قوات إيرانية ووحدات عسكرية من حزب الله اللبناني تتمركز في اليمن وتتولى مهمة زرع الألغام المغناطيسية وإطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة ، باتجاه السعودية و مياه الخليج العربي.

د.نبيل العتوم                                   

رئيس وحدة الدراسات الإيرانية               

مركز أمية للبحوث و الدراسات الإستراتيجية  

      الهجوم على ناقلات النفط…. إستراتيجية  إيرانية تريد إيران التوسل بها ضمن سياق دبلوماسية حافة الهاوية ، طبعاً طهران متورطة ، والبصمات واضحة للعيان ،  ربما أن تكون هذه  هي الرغبة الإيرانية في إظهارها للعيان دون مواربه ، و لا ترغب طهران في إزالتها. إن الهجمات المتزامنة التي استهدفت ناقلات النفط، يوم الخميس  الماضي 13 يونيو (حزيران)، ناقلة  كبيرة  في مياه بحر عُمان، فضلا عن الهجوم الصاروخي بصواريخ توم هوك المجنحة   بتخطيط وتمويل وتزويد إيراني ، نفذته الحركة الحوثية  على مطار أبها في المملكة العربية السعودية، سبقه  هجوم نوعي بالطائرات المسيرة على  مخازن أرامكو  بالقرب  من الرياض ، الغريب العجيب أنه  سيكون من السهل  لأي جهاز استخباراتي مبتدىء توجیه أصابع الاتهام لطهران في شن هذه الهجمات، والإعداد لها. وعلى الرغم من إعلان  حكومة روحاني عدم مسئولية إيران عن هذه الهجمات، ومن المؤكد أنه ليس لديه معلومات  عما يجري ، وما تخطط له الدولة الصلبة في إيران والتي يقودها المرشد والحرس الثوري ومؤسسات الدولة الاستخباراتية ، و الجناح المتطرف الموجود  في أعلى  هرم السلطة السياسية في إيران، واللذين یعتبرون أن التوسل بدبلوماسية حافة الهاوية لجهة تحسين شروط التفاوض ، وتعزيز غريزة  الانتقام من أجل رفع تكاليف الأزمة الحالية لحلفاء الولايات المتحدة هي سياسة أكثر  فعالية من اللجوء إلى التهدئة  والقبول بمفاوضات غير متكافئة مع الولایات المتحدة. وبدلاً من تحمل  كلفة الوضع الحالي والرهان على عامل الوقت والصبر الإستراتيجي حتى نوفمبر من العام 2020 والذي قد يؤدي إلى تغيير في الإدارة الأميركية .

 

      الشعب الإيراني يعاني بشكل  كبير ، ويقاسي شظف وحرقة الأسعار، وارتفاع حدة لهيبها الناجم عن الحظر المفروض على صادرات النفط، وإغلاق طرق التجارة الخارجية المدعومة من الولايات المتحدة، يبدو أن طهران مصممة على الخروج من الموقف الدفاعي وإظهار القوة أمام الخصم، إلى محاولة المواجهة بالردع  وهي خطوة یمکنها أن تغیر بسرعة الأزمة الحالية إلى خطوات انتقامية متبادلة، للوصول إلى آفاق جديدة. لقد تم توجیه تهمة المشاركة في تنسيق وتنفيذ هجمات 12 مايو (أيار)، ضد أربع ناقلات تحمل أعلام النرويج والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، بالقرب من المياه الاقتصادية  للفجيرة، وقد تم توجيه الاتهامات ضمناً إلى  طهران، والتي تم استخدام  الألغام المغناطيسية من نوع “لیمیت” التي تنتجها إيران .

      وتم التوصل إلى معلومات استخبارية  حول  كيفية تركيبها في جسم الناقلة، والتي لا يمكن توقعها إلا من قوات ذات خبرة ومدعومة بقدرات  لوجستية واستخبارية تنفیذیة لإحدى الدول، ولیس من جماعة إرهابية صغيرة،  ووفقا للأدلة الأولية، خلال الهجوم البحري الأخير على الناقلات ، فقد تم استخدام الطوربيد أيضا، والذي كان بدوره علامة على  نمو التهديدات بصورة متزايدة  وتعدده في الحرب الجديدة التي تشن علی ناقلات النفط. وبالتزامن مع هجوم 12 مايو (أيار) على أربع ناقلات نفط، تعرض أحد خطوط أنابيب النفط السعودي لهجوم من قبل الحوثي، والذي كان يحمل بدوره رسالة انتقام واضحة إلی المملكة العربية السعودية، حيث  لم يتم نسيان نصيب المملكة العربية السعودية من خلال  الهجوم على مطار أبها، بالرغم من اختلافه  عن الهجمات السابقة واللاحقة ، طبقا للأدلة الأولية، تم استخدام صواريخ كروز المجنحة – كما ذكرنا سابقاً – في الهجوم؛ وهو السلا ُح الذي لم تنشر، حتى الآن، تقاریر واضحة عن أن الحركة الحوثية  قد حصلوا عليه  ، ومن الممكن أن هناك وحدات صاروخية ايرانية أو تتبع لحزب الله اللبناني هي من تطلق تلك الصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة من الأراضي اليمنية ، لأن استخدام هذه الأسلحة وتوجيهها بحاجة إلى قدرات عسكرية وفنية عالية وخبرات في هذا المجال وهو ما لا يتوفر لدى حركة أنصار الله الحوثي لغاية اللحظة.

      هذه الاعتداءات تزامنت مع زيارة رئيس وزراء اليابان إلى طهران، و بعد ساعات قليلة  قامت طهران بتنفيذ الهجوم ، حيث تشير الدلائل الأولية للهجمات البحرية والصاروخية في المنطقة، يوم الخميس، إلى أن الزيارة التي استغرقت يوما واحد لرئيس الوزراء الياباني إلى إيران لم تكن نتائجها أكثر  من زيارة هایکو ماس، وزير الخارجية الألماني  الفاشلة لطهران. وعلى الرغم من تفضيل حكومة روحاني  تجنب تصعيد الأزمة الحالية في العلاقات الخارجیة للبلد، فإن علي خامنئي والمتشددین في هرم السلطة الإيرانية ، تبنوا  إستراتيجية حافة الهاوية  المتدرجة ، بغض النظر عن التکالیف المحتملة، بما في ذلك المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة، وهي سياسة ستنتج “خطأ في الحسابات”، ويمكن أن تؤدي إلى مواجهة عسكرية شاملة في منطقة الخليج .

 

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي مجموعة التفكير الاستراتيجي

قيم الموضوع
(0 أصوات)
Go to top