حمل شهر تموز من العام الحالي تطوراتٍ كبرى كان أبرزها متعلقاً بالقدس والمسجد الأقصى، حيث استهدف الاحتلال الإسرائيلي المقدسات والمباني الفلسطينية بالهدم والإغلاق والمصادرة، وكان الفلسطيني كإنسانٍ مستهدفاً أيضاً بالإبعاد والتهجير، وشنت إسرائيل حملة غير على الأقصى من حيث شدة الاقتحامات التي تعرَّض لها، في مؤشرٍ على تزايد الخطر حول المسجد الأقصى ومحيطه، وفي دلالاتٍ لسعي إسرائيل الدائم تغيير الحالة التاريخية للمسجد الأقصى، وربما العمل بأسرع وقت على هدم المسجد الأقصى أو تقسيمه في ظل وجودٍ دلائل واضحة على سعي الجماعات الدينية المتسارع جداً لإقامة الهيكل مكان قبة الصخرة داخل الأقصى. ونظراً لشدة الأحداث والمجريات وتسارعها حول القدس والمقدسات، فقد تقرر تخصيص هذا التقرير الإستراتيجي لما يتعلق بالقدس والمقدسات، وما يُحيط بها من إجراءات احتلالية، ما يتعلق بها من الناحية الفلسطينية، ويتناول أبرز الأحداث التي جرت خلال الشهر الفائت، وتعلَّق أبرزها بالقدس والأقصى، ويأتي هذا التقرير تحت عنوان:
"الأقصــــــى في خــــــــطر"
1). افتتاح نفق تهويدي أسفل الأقصى بمشاركة أمريكية
في إطار سعيها المستمر لتهويد القدس، افتتحت سلطات الاحتلال الإسرائيلية نفقاً تهويدياً أسفل الأقصى، بمشاركة سفير الولايات المتحدة الأمريكية في إسرائيل "دافيد فريدمان"، ومبعوث البيت الأبيض للشرق الأوسط "جيسون غرينبلات"، و"شيلدون أديلسون" أحد أبرز رجال الأعمال الإسرائيليين الممولين للبرامج الاستيطانية.
ويأتي النفق في إطار الادعاءات الدينية المتكررة حول حق اليهود في الأقصى، حيث تزعم جمعية إلعاد الإسرائيلية أنَّ النفق هو جزء من مسار الحجاج إلى الهيكل الثاني من القرن الأول الميلادي، والذي مرَّ فيه حجاج المعبد حسب ادعائهم.
وحسب ما أكده مركز معلومات وادي حلوة فإنَّ سلطات الاحتلال تواصل الحفر في شبكة أنفاق متشعبة أسفل وادي حلوة، تبدأ من منطقة العين مروراً بشارع حي وادي حلوة الرئيسي وصولاً إلى ساحة البراق والسور الغربي للمسجد الأقصى. وأضاف المركز أن "حفر وشق الأنفاق متواصل أسفل حي وادي حلوة منذ 13 عاماً وأدى لحدوث انهيارات أرضية واسعة وتشققات وتصدعات في عدة مناطق بالحي وخاصة الشارع ا الرئيسي ومسجد وروضة الحي إضافة إلى تضرر أكثر من 80 بصورة متفاوتة بصورة متفاوتة، ولفت المركز إلى أنَّ الانهيارت الخطيرة التي وقعت شهر آذار الماضي وبشكل خاص في أرضية ملعب حي وادي حلوة وسوره، وفي أرض تابعة "لكنيسة للروم الأرثوزكس، تقع فوق مسار النفق المفتتح.
