مقدمة:
صدّر بيان الديوان الملكي المغربي إعلان تطبيع العلاقات بين المغرب والكيان الإسرائيلي برؤية المغرب لحل القضية الفلسطينية بحل الدولتين عبر التفاوض لإنجاز الاتفاق النهائي والشامل والدائم؛ وختمه بتأكيد الالتزام الأخلاقي أن هذا الإعلان لا يمس بأي حال من الأحوال الالتزام الدائم والموصول للمملكة المغربية في الدفاع عن القضية الفلسطينية العادلة، وانخراطه البنّاء من أجل إقرار سلام عادل ودائم بمنطقة الشرق الأوسط. وتضمن الإعلان:
تسهيل الرحلات الجوية المباشرة لنقل اليهود، من أصل مغربي والسياح الإسرائيليين من وإلى المغرب.
استئناف الاتصالات الرسمية الثنائية والعلاقات الديبلوماسية في أقرب الآجال.
تطوير علاقات مبتكرة في المجال الاقتصادي والتكنولوجي. ولهذه الغاية، العمل على إعادة فتح مكاتب للاتصال في البلدين، كما كان عليه الشأن سابقاً ولسنوات عديدة، إلى غاية 2002.
وأعلن دونالد ترامب هذا الاتفاق محتفياً بإنجازه في الوقت الذي أظهرت فيه نتائج الانتخابات الأمريكية خسارته منصبه الرئاسي، وقال البيت الأبيض إن ترامب والعاهل المغربي محمد السادس اتفقا على أن "تستأنف المملكة علاقاتها الديبلوماسية مع "إسرائيل"، بالإضافة إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي بين البلدين بما يدعم الاستقرار في المنطقة".
ولتأكيد التزام الولايات المتحدة بتنفيذ بنود الصفقة فقد أكدت عزمها فتح قنصلية بمدينة "الداخلة" الواقعة على ساحل الأطلسي. ويبدو أن الإغراء الأمريكي باستئناف حالة التطبيع مع الكيان الإسرائيلي يتجاوز المعلَن عنها في نصّ الاتفاق؛ إذ تتحدث بعض المصادر عن صفقة أسلحة أمريكية للمغرب تتجاوز قيمتها مليار دولار، تتضمن بيع أربع طائرات مسيرة من طراز إم كيو-9 بي سكاي غارديان من صنع شركة جنرال أتوميكس ، وذخائر موجهة بدقة من نوع الأي جي أم-114 هيلفاير ، وبيف واي ، وذخائر الهجوم المباشر المشترك جيه دي أي إم ، من صنع شركات لوكهيد مارتن ، ورايثيون ، وبوينغ ؛ إضافة إلى تعهد واشنطن بتنفيذ استثمارات في المغرب بنحو ثلاث مليارات دولار على مدى ثلاث سنوات، ربما لتنفيذ عطاء إنشاء ميناء في مدينة الداخلة على الشاطئ الصحراوي، ولا سيّما بعد أن دعت وزارة التجهيز المغربية إلى تقديم عروض لإنشاء الميناء.
وبهذا الاتفاق يصبح المغرب رابع دولة عربية توقع اتفاق تطبيع في سنة 2020 برعاية أمريكية، بعد توقيع الإمارات والبحرين في 15/9/2020، وإعلان السودان في 23/10/2020 الموافقة على التطبيع، بعد أشهر من لقاء جمع الفريق عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني مع بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي في أوغندا.
لم يكن المغرب مقطوع الصلة مع الكيان الإسرائيلي فثمة علاقة قديمة بين الطرفين تميل أكثر إلى السرية، وليس هناك حرج ديبلوماسي مغربي في الكشف عن بعض محطاتها مما يمكن وصفه بالعلاقات الدافئة. وقد ظهرت هذه العلاقة بشكل واضح عقب الإعلان عن اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الإسرائيلي سنة 1993، بينما كانت قائمة في ملفات أمنية، وعسكرية، وسياسية منذ ستينيات القرن العشرين، بل إن المغرب هو الدولة العربية الوحيدة التي ينص دستورها على أن الثقافة اليهودية مكون أساسي ورافد من روافد هويته الوطنية، ولذلك تنشط العلاقات الخاصة من خلال نحو مليون يهودي من أصول مغربية، يقيمون في الكيان الصهيوني، ويتحركون بحرية بين المغرب والكيان.
وهذا الملف ككل الملفات المتعلقة بالسياسة الخارجية يُعد من ملفات العرش الملكي، يقرر فيه الملك وحاشيته المقربة، ولا رأي عمليّ للحكومة التي يعيّنها الملك أو البرلمان في هذا الملف السيادي الملكي.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي مجموعة التفكير الاستراتيجي
قراءة 5424 مرات
آخر تعديل على الثلاثاء, 29 كانون1/ديسمبر 2020 12:40