أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات بالشراكة مع منتدى آسيا والشرق الأوسط دراسة بعنوان “تفكيك الخطاب الموالي لـ”إسرائيل”: الهند نموذجاً”. وهي دراسة تقع في 102 صفحة من القطع المتوسط، موزعة على ثلاثة فصول، من تأليف د. محمد مكرم بلعاوي وحسان عمران. وبحثت في الخطاب الإسرائيلي الذي مهّد وأسس للعلاقة الإسرائيلية – الهندية، وعمل على اختراق النخب الحاكمة وصانعة الرأي.
فمع انتهاء الحرب الباردة، انتهجت “إسرائيل” سياسة مختلفة لفتح علاقات مع دول كانت معادية لها؛ فبحثت في حاجات تلك الدول وعملت على تطوير خطاب يلامس اهتماماتها، ونجحت فيما سعت إليه، كما هو الحال في الهند، التي كانت عدواً لدوداً لـ”إسرائيل” في سياستها الخارجية، لتصبح صديقاً مقرباً لها في وقتنا الحالي.
تناول الفصل الأول من الدراسة السياسة الهندية تجاه فلسطين و”إسرائيل” قبل سنة 1947؛ أي خلال الاستعمار البريطاني. وخلال الفترة ما بعد الاستقلال حتى نهاية الحرب الباردة (1947-1992)؛ حيث كانت الهند داعماً قوياً لقضية فلسطين على المستوى الدولي، وعلى مستوى دول عدم الانحياز. وسياستها بعد سنة 1992، عندما رأت الحكومة الهندية أن “إسرائيل” خرجت رابحة من الحرب الباردة، وأن الفلسطينيين يتفاوضون سراً وعلانية مع “إسرائيل” وهم على وشك توقيع اتفاق معها، فأقامت علاقات دبلوماسية مع “إسرائيل”، سنة 1992. وبعد اتفاق أوسلو سنة 1993، صارت مواقف الحكومة الهندية أكثر براجماتية تجاه القضية الفلسطينية، وحرصت على أن تقدم دعماً محدوداً للسلطة الفلسطينية وتقيم، بالمقابل، علاقات على كل المستويات مع “إسرائيل” في مجالات تكنولوجيا الفضاء والصواريخ، والأمن، والزراعة والري،…، وأصبحت الهند أكبر مستورد سلاح من “إسرائيل”، بالإضافة إلى أوجه التعاون الأخرى.
كما تناول هذا الفصل المشهد السياسي الهندي في سنة 2018، في ظلّ صعود الحزب الحاكم في الهند بي جي بي ورئيس الوزراء ناريندرا مودي، الوجه السياسي للحركة القومية الهندوكية (آر أس أس)، والتي اعتمدت أيديولوجيا مفادها أن الهند للهنادك، وأن بقية مكونات الشعب الهندي وخصوصاً المسلمين هي مكونات أجنبية لا مكان لها في الهند. واستعرض الفصل السيناريوهات المحتملة حول حكم البلاد، من خلال استقراء عام لواقع العملية السياسية في الهند، ومستوى أداء الحزب الحاكم.
وناقش الفصل الثاني من الدراسة مضامين الخطاب الهندي الموالي لـ”إسرائيل”، بدءاً بترويج التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية، مروراً بالتكنولوجيا المتقدمة سواء في الميادين الإلكترونية أم النووية أم تكنولوجيا الطيران والفضاء، عدا عن الخبرات الإسرائيلية في مجال الزراعة وتحلية المياه، وصولاً إلى ما تزعم “إسرائيل” امتلاكه من خبرة أمنية في الدفاع وفي مكافحة “الإرهاب”، والذي يلقى رواجاً في دول عديدة، بالإضافة إلى جذب الاستثمارات الإسرائيلية، والحديث عن متانة العلاقة الإسرائيلية بأمريكا؛ مما يتيح لها أن تكون بوابة للقوة العالمية الأولى، وتدريب الكوادر وتطوير الموارد البشرية، بالإضافة إلى أسباب أخرى تعرضت لها الدراسة بالتفصيل.
وطرح الفصل الثالث من الدراسة سمات الخطاب الهندي الموالي لـ”إسرائيل”؛ كالتهوين من المشاكل الداخلية الهندية، والادّعاء بأن العلاقة مع “إسرائيل” هي السبيل الوحيد للمضي قدماً؛ وهو خطاب إسلاموفوبي يعمل على تشويه صورة المسلمين الهنود وإظهارهم كخطر محدق، وأن “إسرائيل” بإمكانها المساعدة في مكافحة خطرهم بناء على “خبراتها” السابقة. وحاول الخطاب أيضاً التغاضي عن الدور اللا أخلاقي الذي تقوم به “إسرائيل” وإخفاء وجهها القبيح، وهو في مجمله خطاب قائم على تبرير العلاقة الهندية – الإسرائيلية، انعكاساً لحالة الشعور بالذنب نتيجة للتخلي عن الدعم التاريخي الحقيقي للقضية الفلسطينية.
وعرض الفصل الرابع من الدراسة العلاقة مع “إسرائيل” في المنظار القانوني، ووجوب التزام الدول بواجباتها تجاه الاتفاقيات الدولية، علماً أن “إسرائيل” دولة خارجة عن القانون إلى حدّ كبير وترفض الالتزام بأي قرار يعارض رغبتها مهما لقى من إجماع دولي.
واختتمت الدراسة بتوصيات للكتّاب والأكاديميين المناصرين للقضية الفلسطينية، وللقيادة الفلسطينية، والدول العربية، والدول الأخرى، وتحديداً الأطراف المتعاقدة في اتفاقية جنيف الرابعة، ولمنظمات حقوق الإنسان، والمنظمات الفاعلة في حركة مقاطعة “إسرائيل”.
لقراءة محتوى المبحث الأول من الفصل الثاني يمكنكم تحميله من الرابط المرفق