بيانات الكتاب :
اسم الكتاب : الثابت والمتحول 2015: الخليج والآخر
المؤلف : مجموعة من المؤلفين .
الناشر : مركز الخليج ليساسات التنمية . مكتبة آفاق للنشر ( الكويت).
الإصدار : (الثالث ) سلسلة الخليج الثابت والمتحول (2015).
عدد صفحات الكتاب :193 من القطع الكبير .
-------------------------------------------------
عرض وتقديم : محمود المنير
---------------------------------------
هذا الكتاب
يعتبر "الخليج والآخر" هو الكتاب الثالث في سلسلة "الثابت والمتحول"، وقد سبقه في ذلك الكتاب الأول "الخليج بين الثابت والمتحول" و "الخليج بين الشقاق المجتمعي وترابط المال والسلطة".
وينطلق محور الإصدار من مبدأ أن التعرف على الذات يتطلب تحليل علاقات دول مجلس التعاون الخليجي مع الآخر. ويركز في هذا الصدد على تحليل علاقات مجتمعات الخليج مع الأطراف الفاعلة في تحديد مصيرها، أكانت في الداخل، كالعلاقة مع الوافدين، أو في الخارج، بما فيها دول الجوار والقوى الغربية.
ويجيب هذا الكتاب الذي يحمل عنوان ( الثابت والمتحول 2015: الخليج والآخر ) على عدة أسئلة محورية تهتم بشؤون الخليج وقضاياه المحورية منها :
كيف يُقارن المخزون الاستراتيجي للمياه في البحرين - الذي لا يتعدّى يوماً واحداً - مع باقي دول المنطقة؟ ولماذا فاقَ سعرُ برميل النفط - الذي تحتاجه الإمارات لموازنةِ ميزانيتها - 85 دولار؟ ما هي تبعات نسبة المواطنين المتدنّية بالمقارنة مع الأجانب في قطر والتي لا تبلغ نسبة 15%؟ وكم عدد القوّات العسكريّة الأجنبيّة التي تتخذ من قواعد في دولها مقرّاً لها؟ وما آخر تطوّرات ملف السّجناء السّياسيين في المنطقة؟
والإجابة على هذه الأسئلة هي هدفُ هذا الكتاب وفحواه، حيث يركز على رصْد وتحليل التطوّرات والتغيّرات الجارية في أقطار مجلس التعاون لدول الخليج العربيّة، على مدى الأعوام 2011 -2013م، وتقييمها من منظور متطلّبات بناء الدّولة الحديثة، ووفق الطّبيعة العامة لهذه الأقطار.
ويحتوى هذا الكتاب على أربعة أقسام رئيسية، يُركّز كلٌّ منها على واحدٍ من أوجه الخلل المزمنة في دول مجلس التعاون الخليجي والتطورات المتعلّقة فيه، وخلال الفترة الزّمنيّة التي يعني بها الاصدار وهي العامين الماضيين. ويخصّص الكتاب ملفات معمّقة في كلٍّ من الأجزاء الأربعة، تتطرّقُ إلى حالةٍ معينة من الخلل محلّ الدّراسة، والتركيز على تحليله بعمق. على سبيل المثال، يخصّص ملفّاً لمناقشة الدّساتير في دول مجلس التعاون عند تناول الجزء المتعلّق بالخلل السّياسي، بالإضافة إلى قسم معمق حول العمل النّقابي. كما يخصّص ملفاً لموضوع القوّات العسكريّة الأجنبيّة عند مناقشة الخلل الأمني، بالإضافة إلى ملفٍّ يتعلّق بالأمن المائي في المنطقة. أمّا في الجزء الخاص للخلل الاقتصادي، فيخصّص قسماً لمناقشة إيرادات النّفط واتفاقاتها. وأخيراً، يخصّص قسماً لمناقشة المشاريع العقاريّة وتبعاتها في جزء الخلل السكاني. سيكون ذلك مضافاً إلى مناقشة أهمّ التّطوّرات في العامين الماضيين على مستوى كلّ دولة، وفي إطار أوجه الخلل المزمنة محلّ الرّصد والتّحليل، ويلقي الضوء على ما هو ثابتٌ، في مقابل المُتحوّل. ويطرح في هذا السّياق جملة من الأسئلة ذات الصّلة، مثلاً: ما آخر تطوّرات الاحتجاجات السّياسيّة في البحرين؟ وهل هناك أيّ تطوّرٍ على مستوى قطر عند تحليل الخلل الاقتصادي فيها، وهل انخفض مستوى اعتماديّة الميزانيّة السّعودية على العائدات النّفطيّة؟ هكذا..
