التقدير الاستراتيجي (115): إجراءات وزارة العمل اللبنانية والحراك الفلسطيني: الخلفيات والسيناريوهات المحتملة

تقدير استراتيجي (115) – آب/ أغسطس 2019.

ملخص:

تسببت خطة وزارة العمل اللبنانية لمكافحة العمالة الأجنبية غير الشرعية، والتي طال تطبيقها العمل وأرباب العمل الفلسطينيين، بحراك عفوي احتجاجي عارم وشامل في وسط اللاجئين الفلسطينيين، الذين يشعرون بالقهر والظلم نتيجة سياسات حكومية متراكمة على مدى 70 عاماً.

لم تأخذ خطة وزارة العمل بعين الاعتبار التعديلات التي طرأت على قانون العمل، وخصوصاً قانوني 128 و129؛ ولم تراع مخرجات لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، التي وافقت عليه الأحزاب والقوى اللبنانية. بالإضافة إلى ذلك وهو الأهم أن الوجود الفلسطيني في لبنان لا يشكل عبئاً، وهو ليس عنصر منافسة، بل من الممكن الاستفادة من خبراته وإمكانياته لخدمة الاقتصاد اللبناني.

أمام اختلاف المقاربات نحن أمام ثلاث سيناريوهات محتملة، إما "الكل يخسر": أي التشبث بقرار "إنفاذ القانون" من جهة الوزارة واستمرار التحركات الشعبية المطالبة بكافة الحقوق، في المقابل استمرار التصعيد المتبادل. وأما السيناريو الثاني: الاستفادة من تركز الأنظار وانشغال الساحة بالحراك الشعبي وتفاعلاته لتصحيح واقع اللاجئين الفلسطينيين بشكل مستعجل وكامل. وأما السيناريو الثالث فهو الوصول إلى خريطة طريق من خلال مقاربة تنصف اللاجئين الفلسطينيين ولا تحرج الوزارة، وتتوافق في الوقت نفسه مع مخرجات لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني وتبني عليها.

من الواضح بأن السيناريو الثالث هو السيناريو الأقرب للواقع، والذي يتطلب من لجنة الحوار اللبناني ومن القوى الفلسطينية واللبنانية ومن الوزارة القيام بمبادرات، تستند إلى تعاون فعال، وإلى إحصائيات دقيقة، وتسعى إلى قوننة وتنظيم الوجود الفلسطيني في لبنان إلى حين عودته إلى فلسطين.

مقدمة:

قام وزير العمل اللبناني كميل أبو سليمان، في تموز/ يوليو 2019، بوضع خطة لمكافحة العمالة الأجنبية غير الشرعية في لبنان، وسرعان ما أخذ هذا الملف مَنْحىً سياسياً، كما هي الحال في معظم الملفات في لبنان، بغض النظر عن نوعية الملف سواء أكان اقتصادياً أم بيئياً أم اجتماعياً. وقد طالت هذه الخطة على صعيد التطبيق العمال وأرباب العمل الفلسطينيين.

من هنا أتت التحركات الفلسطينية التي أخذت شكل الهبة الشعبية العفوية العارمة الرافضة لإجراءات وزير العمل، والتي نجحت في تنظيم نفسها ذاتياّ وعكست حالة الاحتقان المتزايد في صفوف الفلسطينيين على أوضاعهم المعيشية والإنسانية في لبنان، على مدى سبعين عاماً، وطوال ثلاثة أجيال. وفي هذا الإطار هناك مجموعة من الملاحظات:

• إن التحركات الشعبية الفلسطينية أتت بشكل عفوي، وقد لوحظ أن الشارع الفلسطيني سبق قياداته في تحركاته، واضطرت بعض القوى الفلسطينية المترددة للحاق بالتحركات الشعبية. وأظهرت التحركات بالرغم من شمولها وعنفوانها مقداراً عالياً من الانضباط والسلوك الحضاري. ثم إن الشارع الفلسطيني وضع سقوفاً قد تكون أكثر علواً من سقوف قيادته أحياناً كثيرة؛ فالشارع لا يراعي متطلبات الدبلوماسية السياسية، ولا يمعن في قراءة وتحليل الواقع كما يفعل السياسي.

• من المستغرب وضع خطة "لمكافحة" العمالة الأجنبية في لبنان دون الاعتماد على إحصائيات واضحة ودقيقة، أو حتى تقريبية، توضح عدد العاملين من الفلسطينيين أو باقي الجنسيات، وتوزيعاتهم على قطاعات العمل، وحاجات سوق العمل.

