محمد فاروق الإمام – مركز أمية للبحوث و الدراسات الاستراتيجية
اتفاقية أوسلو وحرب الإبادة التي شنها حافظ الأسد على الفلسطينيين
اتفاقية أوسلو هي اتفاقية استسلام وارتهان البندقية الفلسطينية للعدو الصهيوني واستجابة لإملاءات وشروط الكيان الصهيوني المدعومة من القطب الأوحد أمريكا وبمباركة عربية ودولية.
وقد جاء الحديث عن هذه الاتفاقية بعد سنين من المفاوضات السرية في أروقة بلدان أوروبية، والتي وجدت فيها منظمة التحرير الفلسطينية تحقيقاً لانتصار وهمي تُخيل لها بأن الدولة العبرية ستفي بوعودها وتلتزم بما توقع عليه من تعهدات واتفاقيات، وجاء قبول منظمة التحرير بالتوقيع على هذه الاتفاقية بعد حرب شنها عليهم حافظ الأسد في سبعينات القرن الماضي، وقد نكل بالفلسطينيين وساق الآلاف منهم إلى معتقلاته وسجونه، وفتح أبواب المخيمات لبعض التنظيمات الإرهابية العنصرية التي دخلت هذه المخيمات وارتكبت أبشع المجازر وأفظعها، وختم هذه الحرب القذرة والعدوانية بطرد الفصائل الفلسطينية من آخر معاقلهم في مواجهة العدو الصهيوني في جنوب لبنان.
لم يكن أتفاق أوسلو بين منظمة التحرير والكيان الصهيوني مجرد اتفاق مرحلي، بل كان نهاية لمرحلة وبداية لمرحلة جديدة من الكفاح الوطني الفلسطيني، مرحلة شهدت العديد من التطورات على الساحة السياسية الفلسطينية والصهيونية، فالاتفاق الذي لم يدم طويلاً، إلا أنه يعتبر أهم حدث سياسي فلسطيني خلال العقدين الماضين، نظرًا لتداعيات والتطورات التي ترتبت عليه.
إرهاصات أتفاق أوسلو
تشكل وضع دولي جديد في بداية فترة التسعينيات إثر انهيار موازين القوى عقب سقوط الاتحاد السوفيتي، وحدوث انقسام في الموقف العربي بعد أزمة احتلال العراق للكويت وتأييد منظمة التحرير الفلسطينية للموقف العراقي، وما نتج عنها من ضعف للتضامن العربي، وفرض حصار مالي وسياسي على منظمة التحرير بسبب مواقفها من الأزمة، حيث انعكست كل المتغيرات الدولية والإقليمية على القضية الفلسطينية وعلى منظمة التحرير وجعلتها تسير في ركب التسوية.
في أعقاب عاصفة الصحراء نظمت الولايات المتحدة مؤتمرا للسلام في مدريد
أتاحت سنة 1991م، فرصة جديدة للولايات المتحدة الأمريكية لمتابعة خطتها المتعلقة ببدء عملية سلام اعتقدت أنها ستكون ناجحة في الشرق الأوسط، وفي هذا الشأن جاء في تقرير لمعهد واشنطن للدراسات الاستراتيجية، في أعقاب عاصفة الصحراء تمكنت الولايات المتحدة الأمريكية حيازة نقاط قوة فريدة، منتصرة في حرب الخليج الثانية مكنتها كقوة عظمى وحيدة أن تحقق أكثر مما حققته في الماضي. لذلك استغلت الولايات المتحدة الأمريكية الفرصة الذهبية، ونظمت مؤتمراً دولياً للسلام في مدريد عام 1991، وفي هذا المؤتمر تحدثت الدولة العبرية فيه مع جيرانها العرب لأول مرة، وقد حضر الفلسطينيون أيضاً ولكن مقابل تنازلات هائلة، وكانت رؤية الإدارة الأمريكية لعملية السلام في الشرق الأوسط مبنية على ضرورة إيجاد حلًّ ما للصراع العربي-الصهيوني، خاصةً وأن منظمة التحرير التي حملت لواء الكفاح المسلح ضد الكيان الصهيوني لعقدين ونيف من الزمن، تمّ ترويضها وإلحاقها في عربة التسوية السلمية التي انطلقت في مدريد عام 1991م.