التطورات السياسية في الكويت :
عرض الكتاب للتطورات السياسية التي شهدتها الكويت خلال عامي 2014،2015 . وقسم السرد على النحو التالي : أولاً : مجلس الوزراء . ثانياً : مجلس الأمة.ثالثاً: السلطة القضائية. رابعاً أهم الأحداث والحراك السياسي.
وأشار الكتاب إلى أن الواقع السياسي يمر بمنعطف مفصلي فالأحداث تتوالي بسرعة كبيرة وتزداد تشعباً وتعقيداً نتيجة انقسام الرأى العام حول التغيرات السياسية ، فقد ساد التشنج الساحة السياسية بعد الأحداث المتعلقة بما يعرف بـ " مجلس الصوت الواحد" فالكويت تتكون من تيارات سياسية عدة ، وكثير منها غير ممثل في هذا المجلس بسبب رفض بعض التيارات مرسوم تعديل الانتخابات ، ما فاقم الفجوة بين المجلس وشريحة كبيرة من المواطنين .ويرى بعض المراقبين أن بقاء هذه التيارات خارج البرلمان أفقدها فاعليتها السياسية في التشريع والرقابة .
ويرصد الكتاب جملة من التحولات الجوهرية في المشهد السياسي في الكويت منها الملاحقات الأمنية غير المسبوقة التي وصلت لحد سحب الجنسية ، وإغلاق بعض قنوات فضائية وصحف محلية ، وملاحقة بعض المغردين قضائيا بتهمة العيب بالذات الأميرية . ومن جهة أخرى وفقا لما رصده فريق العمل في هذا الإصدار أن ثمة آخرين يراهنون على الانجازات التشريعية للمجلس الحالي – الذى تم حله مؤخراً - مقارنة بالمجالس السابقة بدليل انجازه 31 قانوناً في فصل تشريعي واحد وهو الرقم الأعلى من 1963.
وأكد الباحثون في الشأن الكويتي أن تشنج العلاقة بين الأطراف المعنية في المشهد الكويتي لا ينبئ بوجود حلّ في الأفق. ولكي تخرج الكويت من هذا الجوّ السياسي الصعب، فقد يحتاج ذلك إلى حوار وطني وشعبي لا ينبغي أن يقتصر على القوى السياسية فقط، بل أن يشمل جميع الشرائح الكويتية لترميم الانقسامات وتنفيس الاحتقان بعيداً عن لغة الانتقام، لكي ينفرج التوافق وتعود الحياة السياسية تحكمها الخصومة الشريفة تحت سقف الأدوات الدستورية والديمقراطية التي تميزت بها الكويت تاريخياً عن باقي دول مجلس التعاون، خصوصاً في ظل أزمة اقتصادية محدقة قد لا تكون بعيدة، مما قد يجعل المشهد السياسي أكثر تعقيداً في المنظور المتوسط.
دول الخليج واليمن
قدم هذا الكتاب ملفاً معمقاً حول العلاقة التاريخية ما بين دول المجلس والجمهورية العربية اليمنية، وبيّن أن العلاقة بينهما شهدت تقلبات متعددة، حيث لم يكن نادراً أن يتم دعم أحد الأطراف السياسية اليمنية في فترة معينة، لتكون العلاقة معادية له بعد فترة زمنية قصيرة. وقد خلق هذا الاحتقان حالة من المد والجزر بين دول الخليج واليمن عموماً، مما يجعل الوصول إلى حل شامل أمراً معقداً.
ويشير الباحثون إلى أن العلاقات الخليجية - اليمنية، تتأثر بشكل ملحوظ، بطبيعة العلاقات الخليجية - الخليجية. ففي مراحل الأزمات يضيق هامش التسامح والمناورة، ويسود في الجانب الخليجي منطق من “ليس معي فهو ضدي،” في حين يجد اليمن نفسه إما منحازا لأحد الأطراف مع ما يفضي إليه ذلك من خسارة للطرف الآخر، أو يحاول، في ظل حالة من الاستقطاب الحاد، الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع الطرفين، فيخسرهما معاً.
التطبيع مع إسرائيل
كما قدم الكتاب رصداَ منهجياً لحالات التطبيع مع الكيان الصهيوني في دول المجلس، في محاولة لإعادة البوصلة نحو القضية المحورية في العالم العربي "فلسطين"، حيث وجدت الدراسة بأن هناك بوادر غير مطمئنة للتطبيع على المستوى الرسمي والاقتصادي. وكذلك قدم الكتاب ملفاً معمقاً لتحليل العلاقة التاريخية ما بين السعودية وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وقد بيّنت الدراسة أن للطرفين أولويات مختلفة عند التعاطي مع القضية الفلسطينية، حيث أن السعودية تعتبر "المبادرة العربية" التي تدعو إلى السلام مع الكيان الصهيوني هي مرجعيتها، فيما تواصل حماس في موقفها الرافض من الاعتراف بالكيان.
