تقول دولة ولي الفقيه أن العد التنازلي لسقوط حلب قد بدأ ، وسيستمر حتى إغلاق ملف حلب بالكامل ، وأن ذلك سيتم من خلال الزخم الناري الروسي الذي سوف يحسم التوازن الميداني الذي حاول الأتراك والسعوديون فرضه في الشمال السوري، حيث كان الهدف منه -حسب الزعم الإيراني – إطالة أمد الحرب والاستنزاف في سوريا، لكسر شوكة النظام وحلفائه عبر «بوابة » حلب.
علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى الإيراني أتحفنا بأن طهران رفضت عرضاً أميركياً لاستخدام الأجواء الإيرانية ، لكنها سمحت لصديقها الروسي بذلك على اعتبار أن هذا الترخيص لا يتعارض مع الدستور الإيراني ، سيما وأنه لا يمنح حقاً لروسيا بإنشاء قواعد عسكرية دائمة في إيران ، ونسي السيد لاريجاني أن دولة ولي الفقيه قد منحت طائرات الشيطان الأكبر أجواءها لاحتلال العراق في العام 2003م .
و ما كان للمهلة التي تعهدت بها إيران لحسم معركة حلب أن تطول ، لو لم يعط المرشد الضوء الأخضر لاجتماع مجلس الأمن القومي الإيراني ، للموافقة بشكل عاجل على الطلب الروسي ، في ظل تسريبات إعلامية إيرانية تقول: أن إيران هي التي اقترحت على الروس استخدام قاعدة همدان لتسريع الحسم ووقف نزيف خسائرها مع حليفها حزب الله اللبناني .
و تتفاخر إيران الآن أنها ساعدت الروس على بناء إستراتيجية قتالية جديدة ، لإقفال الطوق مجددا على المجموعات المسلحة في حلب من خلال السماح للقاذفات الروسية ذات القدرة النارية الهائلة لتصب جام حممها على شعب سوريا الأعزل ؛
و خاصة بعد فشل جيش النظام السوري وحلفاؤه في تحقيق سرعة الحسم المطلوبة في عمليات حلب، فسارعت إيران لتقديم اقتراحها للروس من خلال الاستفادة من قصر المسافة وعامل الوقت ، وطبيعة مطار همدان العسكري الذي يمتاز بمدارجه الطويلة ؛ كل ذلك بهدف الترتيب لعملية جوية روسية وإيرانية مشتركة، بعد السماح لموسكو بنشر القاذفات الإستراتيجية «تي ٢٢» في قاعدة همدان العسكرية ، التي سيتم الاستفادة منها بهدف إرسال قوات خاصة روسية محمولة جواً ، في الجزء الثاني من العمليات ، لدعم عمليات جيش النظام ومرتزقته .
ويبدو أن روسيا معنية بالاستفادة من قاعدة همدان الجوية لشحن أعداد كبيرة من المرتزقة ، الذين لا ينتمون إلى ملاك الجيش الروسي مباشرة للقتال في سوريا، حيث ستلعب دورا متزايدا في ذبح الشعب السوري .
و تعتقد دوائر صنع القرار العسكري ان القرار الروسي بنشر قاذفات الـ «تو٢٢» الإستراتيجية في قاعدة همدان، سيحقق نتائج قريبة في حلب، وسيكون لهذه العملية تداعيات كبيرة على الإقليم على خلاف «عاصفة السوخوي» في شباط من هذا العام التي فشلت في تحقيق هذا الهدف .
و تحاول طهران أن تظهر أن هناك قراراً عسكرياً قد تم مع الروس باستعادة حلب عن طريق توفير إستراتيجية إيرانية – روسية قصيرة الأمد خشية من فخ الاستنزاف ، من خلال خطة الانتشار الاستراتيجي الروسي القاضية بنشر القاذفات الإستراتيجية في همدان ، وما سيتبع ذلك من كثافة نيرانية غير مسبوقة ، وعمليات للتوسع في العمليات البرية والقوات الخاصة ، ، لحسم المعركة في سوريا سريعاً ، مما سيمنح مصداقية اكبر للتحالف مع روسيا، وإحداث توازن أكبر لمواجهة النفوذ الأميركي، والاهم إحباط المحاولة السعودية والتركية لملء الفراغ في المنطقة، فضلا عن تحطيم المشروع التركي- السعودي – القطري في سوريا، بالذهاب إلى انهائه في حلب.
لاشك بأن طهران كانت ولازالت تسعى كي تتحول حلب، إلى عنوان للمواجهة الإيرانية مع دول الإقليم ،وبالمقابل فإن الروس يريدون من خلال هذا الملف
تحسين شروط التفاوض مع الإدارة الأميركية المقبلة ، مستفيدة من ضعف الإدارة الحالية، وتراجعها خلال ما تبقى لها من أشهر قليلة في البيت الأبيض، لرفع سقف العمليات العسكرية في سوريا مع ضمان نأي الأميركيين بأنفسهم عن الانخراط بشكل أكبر في الأزمة السورية في الوقت الراهن ؛ وكلما ابتعد الاتفاق مع الأميركيين في ما تبقى من وقت لإدارة أوباما ، شحت الحلول أمام الروس، سيما وان الإدارة الأميركية المقبلة ستكون مختلفة تماماً ، ومن المفيد تفادي حالة الصراع المستقبلية معها ، واستباق وصولها بتحقيق المزيد من الانتصارات على الشعب السوري من خلال هزيمة المجموعات المسلحة معتدلة أم غير معتدلة ؛ وتحطيم التحالفات المناوئة لها في المنطقة ، ولو كلف ذلك سحق الشعب السوري وإبادته عن بكرة أبيه. وعندئذ لأقرت أعين الشامتين.