إعداد:أ.وائل المبحوح
المقدمة:
تُشكلُ مدينةُ بيتِ المقدسِ العربيةُ المحتلةُ عنوانَ صراعٍ ومواجهةٍ بين “إسرائيل” والفلسطينيين على مدارِ أكثرِ من سبعينَ عاماً؛ ففي حين تعدّ “إسرائيل”، التي احتلت الجزء الشرقي الذي كان يسيطر عليه الأردن سنة 1967، القدسَ بأكملها عاصمةً لها، يصرّ الفلسطينيون على أن يكون شرقي القدس؛ موطنُ أكثرِ من قرابة 350 ألف فلسطيني، عاصمةً لدولةٍ مستقلةٍ، يأملون في الحصول عليها. ومدينة بيت المقدس هي مدينةُ الحضاراتِ والدياناتِ، ونقطةُ ارتكازِ القوى على سطح الأرض، إذ إنها كانت، وما زالت، رمزاً للسيادة والقوة على مدار التاريخ؛ حيث إن كل أمةٍ من الأممِ التي مرّت بهذا الكون، أو حضارةٍ من الحضارات التي أُنشئت على هذه البسيطة، كانت إذا أرادت أن تثبت قوتها وسطوتها، فإنها تثبت ذلك بالاستيلاء على القدس واحتلالها؛ هذا ما فعله الصليبيون ذاتَ مرة، وهو ما أعلنه الفتحُ الإسلامي لها؛ بأن الغلبة له، وأنه صاحب السيادة حينها على ربوع الأرض.
في قطيعةٍ مع سبعة عقودٍ من السياسة الأميركية نحو القدس، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب Donald Trump (2017–2021)، في 6/12/2017، اعتراف إدارته بالقدس عاصمةً لـ”إسرائيل”، كما وجّه وزارةَ الخارجية لـبدء التحضيرات لنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس. وكان الكونجرس Congress الأميركي تبنّى بأغلبية كبيرة من الحزبين الديموقراطي Democratic والجمهوري Republican، قانون سفارة القدس Jerusalem Embassy Act سنة 1995؛ ذلك القانون الذي تنكّر لتاريخ القدس، والسيادة الفلسطينية العربية الإسلامية عليها، حيث تضمن القانون ثلاثة بنود؛ الأول أن تبقى القدس موحدةً غيرَ مجزأة، والثاني يعترف بالقدس الموحدة عاصمة لـ”إسرائيل”، أما البند الثالث فيُلزم الإدارة الأمريكية بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، في أي وقتٍ مناسبٍ يحين. ونصّ على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس في سقفٍ زمني لا يتجاوز 31/5/1999، إلا أن هذا القانون تضمن بنداً يسمح للرئيس الأمريكي بتوقيع إعفاءٍ مدتُه ستةُ أشهرٍ، قابلة للتجديد، إذا رأى أنه ضروري لـحماية المصالح الأمنية القومية الأمريكية.[2]