تعتبر الحكومة الالمانية بمقدمة حكومات دول الاتحاد الاوروبي التي رحبت باتفاقية وقف اطلاق النار في عموم سورية من خلال اتفاق تم بين أنقرة وموسكو يوم أمس الخميس 29 كانون اول / ديسمبر وتم تنفيذها ابتداء من ليلة هذا اليوم الجمعة 30 الشهر الجاري اذ أعربت الناطقة باسم الحكومة الالمانية زابينه ديمر عن ترحيبها بالاتفاقية التي ستؤدي إلى التخفيف عن الشعب السوري و إلى تشجيع ممثليه على العودة الى المفاوضات السلمية ، بينما أعرب ناطق السياسة الخارجية لدى كتلة المسيحيين يورجين هاردت عن تشاؤمه من استثناء جبهة فتح الشام / النصرة سابقا / من الاتفاقية اضافة الى تنظيم ما يُطلق عليه بـ / الدولة الاسلامية – داعش / التي تعتبر منظمة إرهابية يجب مكافحتها بشتى السبل المتاحة حسب التصريح . إلا أن رئيس معهد العلوم والسياسة فولكر بيرتيلس ، وهو خبير بمنطقة الشرق الاوسط و قد عاش ودرس العربية في دمشق ، وقد رأى خلال مقابلة مع المحطة الثانية من التلفزيون الألماني مساء يوم أمس الخميس 29 الشهر الحالي رأى أن الاتفاق التركي الروسي هام فالمحاصرون من الشعب السوري بحاجة ماسة الى المساعدات الانسانية.
ويرى خبراء الشرق الاوسط ان جميع الفصائل التي تقاتل النظام السوري وميليشيات بشار اسد وحتى روسيا إضافة الى الشعب السوري بحاجة ماسة الى وقف اطلاق النار وهناك رغبة كبيرة بصمود وقف اطلاق النار واذا ما استطاعت موسكو الضغط على اسد فانه سيذعن بالتقيد بهذه الاتفاقية الامر الذي يتيح الفرص للعودة الى مباحثات سياسية من جديد لانهاء الحرب في سوريا سلميا .
لقد تم التوصل الى اتفاقيات كثيرة لوقف اطلاق النار في سوريا ، فمنذ بداية عام 2016 الحالي وصل عدد الاتفاقيات الى اكثر من عشرة اتفاقيات كان أهمها اتفاقية مدينة ميونيخ التي شارك فيها اكثر من خمسين وزيرا وذلك يوم الجمعة من 12 شباط / فبراير على هامش مؤتمر ميونيخ الثاني والخمسين الدولي للامن والسياسة الاستراتيجية ، فقد اعتبر وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير الاتفاقية بمثابة بداية النهاية لمأساة الشعب السوري الا ان الاتفاقية لم تصمد سوى ساعات قليلة .
صحيح ان روسيا لها تأثير سياسي وعسكري على بشار اسد الا ان ايران تملك تأثيرا أكبر عليه فهي ترى ببسط تأثيرها الديني والسياسي على سوريا نجاح تحقيق اطماعها بمنطقة الخليج العربي فاذا ما نعرضت طهران لنكسة سياسية في سوريا فاطماعها ستبوء بالفشل وهي ترى بالاتفاقية ضربة موجعة لها فلذلك ستعمل على إفشالها من خلال إمداد ميليشياتها مثل ما يُطلق عليه ب/ حزب الله / اللبناني والميلشيات الشيعية الاخرى من العراق وافغانستان والباكتسان اضافة الى ما يُطلق عليه بحرس الثورة وغيرهم عدم التقيد بهذه الاتفاقية ، كما ان ادعاءات سقوط حلب بيد مرتزقة بشار اسد تعتبر بالنسبة للمدافعين عن الشعب السوري مأساة فهدفهم الرئيسي استعادتها فتجاربهم مع اتفاقيات وقف اطلاق النار أثبتت ان الاتفاقيات ساهمت بإمداد طاغية سوريا قوة اكثر للمضي بالبطش وإبادة الشعب الشعب السوري وهدم مدنه وتشريده .
تصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاويش اوغلو التي أشار فيها إلى الموافقة المبدئية ببقاء بشار أسد إلى عام 2021 بمنصبه دون أن يكون له أي دور هو الذي لن يلغي قبولا من أحد فالمملكة العربية السعودية كانت قد أكدت انه لا مستقبل للأسد في سوريا ولن تقبل به كممثل شرعي للشعب السوري واكثر دول العالم يقف مع السعودية وقطر في ذلك فالجرائم التي يرتكبها اسد ومرتزقته و قد جعل من سوريا تحت احتلال ايراني وروسي فمن الصعب قبوله من جديد سيما من شعبه الذي ينكر عليه ذلك. .
وقد كانت تصريحات اوغلو بمثابة تتمة لتصريحات الرئيس التركي رجب الطيب اردغان الذي اشار في وقت سابق انه ابدى موافقته على بقاء أسد الى عام 2021 بمنصب الرئاسة السورية شريطة عدم وجود اي دور سياسي له في بلاده ومغادرة منصبه طوعا خلال حلول ذلك العام ، و في الوقت نفسه يرى مراقبون آخرون أن الاتراك قد ضاقوا ذرعا من السوريين وان تركيا تريد من خلال موافقتها على بقاء بشار أسد العودة الى الانزواء عن الصراع في سوريا والشرق الاوسط برمته . و لعلها تريد أن تنأى بأمنها القومي عن الصراع في المنطقة.
وتعتبر هذه النظرية ضرب خيال بالرغم من وجود تكهنات بذلك ، فحكومة العدالة والتنمية وفي مقدمتها الرئيس التركي رجب الطيب اردوغان استطاعا ابراز تركيا لقوتها السياسية والدينية ، فوقوفها الى جانب الشعب السوري والفلسطيني وغيرهما كسب شعبية كبيرة لدى مسلمي العالم و عند قطاعات عريضة من الشعب التركي الذي يعتبر نفسه ليس بعيدا عن الصراع بعامة و أن المشكلة لن تتوقف عند الحدود السورية بحال من الأحوال .