ومن الجدير ذكره أنّه تم نشر مقطع فيديو لافتتاح النفق، وقد ظهر فيه السفير الأمريكي وهو يحمل معولاً ويهدم بيديه، في إشارة واضحة إلى الدعم الأمريكي لإسرائيل في استيطانها، وتربع نخبة من أدعياء المسيحية الصهيونية الداعمة لإسرائيل على سُدة الحكم في الولايات الأمريكية.[2]
3). تضاعف الاقتحامات للأقصى
أفادت معطيات فلسطينية، بأن 2800 إسرائيلي، منهم شرطة بزيهم العسكري ومستوطنون وطالب يهود، اقتحموا باحات المسجد الأقصى المبارك بمدينة القدس المحتلة، خلال شهر حزيران الماضي وقال مركز "القدس" لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني، إن أعداد المستوطنين الذين اقتحموا المسجد الأقصى تضاعف بأعداد كبيرة وغير مسبوقة. وأشارت الإحصائية إلى أن عدد المستوطنين المقتحمين الأقصى بلغ 550,2 ،بالإضافة لـ 250 من طالب الهيكل المزعوم.ونوهت إلى أنه كان من بين المقتحمين المتطرف وعضو الكنيست الإسرائيلي السابق "يهودا غليك" احتفالاً بما يُسمى يوم "توحيد القدس.[4]
4). الاستيلاء على عقارات تُحيط بالأقصى
زحفت البؤر الاستيطانية إلى قلب القدس المحتلة، عبر عمليات الاستيلاء على المباني وممتلكات الفلسطينيين، حتى أضحى الاحتلال يطوق الأقصى والبلدة القديمة من الجهات الأربع. واستولى مستوطنون إسرائيليون، على عقار ضخم مكون من أربع شقق سكنية يقع في حي الصوانة إلى الشرق من البلدة القديمة من القديمة من القدس يعود لعائلة المحضر المقدسية، تم تسريبه بواسطة أحد أفرادها، وفور الاستيلاء على هذا العقار، شرع المستوطنون بإخراج محتوياته، فيما أغلقت قوات الاحتلال المنطقة ومنعت المواطنين من الاقتراب من موقع العقار، والذي استولى عليه المستوطنون بحراسةٍ أمنية خاصة.وبالسيطرة على هذا العقار، تكون جمعيات الاستيطان اليهودية، قد عززت من سيطرتها على شريط من المواقع شمال البلدة القديمة من القدس، وفي غربها وجنوبها، تنفيذاً لمخطط قديم يقضي ببناء سبعة عشر حياً إستيطانياً حول البلدة القديمة كان طرح مطلع التسعينيات.
كذلك شيَّد المستوطنون حياً استيطانياً تحت اسم "معاليه هزيتيم"، مُقام على جبل الزيتون في رأس حي العامود، قبالة المسجد الأقصى من الجهة الشرقية، كما نجحت الجمعيات الاستيطانية في بناء حي استيطاني على حساب البيوت المقدسية في حي وادي الجوز وحي الشيخ جراح شمال البلدة القديمة بالقدس تحت اسم "نحالات شمعون" بالإضافة إلى محاولة الاستيلاء على عقارات وبيوت في حي المصرارة، قبالة باب العمود أحد الأبواب الرئيسية للبلدة القديمة بالقدس من جهة الشمال، ويُضاف إلى ذلك الحي الاستيطاني والمركز التجاري في الجهة الغربية من البلدة القديمة في القدس بالقرب من باب الخليل، تحت اسم حي ماميلا، بمعنى أنَّ الاحتلال بات يُطوق الأقصى والبلدة القديمة بالقدس من الأربع جهات.[6]
7). الاحتلال يسعى بقوة إلى إبعاد وتهجير السُّكان المقدسيين
ندد مركز الإنسان للديمقراطية وحقوق الإنسان بممارسات الاحتلال الإسرائيلي الأخيرة في القدس المحتلة، والتي أكدَّ أنَّ إسرائيل تسعى من ورائها إلى تهجير وإبعاد السكان المقدسيين وفرض واقع جديد لنزع المدينة من هويتها العربية والإسلامية والمسيحية، وأكد المركز أن قوات الاحتلال لا تزال تُمارس سياسة العقاب الجماعي والاعتقال للعشرات من الشبان والفتيات من قرية العيسوية وتفرض عليهم حصاراً للأسبوع الرابع على التوالي إضافةً إلى ممارسة الضغط على سُكان صور باهر لهدم مبانيهم البالغ عددها 16 بناية بواقع 100 شقة سكنية تحت ذرائع أمنيةٍ واهية.