• بغض النظر عن النوايا، ومن وجهة نظر مؤيدة للقضية الفلسطينية، يطرح مراقبون تساؤلات حول توقيت هذه الإجراءات، والتي أتت في ظل الضغوط الأمريكية لإلغاء الأونروا وتصفية قضية اللاجئين، وإنفاذ ما يعرف بـ "صفقة القرن". مع ملاحظة أن وزير العمل اللبناني نفى لذلك تماماً، وأكد عدم الترابط بينهما.

خلفيات المشهد:

من الواضح بأن لبنان قد دخل في استحقاقات داخلية سياسية واقتصادية حساسة؛ وهو ما انعكس سياسياً بتفاهمات داخلية على قانون انتخابات جديد؛ أتاح للقوى السياسية الأساسية تقاسم السلطة فيما بينها، ومحاولتها تجاوز التعطيل السياسي الذي أصاب البلد، كما حدث في انتخابات الرئاسة لمدة عامين، إلا أن تعقيدات الوضع السياسي انعكست على تشكيل الحكومة وعلى اعتماد ميزانيتها، وعلى حالة من "التنافس الشعبوي" من بعض الأطراف في ملفات عديدة بيئية واقتصادية وسياسية، أدت إلى تعطيل الحكومة في فترة اقتصادية حساسة يمر بها لبنان.

بالإضافة إلى الواقع السياسي المتأزم، لا بدّ من الإشارة إلى أن هذه الفترة هي من أخطر الفترات التي يتأزم بها الوضع الاقتصادي اللبناني، حتى باتت تهدد تصنيفه الائتماني العالمي وتهدد استقرار وضعه النقدي. ومن أبرز هذه الحقائق:

• تصاعد الدَّين العام اللبناني إلى نحو 87 مليار دولار أمريكي، وهو ثالث أعلى نسبة دين إلى الناتج المحلي في العالم. كما إن خدمة الدَّين العام تشكل نحو 35% من الموازنة العامة التي أقرت في مجلس النواب لسنة 2019.

• تقدَّر الأموال المحولة من لبنان إلى الخارج بنحو مليار دولار شهرياً، وهو رقم يشكل تهديداً على الاستقرار النقدي في لبنان، وفي هذا الإطار هناك من يعزو هذا الأمر إلى العمال الأجانب، وهو أمر لا ينطبق على العمال الفلسطينيين الذين ينفقون ما يجنونه في لبنان؛ بسبب لجوئهم إليه منذ أكثر من سبعين عاماً، بل إنهم يستقبلون تحويلات مالية من الخارج بمئات الملايين من الدولارات مما يعدّ عنصر تنمية ودعم للاقتصاد اللبناني.

• ارتفاع نسبة العجز في الموازنة العامة لسنة 2018 حتى وصلت إلى نحو 11.5%. وتزايد الاحتجاجات الشعبية على تقليصات الموازنة، التي مسَّت شرائح مختلفة من اللبنانيين، بما في ذلك المتقاعدين العسكريين وغيرهم.

المقاربة اللبنانية:

نظم لبنان عمل الأجانب بمرسوم حمل رقم 17561 - صادر في 18/9/1964، ويتضمن هذا المرسوم ثلاث قواعد للعمل في لبنان وهي: شرط الحصول على إجازة عمل. القاعدة الثانية: الأفضليّة للعامل اللبناني. القاعدة الثالثة: مبدأ المعاملة بالمثل. كما يقع وفق المرسوم على عاتق وزير العمل خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر من كل عام تحديد المهن والأعمال التي يجب أن تحصر باللبنانيين، وتتراوح هذه المهن 50-70 مهنة.

وفي هذا الإطار، فإن وزراء العمل المتعاقبين في الحكومات السابقة لاحظوا عدم الإنصاف في تطبيق هذه المعايير بحذافيرها وأدركوا استحالة تطبيقها على اللاجئ الفلسطيني، باعتبار لجوئه القسري، الذي ينشئ له حقوقاً قانونية وفق المعايير والأنظمة الدولية؛ مما لم يلتزم به القانون اللبناني الذي تعامل معه كعامل أجنبي أحياناً، وكلاجئ أحياناً أخرى. وبالتالي لجأ بعض وزراء العمل إلى محاولة التخفيف من معاناة اللاجئ الفلسطيني بقرارات خففت بعض من الضغط عن العامل الفلسطيني، ومنها ما قام به وزير العمل طراد حمادة سنة 2005، الذي خفف من قيود العمل على بعض المهن، وكذلك القرارات الصادرة عن وزير العمل بطرس حرب والوزير محمد كبارة، والتي أعفت العامل الفلسطيني من بعض متطلبات استخراج إجازة العمل واستثنت الفلسطينيين المولودين على الأراضي اللبنانيّة، والمسجّلين بشكل رسميّ في سجلّات وزارة الداخليّة، من ممارسة المِهن المحظورة على الأجانب.