التركيبة السكانية
أما في الشأن السكاني، فنوّه الكتاب أن إجمالي عدد سكان دول مجلس التعاون الخلجيج وصل إلى 51 مليون شخص في عام 2014، 52% منهم مواطنين و48% وافدين. وأن استمرت وتيرة النمو الحالية، فسيصل إجمالي عدد سكان دول المجلس إلى 100 مليون بحلول عام 2030، 60% منهم من الوافدين. وقد قام الكتاب بدراسة "حملة تصحيح أوضاع العمالة الوافدة في السعودية" كأول جهد رسمي من نوعه في الألفية الجديدة للتعاطي مع الخلل السكاني المتفاقم في دول المجلس.
المشهد السياسي
عرض الكتاب لأوجه الخلل السياسي في دول مجلس التعاون مشيراً إلى أن الأحداث في عامي 2014 و2015 تدل بأنه لا يوجد بوادر انفراج في الخلل السياسي. فمع انتصاف عام 2015، بات واضحاً أن المنحنى الأمني هو السائد على المشهد السياسي في دول الخليج العربية، سواء على المستوى الداخلي في التعاطي مع المعارضة المحلية في كل دولة، أم على المستوى الإقليمي في العلاقات مع دول الجوار. فعلى المستوى المحلي، لا زال الخيار الأمني يشكل الاستراتيجية المتبعة في الإمارات وعمان والبحرين والسعودية، ولوحظ أيضا تصاعد وتيرته في الكويت. وقد أصبح الانقسام السياسي هو السمة الطاغية في الدول ذات البرلمانات المنتخبة كالكويت والبحرين، وقد لجأت المعارضات السياسية في هاتين الدولتين إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية لعدم تجاوب السلطة لمطالبها، حسب وجهات نظرها. أما على المستوى الإقليمي، فتفجر الأوضاع على كل حدود دول المجلس، أكانت في سوريا أو العراق أو اليمن، والعلاقة العدائية المتبادلة مع إيران، يؤكد بأن التعاطي الأمني هو الخيار السائد، حيث يبين قسمي التطورات السياسية في الإمارات وقطر، بأن سياساتهم الخارجية النشطة تتقاطع وتتنافر في كثير من الأحيان، مما سبب خصومات تجاوزت حدود الدولتين.
الخليج والقوى العالمية
يركز محور الخلل الأمني على علاقات دول المجلس مع القوى الإقليمية والعالمية، مشيراً إلى أن الخلل الأمني هو عدم مقدرة دول المجلس على تأمين سيادتها وحمايتها العسكرية والأمنية منفردة، واستمرار إتكاليّتها، المزمنة وشبه المطلقة، على القوى الغربيّة، والولايات المتحدة على وجه الخصوص، وذلك بغرض توفير السيادة والأمن الخارجي لها. ولا يبدو أن هناك تغير جوهري، إذ لا زال يتواجد حوالي 50 ألف عنصر عسكري أجنبي في دول المجلس ومياه الخليج، بينما تستمر دول الخليج في كونها الأعلى انفاقاً على الأسلحة وعلى جيوشها على مستوى العالم.
وسع الكتاب الذى نحن بصدده مساحة العلاقات الدولية التي قام بتحليلها وفي الصدارة منها التطورات في الأراضي اليمنية وذلك في ظل توسع الحوثيين العسكري وعملية "عاصفة الحزم" التي تقودها دول مجلس التعاون بقيادة المملكة العربة السعودية . منواً إلى ضرورة تحليل تاريخ العلاقات اليمنية – الخليجية ، لذا قدم الكتاب ملفاً معمقاً يبحث في المحددات التاريخية لعلاقة ما بين طرفين هما في الحقيقة يمثلان كتلة جغرافية واحدة. وبحث هذا الملف في التاريخ الحافل بالتحالفات تارة، والخلافات تارة أخرى. مشيرا إلى أن دول الخليج قامت بدعم أطراف مختلفة في المشهد السياسي اليمني، حيث لم يكن نادراً أن تدعم دولة أحد الأطراف في فترة معينة، لتكون معادية له بعد فترة زمنية قصيرة. وهكذا كان الحال مع الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح والجنوب اليمني، حيث تغير التعاطي معهما بناء على الحقبة التاريخية، حيث بدى وأن كل طرف يسعى لمصلحتة الآنية، مما خلق حالة من المد والجزر بين دول الخليج واليمن عموماً، مما يجعل الوصول إلى حل شامل أمراً معقداً.
