطلق في تعريفه، "بأنَّه ذلكَ الإنتاج النظري لأُمةٍ ما، المصحوبُ بسلوكياتٍ تُكرسُ حالةَ التراجعِ والتدهور على كافة المستويات الاجتماعيةِ والسياسيةِ والثقافيةِ والعلمية، ويُرافقُه انحدارٌ حضاريٌ لتلك الأُمة بحيث تُصبحُ الفجوةُ بينها وبين الأممِ المتقدمة واسعةً إلى الحد الذي يُبقيها تابعة. وهو كلُ فكرٍ يتعارضُ وأساسياتِ النهوضِ المَعروفةُ علمياً أو المجربة عملياً".
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي مجموعة التفكير الاستراتيجي
قراءة 2553 مرات
آخر تعديل على الإثنين, 17 آب/أغسطس 2020 18:12