أ محمد خليل - المركز السوري سيرز -;21.12.2021
تحتاج نهضة أي مجتمع وتطويره إلى جمعيات وتنظيمات اجتماعية على شكل تجمعات يكون لها دور مؤثر وفاعل في المجتمع على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهذا ما يطلق عليه مفهوم المجتمع المدني الذي هو عبارة عن مؤسسات غير حكومية تعمل كل واحدة منها في سياق معين، وتختلف درجة فاعلية هذه المؤسسات بين دولة وأخرى بحسب شكل نظام الحكم في كل دولة، أي لا تكون مؤسسات المجتمع المدني فاعلة في الأنظمة الاستبدادية كفاعليتها في الأنظمة الديمقراطية، أو يمكن أن يكون دورها معدوم في الأنظمة الاستبدادية، في هذه الورقة سوف نتحدث عن بعض مؤسسات المجتمع المدني في سوريا ما قبل الثورة وكيف كانت تابعة ومسيطر عليها من قبل نظام الأسد الاستبدادي، وعن دورها بعد اندلاع الثورة في تعزيز التعاون والمشاركة بين أفراد المجتمع السوري، أيضاً تسليط الضوء على أبرز الصعوبات التي تواجهها مؤسسات المجتمع المدني في وقتنا الراهن في المناطق المحررة، وهل كان لزوال حاجز الخوف الذي كان يخيم على حياة السوريين دور في تفعيل هذه المؤسسات وزيادة تأثيرها لتعزيز المشاركة الاجتماعية والسياسية للأفراد والحث على العمل الجماعي، وتحفيز الشباب لتطوير مجتمعهم بعد ما عاناه من ويلات النظام الاستبدادي من قصف وتهجير، لكن قبل ذلك سنتطرق لتعريف المجتمع المدني وتحديد مؤسساته وأهم أهدافه والعناصر المكونة له.
عند تعريف المجتمع المدني يجب تمييزه عن الدولة كونه منظومة من الأطر الاجتماعية الطوعية التي تتوسط بين الدولة من ناحية والمكونات الأساسية للمجتمع من ناحية أخرى مثل: (الأفراد والأسرة)، ويمكن أن نعرف المجتمع المدني على أنه: مجموعة التنظيمات التطوعية الحرة التي تكون كوسيط بين الأسرة والدولة، أي بين مؤسسات القرابة ومؤسسات الدولة، هذه التنظيمات تنشأ لتحقيق مصالح أفرادها ولتقديم خدمات للمواطنين أو لممارسة أنشطة انسانية متنوعة، وتلتزم في وجودها ونشاطها بقيم ومعايير الاحترام والتراضي والتسامح والمشاركة والإدارة السليمة للتنوع والاختلاف.
سنعتمد هذا التعريف في ورقتنا البحثية لنحدد من خلاله مؤسسات المجتمع المدني أهمها: النقابات والاتحادات والفرق التطوعية والنوادي الثقافية وهذه المؤسسات التي ستكون محور دراستنا في هذه الورقة.