وأشار المركز إلى أنَّ ممارسات الاحتلال العنصرية باتباع سياسة إبعاد المقدسيين عن القدس ما زالت مستمرة، بالمقابل تسمح قوات الاحتلال للعشرات من المستوطنين باقتحام ساحات الأقصى يومياً، وأكدّ المركز أنَّ ما تقوم به قوات الاحتلال مخالف للقانون الدولي، ويعتبر إبعاداً قسرياً من خلال نقل الشخص رغماً عنه إلى أماكن أُخرى، وأنَّ ذلك يُمثل انتهاكاً خطيراً وخرقاً لاتفاقية جنيف الرابعة.[8]
9). مخطط إسرائيلي لطرد 6600 فلسطيني من حي صور باهر
طالبت منظمة الأمم المتحدة سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بوقف عمليات هدم المنشآت السكنية في القدس المحتلة وتشريد سكانها، ضمن مخطط تهويدي يستهدف طرد زهاء 600,6 فلسطيني، بينما تتواصل الفعاليات الشعبية المناهضة لقرار الاحتلال. ويشمل التهديد الإسرائيلي حي صور باهر، الذي يضم 24 ألف فلسطيني، طرد ربعهم في تبرير للاحتلال بأن أراضيهم ومساكنهم تدخل ضمن حدود ما يسمى ”منطقة البلدية“ في القدس، التي ضمها بقرار أحادي، وبسبب قربها من جدار الفصل العنصري. وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ”أوتشا“ إن ”عمليات الهدم والإخلاء القسري تشكل جانبا من الضغوط المتعددة التي تولد خطر الترحيل القسري الذي يطال عددا كبيراً من الفلسطينيين في الضفة الغربية.[10]
11). الولايات المتحدة الأمريكية تمنع صدور بيان من مجلس الأمن يدين عمليات الهدم في القدس المحتلة
منعت الولايات المتحدة محاولة من الكويت وإندونيسيا وجنوب أفريقيا استصدار بيان من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يندد بهدم إسرائيل منازل فلسطينيين في "واد الحمص" ببلدة صور باهر بالقدس المحتلة.وتعبر مسودة البيان التي طرحت على الدول الأعضاء في مجلس الأمن وعددها 15 ،عن القلق البالغ، وتحذر من أن عملية الهدم "تقوض بقاء حل الدولتين وآفاق التوصل إلى سلام عادل ودائم.ونقلت "رويترز" عن دبلوماسيين قولهم، إن الولايات المتحدة أبلغت شركاءها في المجلس بأنها لا يمكنها تأييد نص البيان، وأنه تم طرح مسودة بيان معدل من ثلاث فقرات لكن الولايات المتحدة قالت مجددا إنها لا توافق على النص.
وكانت القدس العربي، لندن، 24/7/2019 ،نقلت من نيويورك، أنه في لقاء لخمسة سفراء عرب مع الصحافة المعتمدة أمام قاعة مجلس الأمن، قال السفير الكويتي لدى الأمم المتحدة، منصور العتيبي، ردا على سؤال لـ"القدس العربي" حول إمكانية اعتماد البيان الصحافي الذي وزعته الكويت على الدول الاعضاء بالمجلس لمناقشته والمتعلق بهدم البيوت في بلدة صور باهر يوم الإثنين 22 يوليو/تموز ”إن فرصة اعتماده ضئيلة بسبب اعتراض أحد الأعضاء. لكننا نقوم باتصالات مع جميع الأعضاء وعندنا استعداد لإدخال تعديلات في جسم البيان كي يصدر بالإجماع. وقال العتيبي إن بلاده، بصفتها العضو العربي الوحيد بالمجلس، قد وزعت بيانا صحافيا على أعضاء مجلس الأمن لاعتماده يتكون من مجموعة نقاط. أولها إدانة هدم البيوت في وادي الحمص ببلدة صور باهر. كما يطالب البيان سلطات الاحتلال بوقف هدم البيوت ووقف الأنشطة الاستيطانية التزاما بقرار مجلس الأمن 2334 لعام 2016 وفك الحصار عن غزة.