وقد أقر البرلمان اللبناني في آب/ أغسطس 2010 تعديلات على المادة 59 من قانون العمل والمادة 9 من قانون الضمان الاجتماعي وأٌقر القانونين 128 و129، وبناء على هذه التعديلات ألغي مبدأ المعاملة بالمثل للفلسطيني، كما أعفي من دفع رسوم اصدار إجازة العمل. أما ما يخص الضمان الاجتماعي فقد سمحت هذه التعديلات للعامل الفلسطيني الحاصل على إجازة عمل أن ينتسب إلى صندوق الضمان الاجتماعي على أن يدفع 23.5% من الأجر وحصر الاستفادة بتعويضات نهاية الخدمة (8%) وطوارئ العمل، دون الاستفادة من التعويضات الأخرى (العلاج الصحي والأمومة) التي يقدمها الصندوق للمنتسبين إليه من اللبنانيين.

وبالرجوع إلى خطة وزارة العمل التي أعلنها الوزير أبو سليمان في حزيران/ يونيو 2019، يلاحظ المراقبون عدداً من الإشكاليات التطبيقية منها:

• أن الخطة لم تُميّز بين العامل الأجنبي والعامل الفلسطيني، ولم تأخذ بعين الاعتبار أن العامل الفلسطيني لا ينطبق عليه مبدأ المعاملة بالمثل، وفق التعديلات سالفة الذكر.

• أن وزير العمل لم يصدر يُحدد فيها المهن والأعمال المحصورة باللبنانيين، كما يفعل وزراء العمل كل عام وفق اختصاصاتهم، وذلك قبل تطبيق خطة "مكافحة العمالة الأجنبية".

• لم تراعِ الخطة مخرجات لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني والتي صدر عنها وثيقة وقعت عليها القوى اللبناني الرئيسة، ومنها حزب القوات اللبناني الذي ينتمي إليه وزير العمل، وقد أكدت هذه الوثيقة في توصياتها على ضرورة إصدار مراسيم تطبيقية لقانوني العمل المعدل رقم 128 و129. تشكِّل هذه الوثيقة أرضية جيدة في سبيل الوصول إلى مقاربة تخدم تنظيم العمالة الفلسطينية في لبنان وتنصفهم بما يخدم لبنان واقتصاده.

المقاربة الفلسطينية:

• هذه المعاناة التي يمر بها الفلسطيني منذ 70 عاماً أدت إلى نزيف كبير في مجتمع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان؛ فهاجر الكثيرون وخصوصاً من خريجي الجامعات وأصحاب الكفاءات بحثاً عن الرزق، وتقلّصت أعداد الفلسطينيين في لبنان؛ إذ إن أعداد اللاجئين المسجلين لدى الأونروا في لبنان يصل إلى 530 ألفاً؛ غير أن العدد الحقيقي لا يكاد يصل إلى نصف ذلك (نحو 220 ألفاً). مع الإشارة إلى أن الإحصاء اللبناني الذي شملهم سنة 2017 قدَّر أعدادهم بنحو 175 ألفاً.

• يرى مراقبون أن توقيت هذه الإجراءات قد يصب عملياً، بغض النظر عن النوايا، في صالح "صفقة القرن"؛ في وقت يتوحد فيه الفلسطينيون واللبنانيون ضدها.

• وترى القوى الفلسطينية أن التأكيد على أن الفلسطيني أجنبي يحتاج إلى إجازة عمل، قد يسهم في إسقاط صفة اللجوء، ولا يتسق مع تعريفه كلاجئ جاء قسراً إلى لبنان. وهو ما يسعى إليه الكيان الإسرائيلي وأمريكا سواء لتمرير "صفقة القرن" أم لإنهاء دور الأونروا مستقبلاً.

• تقدَّر القوى العاملة الفلسطينية في لبنان بنحو 90 ألف عامل فلسطيني وهي في إطارها الفعلي بحدود 51 ألف عامل، وتقدَّر نسبة البطالة بنحو 56%، ويعمل 41% من القوى العاملة فعلياً بالأعمال الحرة (معظمها في المخيمات أو التجمعات الفلسطينية)، و37.8% أجراء، ويقدر عدد العاملين في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) بنحو ثلاثة آلاف موظف وعامل؛ فالحديث هنا عن قوى عاملة نشطة تتجاوز عملياً 10-20 ألف عامل فلسطيني في الهيئات والمؤسسات والشركات في لبنان التي تحتضن ما بين 200-275 ألف عامل (باستثناء العمال الفلسطينيين والسوريين) وفق الإحصائيات الرسمية، من بينهم نحو 155 ألف عاملة منزل.

