دخلت روسيا المستنقع السوري إلى جانب نظام الأسد بشكلٍ مباشر وعلني من خلال قيامها بإرسال طائراتها وجنودها إلى سورية للمشاركة إلى جانب النظام في محاولة القضاء على انتفاضة الشعب السوري التي اندلعت منذ خمس سنوات، ظناً منها أنّ باستطاعتها ذلك من خلال استخدام فائض القوة العسكرية، وإجبار المعارضة السورية بشقيها السياسي والعسكري للقبول بهذا النظام المجرم، وتعويمه من جديد.
إلا أنّه، مع بدء جولة المفاوضات الأخيرة في جنيف بين النظام السوري والمعارضة السورية، جاء القرار المفاجئ –إعلامياً- بسحب القوات الروسية من سورية، أو ربما الجزء الأكبر منها. هذا القرار الذي شكل مفاجأة حقيقية للكثير من الدول ظاهرياً، وللنظام ذاته بشكلٍ خاص، وهو ما لم يكن يتوقعه أكثر المراقبين اهتماماً بالوضع السوري.
ولكن لماذا جاء قرار الرئيس الروسي بوتين بسحب قواته من سورية بهذا الشكل المفاجئ؟ وما هي تداعيات هذا الانسحاب على الداخل السوري من جهة؟ وعلى الصعيدين الإقليمي والدولي من جهةٍ أخرى؟
قراءة تحليلية لأسباب الانسحاب:
لا بدّ أن يكون لقرار سحب القوات الروسية من سورية الكثير من الأسباب الكامنة وراء هذا القرار، خاصّةً أنّ طموحات روسيا عند دخولها سورية كانت كبيرة جداً، من خلال تحقيق نصر عسكري كبير وسريع خلال فترة زمنية وجيزة، وبالتالي انعكاسات النصر العسكري على الصعيد السياسي، من خلال تحقيق أهدافها في المحافظة على هذا النظام أكبر فترة زمنية ممكنة، أو ربما إبقائه بشكلٍ دائم.
ولمعرفة دوافع وأسباب هذا الانسحاب لا بدّ من دراسة ذلك على الأصعدة كافة، السياسية والعسكرية والأمنية وحتى الاقتصادية منها.
*على الصعيد السياسي:
الاستنكار الكبير الذي لقيه هذا التدخل الروسي من الكثير من دول العالم، عربياً وإقليمياً ودولياً، واستمرار الضغوط السياسية على روسيا من أجل أن توقف حملتها على فصائل