وقال السفير الفلسطيني إن الموقف داخل مجلس تميز بنوع من الإجماع لرفض بيان المندوب الأمريكي جاستن غرينبلا الذي أساء لكل الحاضرين بازدرائه القانون الدولي وتحقيره قرارات مجلس، وأثنى منصور على الردود الأوروبية وخاصة رد السفير الألماني، كريستوف هوسيغن، الذي أكد أن ”القانون الدولي ليس طبقا من المقبلات نأخذ منه ما نريد ونترك ما تريد .وكان وفد مكون من خمسة سفراء أوروبيين وقفوا متحدين خارج قاعة مجلس الأمن، وقرأت باسمهم السفيرة البريطانية، كارن بيرس، بيانا يدين هم المنازل الفلسطينية ويعلن تمسك الاتحاد الأوروبي بالقانون الدولي. ”إن هدم البيوت انتهاك للقانون الدولي الإنساني وانتهاك لقرارات مجلس الأمن ويؤثر سلبيا على عملية السالم. كما أن هذه الأعمال تعتبر انتهاكا للاتفاقيات الموقعة بين الطرفين وخاصة اتفاقية أوسلو وبالتالي يقوض فرصة حل الدولتين.[12]
13). تنامٍ واضح للاستيطان في الضفة
صادقت محكمة الاحتلال خلال الشهر الفائت على شرعنة وتأهيل ما يقرب من 2000 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية المحتلة بُنيت بدون تراخيص وتخضع لنزاع قانوني، ونقلاً عن صحيفة هآرتس تسعى النيابة العامة للاحتلال إلى تطبيق منظومة وآلية جديدة تُتيح الاستيلاء على العديد من الوحدات السكنية غير القانونية في شمال الضفة، ومن خلال قراراها فقد قبلت المحكمة دعوى بناءً على آلية تنظيم السوق والتي بموجبها يُمكن ترتيب البناء غير القانوني على الأراضي الفلسطينية بأثر رجعي، إذا تم تخصيصه للبناء والاستيطان بعد اعتباره أرضاً للدولة بشكل خاطئ، ووفقاً للصحيفة تم البدء قبل عدة أشهر باستخدام هذه الآلية الجديدة لتسوية المستوطنات، وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها اعتماد هذه الآلية من قبل المحكمة فيما يتعلق بالمبان المحددة بأنّها غير قانونية، وسيتم استخدام هذه الوسيلة لشرعنة الاستيطان العشوائي.[14]
15). السلطة تقرر وضع آليات لإلغاء كافة الاتفاقيات مع إسرائيل
أعلن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، أن السلطة الفلسطينية قررت وضع آليات لإلغاء كافة الاتفاقيات مع إسرائيل، وأن الرئيس محمود عباس قرر جبر الضرر الكامل عن كل العائلات المتضررة من هدم منازلها في واد الحمص بصور باهر جنوب القدس المحتلة. وأكد، خلال مؤتمر صحفي عقب اجتماع طارئ عقد في ارم هللا بعد قيام قوات الاحتلال بهدم منازل المواطنين في واد الحمص، أنه تم إقرار طلب عقد جلسة لمجلس الأمن ووقف التعامل الكامل مع محاكم الاحتلال،وأضاف عريقات في المؤتمر الصحفي: "قرر الرئيس محمود عباس واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وضع آليات لإلغاء كافة الاتفاقيات بيننا وبين الجانب الإسرائيلي، ويقول الرئيس محمود عباس نحن أمام خطوات غير مسبوقة وخاصة أن سلطة الاحتلال تنكرت لكل الاتفاقيات الموقعة.
وأضاف: "مبعوث عملية السالم الأمريكي يقول أنّ إسرائيل ضحية وليست احتلال والقدس عاصمة إسرائيل بقانون أميركي، فإذا كانت عاصمة لإسرائيل إذن ما يجري اليوم من تطهير عرقي جزء من قرار القومية العنصري حيث تقرير المصير لليهود فقط..". وتابع عريقات: "الرئيس محمود عباس قرر جبر الضرر الكامل عن كل العائلات التي تضررت اليوم وأصدر رئيس الوزراء قرارا من الحكومة وبتعليمات من الرئيس محمود عباس أن الحكومة التاريخ ستضع كل ما يلزم من آليات لتنفيذ جبر الضرر بما يشمل الإسكان الفوري للعائلات المشردة والتعويض وجبر الضرر بكل ما للكلمة من معنى. وقال عريقات: "اليوم ايضا قامت وزارة الخارجية بتقديم ملحق جديد للمحكمة الجنائية الدولية حول هذه الجريمة التي ارتكبت بحق أبنائنا في صور باهر في القدس المحتلة.
وأضاف أنَّ الخطوة القادمة للإدارة الأمريكية إذا ما تابعنا منطقهم هي توطين اللاجئين وإسقاط أي تفكير في حق العودة، وهذا يتطلب إسقاط وكالة الغوث، ولذلك نحن نحث الدول المضيفة على التفكير الجدي بأي خطوة تجاه اللاجئ الفلسطيني، هذا ليس عاملا ولا وافداً بل هو موجود قسراً وله وطن اسمه فلسطين ولن يكون هناك أي توطين لأولئك الذين يصدرون الخوف او يحاولون تطبيق صفقة القرن في التوطين، وقال: "ايضا تعلن اللجنة التنفيذية برئاسة الرئيس محمود عباس عن وقف التعامل مع جهاز محاكم الاحتلال الإسرائيلي باعتبارها أداة رئيسة في تنفيذ سياسات الاحتلال وترسيخه وكلفت أمانة سر اللجنة التنفيذية بالمتابعة القانونية في المحاكم الفلسطينية للمتضررين من سياسات وممارسات العنصرية غير القانونية ووضعها أمام القضاء الفلسطيني، ونحن سنتابع هذا الملف".