• الشعب الفلسطيني في لبنان لا يشكل عبئاً اقتصادياً على الدولة اللبنانية ولا تنفق من موازنتها المالية عليه، حيث إن إدارة معظم شؤونه في المخيمات تقع تحت وصاية وكالة الأونروا، بما فيها التعليم والصحة وحتى البنية التحتية. وبمعنى آخر فإن القوى العاملة الفلسطينية تدخل إلى سوق العمل اللبناني بلا تكلفة مالية على الدولة ومؤسساتها الرسمية.

• ترى القوى الفلسطينية أن الصيغة المطروحة بفرض إجازة عمل على الفلسطينيين؛ هي صيغة غير واقعية، ولا يمكن تطبيقها على شريحة واسعة من العمال الفلسطينيين، وستسهم بمزيد من البطالة في الوسط الفلسطيني، وهي نسبة مرتفعة أصلاً، وستجعل من العامل الفلسطيني إما مخالفاً للقانون أو عاطلاً عن العمل.

• لا تُعدُّ التحركات الشعبية الفلسطينية ثورة على قرار الوزير أبو سليمان، بقدر ما هي ثورة على حالة الظلم والحرمان التي يُعاني منها الفلسطينيون في لبنان على مدى سنوات طويلة بحرمانهم من العمل بعشرات الوظائف ومنعهم من التملك، وثورة على حالة العزل والتضييق في المخيمات، وهي لا تستهدف شخص الوزير ولا حزبه، ولا الخروج على القانون والأنظمة، ولذلك عبرت عن نفسها بشكل سلمي حضاري. فالمقاربة حقوقية إنسانية أخلاقية بأن من حقهم أن يعيشوا بكرامة وأن يعاملوا بإنسانية.

• أن دمج العامل الفلسطيني في سوق العمل اللبناني يسهم بشكل كبير في تجاوز مشاكل اجتماعية واقتصادية وأمنية وسياسية، وفي منع استغلال اللاجئ الفلسطيني بما لا يخدم المصالح اللبنانية واستقرار لبنان.

• أن التخفيف على العامل الفلسطيني يسهم في قطع الطريق على صفقة القرن؛ وأي تسويات تستهدف توطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.

قراءة بين المقاربتين:

يرى وزير العمل اللبناني أنه بتطبيق قانون العمل ستعود الفائدة على خزينة الدولة وعلى العمّال اللبنانيين بفتح فرص العمل لهم. ولكن نلاحظ وفق الأرقام السابقة؛ بأن القوى العاملة الفلسطينية التي من المحتمل أن تنافس العامل اللبناني جلهم من الأجراء الذين يعملون كمياومين، ووفق ما قال الوزير حسن منيمنة، رئيس لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني: "في حالة اللاجئ الفلسطيني، يبدو أن الحصول على عقد عمل أمامه صعوبة تقارب حد الاستحالة. إذ من المعلوم أنّ المؤسسات الصغرى في لبنان تتهرب كلها تقريباً من تسجيل العاملين فيها في الضمان الاجتماعي لكي لا تدفع الرسوم والمترتبات المالية الأخرى الواجبة". وهنا التساؤل كيف يمكن لمن يعمل بالمياومة في مجالات التطوير العقاري أو الزراعة أو الخدمات الأخرى أن يلزم رب العمل بعقد عمل تفرضه وزارة العمل لاستخراج إجازة العمل؟

إن الإجراءات التي يريد وزير العمل اللبناني كميل أبو سليمان تطبيقها لا تُسهم في حل المشاكل الاقتصادية التي يمر بها لبنان للاعتبارات التالية:

• إن فرض إجازة العمل على الفلسطينيين المقيمين في لبنان لن يزيد من مداخيل خزينة الدولة اللبنانية على اعتبار أن الفلسطيني معفي من رسوم الإجازة.

• إن هذه الإجراءات تشكل بيئة طاردة لأصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين الفلسطينيين، وهو ما قد ينذر بنزيف مزيد من رؤوس الأموال، والتي لا يمكن تقدير حجمها لاعتبارات كثيرة، إلا أنه من المؤكد أنها ستنعكس سلباً على الاقتصاد اللبناني.

