استحوذت قضايا الشرق الأوسط و إيران حصّة الأسد من مواقف ترامب الخارجية وتصريحاته الاستفزازية، سواءً لناحية وصفه للاتفاق النووي مع طهران بالأمر المشين وأنه سيسعى لتمزيقه ، أو لناحية الهجوم على إيران حيث اعتبرها دولة إرهابية ، تسعى لتقويض الأمن الإقليمي، وركز على دعم طهران لإنشاء وتدريب الشبكات الإرهابية في العراق وسوريا ولبنان واليمن، متوعدا بمواجهة هذه الشبكات ، وفي مقدمتها حزب الله اللبناني ، ومطالبا بضرورة فرض العقوبات على إيران ، وتجميد أرصدتها المالية لكبح جماحها وتغولها في الإقليم ، و قد وصلت حدة تصريحات ترامب إلى أهمية مواجهة إيران عسكريا ، مستشهداً بتهديداتها المتكررة للبحرية الأميركية في مياه الخليج العربي ، ومؤكدا على ضرورة تشكيل تحالف إقليمي لمواجهة المشروع الإيراني ..
ترامب في الإعلام الإيراني:
وقد عبرت الصحف الإيرانية عن صدمتها من فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية ، وتناولت مواقفه بحذر وتشاؤم غير مسبوق، حيث عبر العديد من المسئولين والنخب السياسية والعسكرية والأكاديمية عن عدم تفاؤلهم بالمرحلة المقبلة التي قد تدفع إيران إلى التعديل في سياساتها وسلوكها الخارجي الإقليمي والدولي ، لاسيّما بعد التهديد الذي عبر عنه ترامب حول السلوك الإيراني العدواني ، الأمر الذي دفع بالرئيس روحاني ، ووزير خارجيته ، لتحذير ترامب من مغبة عدم الالتزام الأميركي بالاتفاق النووي واعتباره اتفاقا تم إبرامه بضمانة دولية ، مُذكّرة ترامب بوقوف حلفاء أميركا الأوروبين إلى جانب هذا الاتفاق .
الخشية الإيرانية من ترامب
هناك عدّة أسباب تفسّر الخشية الإيرانية ، الرسمية والإعلامية ، من وصول ترامب إلى سدّة الحكم، أبرزها التالي:
أولاً: لا شك بأن وصول ترامب اليمني – حسب الرؤية الإيرانية – يأتي في ظل مناخ أمريكي ودولي يميل إلى اليمين المتشدد ، الأمر الذي يعني تعزيز اليميني المتطرّف على حساب اليسار المعتدل في أوروبا، الأمر الذي سيؤدي بالتأكيد إلى بروز أصوات مطالبة بالتشدد تجاه طهران ، ، ما يعني انهيار جبهة الاعتدال المهادنة لإيران بشكل كامل.
ثانياً: لا تخفي بعض التحليلات الإيرانية خشيتها من التقارب الأمريكي الروسي الذي سيكون على حساب العلاقات بين موسكو وطهران ، و تلميح إيران إلى ضرورة بناء استراتيجيات جديدة لبناء تحالفات بديلة مع الاتحاد الأوروبي، مستغلين تصريحات ترامب النارية ضد أوروبا.
ثالثاً: تحاول طهران اللعب بورقة انسحاب بريطانياً ” اليمينية المحافظة ” من الاتحاد الأوروبي، ومحاولة الترويج لفكرة مفادها من أن خروجها من الاتحاد يعني انسحابها نحو أمريكا و الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة ترامب ، وأن من شأن ذلك أن يكون على حساب الحلفاء ؛ حيث تروج طهران إلى حاجة الاتحاد الأوروبي إلى حليف إقليمي قوي كإيران في ظل تقارب تركي مفترض مع أميركا ، وهذا ما ظهر من خلال خطاب ترمب الذي أشاد بالدور التركي.
رابعاً: لا تقتصر الخشية على إيران من سياسة ترامب على العلاقات الثنائيّة حسب ، بل برزت من موقف الأخير من القضايا الساخنة كالحرب على الإرهاب ، واعتباره لها دولة إرهابية ، إلى جانب عدم الوضوح إزاء الأزمة السورية والعراقية والموضوع اللبناني ” حزب الله ” ، واعتبار كل ذلك يشكل تهديدا للسياسة الإيرانية ولأمن إيران القومي.
خامسا:يدرك الإيرانيين تماماً التصاق الجمهوريين بالحروب،وبسياسة المجابهة الانتقائية ، وأن سياساتهم هي المسئولة عن إشعال فتيل الأزمات، والذي خدم إيران ، وسهل لها بناء مجال حيوي غير مسبوق من حيث القدرات ، و ليتحول المشهد الإقليمي في الشرق الأوسط بصورة دراماتيكية نحو مسرحية تهديد الأمن القومي الأمريكي، ما تلبث أن تندلع الحروب ؛ لتكون طهران من أول المستفيدين .