محمد فاروق الإمام – مركز أمية للبحوث والدراسات الاستراتيجية
نهاية عقد على قيام الثورة السورية
دأبت وسائل الإعلام ووكالات الأنباء ووسائل التواصل الاجتماعي على تناقل الأخبار والتنبؤات أو التحليلات حول الملف السوري أخيراً وبشكل مكثف، في أجواء إنهاء نهاية عقد على قيام الثورة السورية، والتي تعبر الجماهير السورية عن حيويتها وألقها وديموميتها من خلال المظاهرات الشعبية العارمة التي تجتاح المدن السورية، تعبيراً عن إصرار السوريين على إنهاء فلول النظام الأسدي المجرم والقضاء على أركانه وأعوانه من قتلة ومجرمين وشبيحة ومرتزقة، فقد عقد في الدوحة العاصمة القطرية قبل أيام قليلة لقاء ثلاثياً بين وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ونظيريه الروسي سيرغي لافروف والتركي مولود جاويش أوغلو، لبحث عدة ملفات إقليمية ودولية، كان على رأسها الأزمة السورية، إضافة إلى ملفات أخرى. وكان وزير الخارجية القطري قد عقد لقاء مع لافروف وجاويش أوغلو، كل على حدة.
وقال وزير خارجية قطر في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيريه: "إن الأطراف الثلاثة بحثت تطورات الملف السوري وإمكانية السماح بوصول المساعدات الإنسانية لسورية".
وأكد الوزير القطري على وحدة الأراضي السورية وعدم وجود حل عسكري للأزمة، مشددا على دعم مفاوضات اللجنة الدستورية السورية والعودة الآمنة والطوعية للاجئين.
وأضاف أنه كانت هناك نقاشات حول تسوية سياسية للملف السوري، وسيستمر التشاور بين الدول المهتمة بالشأن السوري حتى التوصل إلى حل الأزمة بشكل نهائي.
وحول عودة سورية إلى جامعة الدول العربية، كشف الشيخ محمد بن عبد الرحمن، أن موقف قطر هو أن الأسباب التي أدت إلى تعليق عضوية دمشق لازالت قائمة، وقال: “نتمنى حدوث تقدم سياسي في سورية لأنه السبيل الأسلم لعودتها إلى الجامعة العربية”. واستطرد أن الدوحة مستمرة في دعم الشعب السوري والوصول لتسوية سياسية تعيد العلاقات لطبيعتها.
مشاورات جديدة بشأن سورية
من جانبه، قال وزير الخارجية التركي إنهم بدأوا عملية تشاورية جديدة في الشأن السوري مع وزيري خارجية قطر وروسيا تهدف للوصول إلى حل سياسي دائم في سورية.
وأكد جاويش أوغلو أنه لا يمكن إنهاء الصراع في سورية إلا من خلال إيجاد حل سياسي، لذا يجب الضغط على النظام السوري لكسر الجمود في الوضع الراهن.
وأشار إلى مواصلة التعاون مع قطر لتخفيف الأزمة الإنسانية في سورية والوصول إلى حل سياسي.
كما أكد على ضرورة زيادة الجهود لمضاعفة المساعدات الإنسانية لسورية، لا سيما لمواجهة جائحة كورونا.
من جهته، قال الوزير الروسي إن هذا أول لقاء على المستوى الوزاري بين الدول الثلاث بشأن سورية، مؤكدا مشاركة بلاده في الجهود الدولية لتأمين عودة اللاجئين الطوعية والآمنة إلى سورية.
وأكد الاجتماع على وحدة الأراضي السورية، ومعالجة الأوضاع الإنسانية المأساوية للشعب السوري.
وأوضح أن هذه المحادثات الثلاثية تعد منصة جديدة على المستوى الإقليمي للمساعدة في حل قضايا المنطقة، وأضاف أنها ستعقد لقاءات دورية، وسيعقد الاجتماع المقبل في تركيا ثم روسيا.
موقف أمريكا وأوروبا والأمم المتحدة من الملف السوري
وفي المقابل، قدّم السيناتور الأميركي والعضو الجمهوري في لجنة العلاقات الخارجية جيم ريش والعضو الديموقراطي البارز ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بوب مينينديز، وتسعة من زملائهم في لجنة العلاقات الخارجية في "الشيوخ"، مشروع قرار من الحزبَيْن يواصل دعم "الثورة السورية" ويتوعّد بمحاسبة الرئيس السوري بشار الأسد ونظامه وداعميه الإيرانيين والروس في الذكرى العاشرة للثورة السورية.
ويُدين النصّ الفظائع التي يرتكبها نظام الأسد ضدّ مواطنيه، ويؤكد مجدّداً التزام الولايات المتحدة بمحاسبة النظام وداعميه على جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية المرتكبة هناك.
وفي الغضون، انضمّت المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشليه إلى الدعوة لإنشاء آلية دولية مستقلّة لتسليط الضوء على محنة المفقودين خلال النزاع في سورية. وشدّدت رئيسة تشيلي السابقة، التي كانت تتحدّث في الذكرى العاشرة للنزاع، على الطابع الملح لمشكلة المفقودين "التي كانت مقلقة بالفعل قبل العام 2011" وبدء الحرب في سورية.
إلى ذلك، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى بذل مزيد من الجهود من أجل "إتاحة الوصول للمساعدات الإنسانية" في سورية، مطالباً مجلس الأمن الدولي بـ"تحقيق توافق في الآراء في شأن هذه المسألة الحاسمة".