• إن هذه الإجراءات التمييزية بحق الفلسطينيين في لبنان ستزيد من معاناتهم الاقتصادية، خصوصاً أن 62% من فلسطينيي لبنان يعانون من فقدان الأمن الغذائي، وهؤلاء في غالبيتهم من الطبقة العاملة بالمياومة؛ أي الشريحة المستهدفة في قرارات الوزارة، وهو ما قد يسهم بإيجاد بيئة اجتماعية غير مستقرة يسهل الاستثمار السلبي فيها.

• تطرقت دراسة قامت بها المؤسسة الوطنية للاستخدام بالتعاون مع بنك "سوسيته جنرال Société Générale" في لبنان، وبإشراف الوزير سجعان قزي، حول اليد العاملة في المؤسسات التجارية والخدماتية صدرت سنة 2016، إلى تأثير العمالة الأجنبية على سوق العمل، وقد حصرت في الدراسة باليد العاملة السورية ودون التطرق إلى تأثيرات العمالة الفلسطينية. ومن اللافت أن الدراسة حددت مجموعة من متطلبات النهوض بسوق العمل والحد من البطالة ومنها رفع الكفاءة وتطوير البنية التعليمية المهنية، وهو ما قد يتوفر عند العديد من العمال الفلسطينيين؛ خريجي المعاهد والجامعات التخصصية، وقد يسهم في سد ثغرة غير متوفرة من حاجة سوق العمل لكوادر متخصصة وفق الدراسة.

الأسئلة الحرجة:

قبل البدء من بالحديث عن السيناريوهات المحتملة لحل إشكالية تنظيم اليد العاملة الفلسطينية في لبنان، تطرح مجموعة من الأسئلة الحرجة:

• هل المطلوب اليوم هو تنظيم العمالة الفلسطينية؟ أم منعها من العمل والتضييق عليها؟

• هل يمكن الاستفادة من القوى العاملة الفلسطينية في تطوير البنية الاقتصادية اللبنانية للخروج من الأزمة الاقتصادية؟ وكيف؟

• هل الفلسطيني المقيم في لبنان منذ أكثر من سبعين عاماً هو أحد أسباب تدهور الوضع الاقتصادي في لبنان؟

• ما مدى إسهام استخراج إجازات العمل للفلسطيني وفق طرح وزارة العمل بحل أزمة البطالة في لبنان؟

• هل الإسهام في زيادة نسبة البطالة في الوسط الفلسطيني هو في صالح لبنان اقتصادياً وأمنياً وسياسياً؟

السيناريوهات المحتملة:

السيناريو الأول: الكل "يخسر": أي التشبث بقرار "إنفاذ القانون" وتطبيقه من قبل وزارة العمل وتجاوز قانون 128 و129 لسنة 2010، ومخرجات لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني: أي أن تستمر وزارة العمل بملاحقة العمال الفلسطينيين ومخالفتهم، مقابل تشبث الفلسطينيين باستمرار تحركاتهم الاحتجاجية، والمطالبة بحقوقهم الاقتصادية والإنسانية. وهو ما قد يؤدي إلى حالة شدّ متبادل قد تنعكس سلباً على حالة الاستقرار على لبنان وعلى الشعب الفلسطيني، كما أنه قد يؤدي:

• استمرار استنزاف البيئة السياسية واستنزاف القوى الأمنية والجيش اللبناني وإرهاقه في ظل التحركات الفلسطينية الرافضة لقرار الوزارة.

• استمرار حالة التوتير والتحشيد الإعلامي الذي أخذ أشكالاً عنصرية وطائفية تضر بالتعايش الفلسطيني اللبناني والسلم الأهلي. وإمكانية استخدام بعض القوى هذه الأجواء كفرصة "شعبوية" لتحقيق حسابات حزبية سياسية. وهو مشهد ينذر بإمكانية الاستثمار السلبي لمزيد من التفكيك في العقد الاجتماعي اللبناني ذاته.

السيناريو الثاني: الاستفادة من الواقع واعتبار أن ما جرى "فرصة" في سبيل تصحيح واقع العمالة الفلسطينية في لبنان بشكل كامل: أي أن يتم طرح جميع القضايا المتعلقة بالعمال الفلسطينيين على طاولة الحوار، وأن تسهم وزارة العمل بالتنسيق مع لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني والقوى الفلسطينية واللبنانية بتقديم مقترح لتنظيمهم بما يتيح لجميع الفلسطينيين العمل دون استثناءات، كما تسهم بتنظيمهم في النقابات. إلا أن هذا السيناريو "المتفائل" ما تزال موانعه قائ

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي مجموعة التفكير الاستراتيجي

قيم الموضوع
(0 أصوات)
Go to top