الاستنتاجات:
تناول هذا الكتاب بالتحليل المعمق أوجه الخلل الرئيسية في دول مجلس التعاون الخليجي وخلص إلى جملة من الحقائق والاستنتاجات التالية :
الخلل السّياسي:
الثّابتُ هو تواصل الاستئثار بالسّلطة في مقابل غياب الدّيمقراطيّة، والمُتحوّل هو بروز تحرّكات واحتجاجاتٌ على مستوى كلّ دول المجلس، لم يُشْهد لها مثيل، ولعقودٍ مضت. ووصل هذا الحراك، بالإضافة إلى الكويت والبحرين ذات الباع السّياسي المعارض الطويل؛ إلى دولٍ تُعتبر فيها ظاهرة حديثة نسبياً، بما فيها السّعودية وعُمان، وهناك بوادر لبروز تحرّكات حتّى في الإمارات وقطر. لكن يبقى السّؤالُ مفتوحاً حول طبيعة ومجرى هذه التحرّكات على المدى القصير والمتوسط، وإذا كانت ستأخذ منحى وطنيّاً تنمويّاً، أم ستدخل في صراعاتٍ فئويّة جانبيّة، خاصةً في ظلّ بروز بوادر احتقان طائفي ومناطقي حاد في بعض اقطار المنطقة.
الخلل الاقتصادي:
الثّابتُ هو دور الخليج باعتباره المصدر الرّئيس للنّفط العالمي، في مقابل تواصل الاعتماد على الرّيع من النّفط النّاضب واستمرار كونه العصب الرئيس للاقتصاد داخليّاً. أمّا المُتحوّل فهو بروز ضغوطات اقتصاديّة داخليّة، وصعوبات متزايدة في التّصدي إليها، على الرّغم من تواصل ارتفاع أسعار النفط، وفي هذا المجال تبرز تساؤلات حول سبب تواجد فروقات تعدّت 750 مليار دولار أمريكي في تقديرات صادرات النفط الفعلية في مقابل العوائد العامة من النفط المعلنة رسميّاً على مدى آخر عشر سنوات من الطّفرة النّفطيّة. والاستنتاج الرئيسي من هذه الدراسة هو أن النمو في دول مجلس التعاون على نمط العقود الماضية غير مستدام على المدى المتوسط والبعيد. هنا يأتي السؤال حول الحلول لهذه المشاكل المتفاقمة.
الخلل السّكاني:
الثّابتُ هو تواصل الاعتماد على الوافدين بوصفهم العنصر الإنتاجي الرّئيس في المجتمع، حتى بلغت أعدادهم ما يُقارب نصف سكان المنطقة (48%) لأوّل مرّة في تاريخها. هذا في مقابل تواصل تدنّي حقوقهم الاقتصاديّة والإنسانيّة والسّياسيّة. أمّا المُتحوّل، فهو تبلور دور اقتصادي مهم للوافدين من حيث كونهم مصدراً للطّلب، وقوةً شرائيّة رئيسية في المنطقة، خاصة في السّوق العقاري، في مقابل دورهم السّابق التّقليدي، عنصراً إنتاجيّاً ومصدراً للأيدي العاملة فقط، ممّا يفاقم من الاعتماديّة على الوافدين في الاقتصاد المحلي.
الخلل الأمني:
الثّابتُ هو تواصل عجز دول الخليج على تأمين حمايتها العسكرية بنفسها، متكلة في المقابل على الدّول الغربيّة للحماية العسكريّة والأمنيّة، حيث يتواجد أكثر من 50 ألف عنصر أجنبي في المنطقة. هذا في مقابل المُتحوّل، وهي الانتفاضات والمتغيّرات الإقليميّة، من إيران شرقاً إلى مصر غرباً، و بروز بوادر شعبية في الغرب لمراجعة حجم ونوعيّة الدعم والتواجد العسكري في المنطقة، في مقابل تنامي خطاب الوحدة، والخطر الأمني، داخل دهاليز دول المجلس.
هذه التّغيّرات المتسارعة، تُخرِج الحاضرَ والمستقبلَ من طوْر المألوف والمرسوم له. فهي تفتحُ المجال لحراكٍ غير مسبوق على المستوى الشّعبي، بينما تضعُ الأنظمة خارج المُخطّط له، وما اعتادت على التّعامل معه. وهذه التغيّرات الجديدة المجهولة؛ تفتحُ المجال لفرصٍ ومخاطر في الآن نفسه، وستعتمدُ على كيفيّة تعامل الأطراف المختلفة مع الثّابت والمُتحول فيما حولها.
الخلاصة :
قدم هذا الكتاب خلاصة محورية ومركزة من خلال الدراسات والملفات المعمقة التي قدم لها في المحاور الأربعة سالفة الذكر هي أن دول المجلس تواجه تحديات جمة وعميقة ، وتتطلب هذه التحديات نقاشا صريحاً يشارك فيه كل من له مصلحة في إنجاح مشروع الدولة الحديثة ، أي المواطنون جميعاً دون استثناء .