صوت المعارضة السورية لم يكن بعيداً عما كان يدور في الدوحة
لم يكن النقاش الذي دار بين وزراء خارجية الدوحة وأنقرة وموسكو حول القضية السورية بعيداً عن صوت يعبر عن مطالب المعارضة السورية، والذي تمثل بلقاء جمع رئيس وزراء سورية السابق المنشق رياض حجاب بوزير خارجية أنقرة في الدوحة، ومن ثم اللقاء الذي أجرته قناة الجزيرة مع رياض حجاب، والذي عبر في هذا اللقاء عن آمال وآلام الشارع السوري الثائر بكل صراحة ووضوح، مؤكداً على أن هناك تحولاً كبيراً بسبب تفكك الدائرة الضيقة حول مجرم الحرب بشار الأسد.
لا تعويم لنظام مجرم الحرب بشار الأسد
وأضاف حجاب في حديثه مع قناة الجزيرة: "لا يمكن تعويم النظام السوري لا دوليًا ولا إقليميًا، وبشار الأسد لن يكون رجل المرحلة المقبلة"، مشيرا إلى أن بشار الأسد يقترب من المحاسبة ولا يمكن إعادة انتاجه، معتبرا أن الأمور تتسارع وهذا العام يحمل انفراجاً للسوريين.
وقال حجاب إن الإدارة الأمريكية الجديدة تعمل على مقاربة جديدة للتعامل مع الملف السوري.
وأشار حجاب إلى أن المجتمع الدولي وإدارة أوباما السابقة خذلت الشعب السوري، مشيداً بالمسار الثلاثي الذي بدأ اليوم في الدوحة دعما للمسار الأممي، متمنياً أن “تعود مجموعة أصدقاء سورية للتشكل، وأن تعود القضية السورية إلى الواجهة بعد أن تراجعت عن أولويات المجتمع الدولي بعد انفجار أزمات جديدة في دول أخرى مثل ليبيا واليمن وشرق المتوسط وغيرها”.
الفوضى والفلتان الأمني هو المسيطر في مناطق نفوذ النظام
وأضاف حجاب الذي شغل قبل سنوات، منصب رئيس “هيئة التفاوض العليا”، التي مثّلت المعارضة السورية في مسار جنيف، إن “المشهد العام في كل مناطق النفوذ، هو فوضى عارمة، وفلتان أمني، في ظل وضع اقتصادي متدهور، وللأسف المواطن السوري هو الذي يدفع الثمن الأكبر”.
وتابع حجاب أن “المشهد مزعج جداً، هناك تنافس روسي – إيراني وتنافس بين الميليشيات التي تتنافس على المنافع. نفس الأمر في مناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية هناك اغتيالات وفوضى. وكذلك في مناطق سيطرة المعارضة التي ما زالت تشهد تفجيرات مستمرة، والتنسيق بين الفصائل الكثيرة المسيطرة ضعيف والوضع غير مستقر في كل سورية”.
لا تزال سياسة النظام المجرم "الأسد أو نحرق البلد"
وحمّل نظام الأسد مسؤولية كل ما آلت إليه الأوضاع، معتبراً أن “سياسة النظام في تطبيق شعار الأسد أو نحرق البلد، هي من أوصلت السوريين إلى هذا الوضع المأساوي والبلد إلى حافة الانهيار”.
وأكد حجاب أن انتخابات الرئاسة التي يتجه نظام الأسد لإقامتها لا شرعية لها، متسائلاً: ”ما هو البرنامج الانتخابي لبشار الأسد، هل مزيد من الفقر والجوع؟ ماذا سيقدم بشار الأسد للسوريين؟ مستطرداً إن الأسد “يريد من الانتخابات، أن يعزز موقفه التفاوضي، ويُفشل المحاولات الأممية لحصول أي اصلاح دستوري حقيقي، وأن يقطع أي محاولة دولية من أجل الحديث عن مصيره”.
ترهل المعارضة السورية يدعو إلى إعادة هيكلتها
وعن أداء مؤسسات المعارضة السورية قال حجاب “هناك ترهل عام في المعارضة السورية ويجب إعادة هيكلتها مجدداً”، مشيراً إلى أنها عجزت عن “تشكيل بديلٍ مناسب عن النظام”، وهو شكل قلقاً إضافياً للمجتمع الدولي حول تغيير النظام حسب قوله.
لكنه رغم ذلك اعتبر أن من “جلد الذات الزائد تحميل المعارضة كل أسباب الفشل”، محملاً المسؤولية للمجتمع الدولي و”المسؤولية بالدرجة الأولى على الأمم المتحدة، وخاصة ديسمتورا الذي اشتغل على التماهي مع الموقف الروسي، وذهب للعمل في مساري آستانة وسوتشي وهو ما أضعف المبادرة الأممية، وادى لمزيد من تعنت النظام وروسيا”.
التغيير قادم وحقيقي
وقال حجاب الذي شغل قبل سنوات، منصب رئيس “هيئة التفاوض العليا”، التي مثّلت المعارضة السورية في مسار جنيف، إن “الشعب السوري خُذل من المجتمع الدولي”.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي مجموعة التفكير الاستراتيجي
قراءة 1591 مرات
آخر تعديل على الأربعاء, 17 آذار/مارس 2021 15:38