التهديدات المتبادلة بين واشنطن وطهران هل تشعل فتيل الحرب بين الدولتين؟

محمد فاروق الإمام – مركز أمية للبحوث و الدراسات الاستراتيجية

نذر حرب جديدة في الشرق الأوسط

بينما يقف العالم على أطراف أصابعه لمعرفة ما ستؤول إليه الحرب الكلامية الدائرة بين الولايات المتحدة وإيران، فهل ستكون هذه التهديدات حلقة جديدة من حلقات مسلسل الاتهامات والتهديدات ‏المتبادلة التي عهدناها بين كلا الدولتين لعقود، أم ستأخذ الطابع الجدي وتشتعل المنطقة؟!

يبدو الحديث عن نذر حرب جديدة في الشرق الأوسط، في تصاعد مستمر، مع تبادل كل من واشنطن وطهران التهديدات والتحذيرات بعد تعرض السفارة الأميركية في بغداد لهجمات صاروخية قبل أيام، وقد اتهمت الولايات المتحدة إيران بالوقوف خلف تلك الهجمات، وهو ما تنفيه طهران.

فقد وصف وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب لبلاده بالمتهورة والخطرة، وقال إنه، أي (ترامب) سيتحمل مسؤولية أي أخطاء غير محسوبة.

وأضاف ظريف أن أي مغامرة عسكرية لترامب في المنطقة ستجر تداعيات واسعة، وتكلف الولايات المتحدة الكثير، وفق تعبيره.

كما اتهم ظريف ترامب “بتعريض مواطنيه للخطر بالخارج” في محاولة تحويل “الانتباه عن الإخفاقات الكارثية” في مواجهة وباء كورونا في الولايات المتحدة.

نائب رئيس البرلمان الإيراني يحذر واشنطن في كلام أكبر من حجم طهران

وفي هذا السياق أيضا، قال أمير حسين قاضي زاده هاشمي، النائب الأول لرئيس البرلمان الإيراني، كلاماً كبيراً يفوق حجم إيران: “إن بلاده ليست قلقة من دخول الغواصة النووية الأميركية مياه الخليج، مشيرا إلى أن القوات الإيرانية قادرة على اصطياد الغواصة النووية الأميركية “يو إس إس جورجيا” (USS Georgia) بشبكة صيد”.

وأضاف هاشمي “أنها ليست المرة الأولى، التي تحدث فيها تحركات كهذه، ولم يحدث أن كان الخليج خاليا من الوجود الأجنبي، فقد أقامت بريطانيا والولايات المتحدة قواعد في الخليج، وأينما وجدت هاتان الدولتان، فهذا يعني أن إسرائيل تسللت”.

وقال أيضا “إن هذه القواعد باسم بريطانيا والولايات المتحدة، لكنها رسميا بيد إسرائيل، مشيرا إلى أن بلاده لا تعترف بها، بل هي جزء من هوية الولايات المتحدة غرب آسيا، لذا فهذا غير جديد ولا جدي بالنسبة لإيران”.

وأكد هاشمي “أن أيدي إيران ممتلئة؛ موضحا “كما تمكنا من إسقاط الطائرة الأميركية المسيرة العام الماضي، يمكننا في أعماق الخليج بسهولة اصطياد الحيتان الأميركية بشبكة صيد، لذلك لن نقلق كثيرا بشأن ذلك”.

نائب رئيس مجلس النواب الإيراني يوجه تحذيراً مبطناً لدول الخليج

وتابع نائب رئيس البرلمان الإيراني في تحذير مبطن لدول الخليج قائلاً: “أنها سواء كانت غواصة نووية أم لا، فهذا مصدر قلق للدول العربية بالخليج، والتي تعتمد على تحلية المياه من الخليج وبحر عُمان، وفي حال وقوع انفجار نووي في تلك المنطقة، فسيؤدي ذلك إلى تلوث المياه بمواد مشعة، وسيتم تدمير محطات تحلية المياه بالدول العربية في الخليج، وستكون ظروف تلك الدول معقدة، وفق تعبيره”.

وأضاف “أي شيء يدخل هذه المنطقة سواء كان غواصة أو حاملة طائرات، سيكون في متناول أيدينا، لن يكون هدفا نضربه بالتأكيد، لكننا سنأخذه، وسيصبح ملكا لنا”.

