بعد هذا التأخير المتوالي في النصّ المعروف باسم “خلاصة برنامج المجلس الأوروبي فيما يتعلق بإيران”، فقد تم في نهاية المطاف إقرار هذا البرنامج ونشره، وهذا البرنامج الأوربي يتضمن مجموعة من المواقف والقرارات السياسية التي تعبر عن طبيعة عمل السياسة في الإتحاد الأوروبي، حيث يشتمل هذا البرنامج المتعلق بالشأن الإيراني على اثنتي عشرة فقرة، ففي الفقرات الأربعة الأولى يلتزم الإتحاد الأوروبي بما التزم به تجاه ما يتعلق بتنفيذ الاتفاق النووي، ودعم الإتحاد له لكون وسيلة تحول دون التوسع في انتشار الأسلحة النووية، كما أنه يتحدث عن التزام إيران بما جاء فيه، ويثمّن ما لحق به من بروتوكولات.
ففي الفقرات الأربعة الأولى عبّر الإتحاد الأوروبي عن بالغ أسفه لعودة العقوبات الاقتصادية الأمريكية على إيران، كما أنه أشار إلى طبيعة الإجراءات الأوروبية والمساعي التي تبذلها أوروبا لإطلاق إجراءات مالية خاصة تدفع باتجاه إيجاد صفقات اقتصادية وتجارية مع إيران. وابتداء من الفقرة الخامسة فما بعد، فإنه يعبر عن مدى القلق الأوروبي وانتقاده لإيران، ويتمثل هذا القلق الأوروبي بسبب الدور الذي تلعبه إيران في خلق التوترات في المنطقة، حيث يتمثل دورها في الدعم المالي والعسكري والسياسي للتنظيمات المختلفة في سوريا ولبنان، كما طالب الإتحاد الأوروبي إيران بالمساعدة على وضع حدّ للصراع الدائر في اليمن. أما في الفقرة التاسعة فقد تطرّق في هذه الفقرة إلى أبرز التحديات والهواجس الأوروبية حول إيران في هذه الأيام.
عبّر الإتحاد الأوربي كذلك عن بالغ قلقه نتيجة استمرار طهران في أنشطتها الصاروخية، ففي البيان الذي صدر عن هذا الإتحاد، وصف فيه التجارب الصاروخية الإيرانية -الصواريخ البالستية الإيرانية- على أنها سبب في عدم استقرار المنطقة، وعدم إيجاد الثقة فيها، وطالب طهران بالتوقف عن إنتاج هذه الصواريخ وإطلاقها. وجاء في البيان الذي صدر عن الإتحاد الأوروبي الذي حذر من سعي طهران لزيادة مدى هذه الصواريخ ، متهماً إيران بالاستمرار في زيادة عدد التجارب الصاروخية التي تقوم بها، و تطرق إلى التعبير عن مدى القلق الأوروبي نتيجة الأنشطة العدائية التي تقوم بها إيران على الأراضي الأوروبية، واستعرض العقوبات التي فرضها الإتحاد على شخصيتين إيرانيتين، ومؤسسة إيرانية أمنية أخرى، كما طالب الحكومة الإيرانية أن تضع حدا لهذه المسلكيات الغير مقبولة بأسرع وقت ممكن، ولم يغفل البرنامج الأوروبي مسألة حقوق الإنسان في إيران ومواصلتها تنفيذ الإعدامات، فقد أكّد البرنامج الأوروبي هذا على أن للحوار مع إيران نهاية، كما أكّد على موضوع التوازن الشامل. بالرغم من أن هذا البيان الأوروبي لم يشر إلى موضوع التحذيرات الموجه لإيران، والمتعلقة بممارسة الضغط عليها، أو فرض عقوبات جديدة، إلا أن هذه الانتقادات والقلق الأوروبي يشبه إلى حد كبير ما تمّ الحديث عنه في واشنطن في هذه الأيام.
بموازاة ذلك ردت وزارة الخارجية الإيرانية الأنشطة الصاروخي الإيراني على الإعلان الأوروبي واصفة البرنامج الصاروخي بأنه دفاعي، ولن يكن موضع بحث أو نقاش مع باقي الدول.
وفي غضون ذلك اعتبر “محمود واعظي”، مدير مكتب الرئيس الإيراني “حسن روحاني”، أنّ أي التزام يفرض على إيران خارج حدود الاتفاق النووي، هو أمر مرفوض.
ويعتقد الكثير من نخب التيار المتشدد في مجلس الشورى الإيراني، أن الإتحاد الأوروبي وبعد هذه الحزمة الإجرائية قد وضع أمام إيران شرطين حيث لا يمكن لإيران القبول بهما على الإطلاق؛
أما الشرط الأول: فيتضمن انضمام إيران إلى قوانين مجموعة العمل المالية الخاصة في إيران والمعروفة باسم (FATF)،
اما الشرط الثاني: فيتعلق بحل أزمة البرنامج الصاروخي الباليستي الإيراني. من جانبه قال وزير الخارجية الإيرانية “محمد جواد ظريف”: إن انضمام إيران لهذه المجموعة المالية الخاصة ليست من الشروط الأوروبية، كون أن هذه المجموعة المالية تعمل على إقرار مشروع القنوات التجارية مع إيران.
في الحقيقة أصبح موضوع البرنامج الصاروخي الإيراني موضوعا مهما وقد تحول الآن إلى مصدر قلق رئيسي ليس لأمريكا فحسب، وإنما لبعض الدول الأوروبية ومن ضمنها فرنسا وألمانيا التي بدأت تشاطر الولايات المتحدة رؤيتها، وباتت إيران الآن ومع التوسع هذا في برنامجها الصاروخي، والتي استخدمت فيها نوعاً من التكنولوجيا التي من شأنها جعل هذه الصواريخ تحمل رؤوسا نووية، فضلا عما تمارسه من أنشطة تخريبية في المنطقة والتي وسعت الآن من دائرة التوترات مع معارضيها، سيّما الولايات المتحدة الأمريكية و دول الإتحاد الأوروبي.