وانعكست التهديدات المتبادلة بين طهران وواشنطن على الشارع الإيراني الذي بات يعيش في حذر وترقب، خوفاً من أن تحمل الغيوم المتلبدة بين طهران وواشنطن إلى نتائج لا تسر الإيرانيين.

واشنطن تحمل طهران مسؤولية الهجوم على السفارة الأمريكية في بغداد

وكان الرئيس الأميركي المنصرف قد قال، إنه سيحمّل “إيران المسؤولية” في حال شن هجوم يتسبب بمقتل أميركيين في العراق، مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لاغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني بضربة أميركية في بغداد.

من جانبه حذر مستشار الأمن القومي الأميركي روبرت أوبراين، إيران، من استهداف الأميركيين بالشرق الأوسط، وشدد في مقابلة مع شبكة “فوكس نيوز” (Fox News) أن إيران ستتحمل مسؤولية مقتل أي أميركي في المنطقة.

وقد تعرضت السفارة الأميركية في بغداد، الأحد الماضي، لهجمات صاروخية أطلقتها جماعات يعتقد أنها مرتبطة بإيران، بدون أن تحدث خسائر في الأرواح.

قائد فيلق القدس يتنصل من الاعتداءات على القنصلية الأمريكية

مصادر عراقية أعلنت أن قائد فيلق القدس الإيراني، اللواء إسماعيل قآني، زار العراق قبل ثلاثة أيام لإيضاح موقف بلاده من الهجوم على السفارة الأميركية.

وقالت تلك المصادر: “إن قآني أبلغ المسؤولين العراقيين أن إيران غير مسؤولة عن الهجمات على المصالح الأميركية، وأن بلاده لن تنجر لعمل عسكري تحدد واشنطن وقته ومكانه”.

الرد على اغتيال سليماني وفخر زادة قادم

محمد غروي، المحلل السياسي الإيراني، قال: “إن هناك احتمالين في موضوع التهديدات الأمريكية المتجددة في منطقة الخليج وسورية والعراق، الأول أن ترامب بعد فشله في الانتخابات الرئاسية بطريقة مدوية يريد أن يخلق مجالا متوترًا في المنطقة لشغل وسائل الإعلام بالخلل الأمني، أو بالضربة الاستباقية لإيران، لصرف الأضواء عن أزمة خسارته”.

وأضاف في تصريحات لـ “سبوتنيك”، أن “أمريكا تعرف أن الذكرى السنوية الأولى لاغتيال قاسم سليماني اقتربت، والرد الإيراني الحتمي على اغتيال العالم النووي فخر زادة يجعل أمام الإيرانيين فرصة الفراغ السياسي في أمريكا للاستفادة بها”.

وتابع: “أمريكا ترى أن إيران يمكنها الاستفادة بهذا الأمر وتوجيه ضربات عسكرية للقواعد الأمريكية في العراق أو سورية، لذلك بدأ ترامب التهديدات وشن حرب نفسية بإرسال طائرات وغواصات أمريكية وإسرائيلية”.

واستطرد: “أمريكا لو كانت تريد توجيه ضربة لإيران لما أعلنت عن وصول غواصاتها إلى الخليج، لكن ما يريده ترامب توجيه رسائل لإيران بأن لا تذهب بعيدًا في الرد على اغتيال العالم النووي أو سليماني”.

وأكد أن “التحذيرات الإيرانية شديدة اللهجة برد قوي في حال أقدمت أمريكا على أي ضربة عسكرية، تشير إلى أن الطرفين لا يريدان الحرب”.

إغلاق طريق العودة إلى الاتفاق النووي

من جانبه قال المحلل السياسي الإيراني الدكتور عماد ابشناس، إن “ترامب يريد إعلان حالة الطوارئ العرفية في الولايات المتحدة وهو يحتاج إلى حرب أو ظروف خاصة لإعلان هذا”.

وأضاف في تصريحات لـ “سبوتنيك”، أن “السعودية وإسرائيل تريدان من ترامب وضع كل العقبات الممكنة أمام بايدن للعودة إلى الاتفاق النووي وحل الخلافات مع إيران”.

وتابع: “وفي هذا السياق أفضل خطوة هي إشعال فتيل الحرب قبل رحيل ترامب أو توجيه ضربة لإيران تضطر للرد وقتل أمريكيين”.

المصدر

*الجزيرة نت-25/12/2020

*الخليج-8/5/2020  

*سبوتنيك عربي-27/12/2020

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي مجموعة التفكير الاستراتيجي

قيم الموضوع
(0 أصوات)
Go to top