يعتقد البعض بان رئيس نظام سوريا بشار اسد هو الذي استدعى إيران لحمايته، والعلاقات بين دمشق النصيرية وطهران الرافضة اصبحت أكثر قوة منذ استيلاء بشار اسد على السلطة في سوريا إثر هلاك والده حافظ أسد عام 2000.
الا ان العلاقات بين سوريا وايران قديمة تعود الى زمن شاه ايران، فمع استيلاء حافظ اسد على السلطة في سوريا ازدادت العلاقات مع الشاه قوة، فزعيم الشيعة في لبنان /الايراني اللبناني/ موسى الصدر هو صاحب تقوية العلاقات بين حافظ أسد وشاه ايران ثم كان صادق قطب زاده وابراهيم يزدي وصادق طباطبائي وراء قوة العلاقات السورية الايرانية مع عودة الخميني الى ايران، فالأسرة النصيرية التي تحكم سوريا تجد نفسها انها اقلية دينية غير مرغوب بها كما تجد ايران نفسها اقلية وسط الأكثرية الساحقة لمسلمي اهل السنة والجماعة بمنطقة الشرق الاوسط والعالم الاسلامي فلا بد للأقلية ان تدعم الاقلية.
ويرى خبراء منطقة الشرق الاوسط الذين لهم علم ودراية لا باس بها بالمنطقة المذكورة والعالم الاسلامي ان اسباب دعم إيران لبشار اسد وارسال فرقها العسكرية لحمايته والقضاء على الثورة السورية، من اجل فرض سيطرتها السياسية وهيمنتها الدينية على المنطقة بأسرها.
ومن خلال دراسة الفكر السياسي للثورة الخمينية التي وضعها كل من ابراهيم يزدي وصاحب كتاب الثورة البائسة موسى الحسيني وايضا خبراء جمعية /مينا/ للشرق الاوسط، وهي جمعية يشرف على رئاستها رئيس لجان شئون السياسة الخارجية بالبرلمان الالماني سابقا روبريخت بولنتس اضافة الى دراسة وضعها المعهد الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية، ان إيران غير قادرة على نشر المذهب الشيعي وهيمنتها السياسية على منطقة الشرق الاوسط إذا لم تثبت قدميها في سوريا.
صحيح ان ثلث سكان العراق هم من الشيعة واكثرهم موالون لإيران الا ان سوريا تختلف عن العراق، فالغالبية العظمى من مسلمي الشعب السوري ينتمي الى اهل السنة والجماعة.
إيران لها مشروعها وطموحها وأطماعها، ولا أحد يستطيع القول بغير ذلك، ووجودها في سوريا كفيل لها بتثبيت وجودها بالعراق ولبنان وتستطيع من خلال وجودها في سوريا بسط سيطرتها على الاردن لتمتد الى المملكة العربية السعودية، أي ان إيران تريد بسط سيطرتها على منطقة الخليج العربي عبر سوريا واليمن.
من الاسباب الرئيسية التي تكمن بحماية إيران لبشار اسد ووجودها العسكري المكثف في سوريا، تؤكد تقارير المخابرات الدولية التي تراقب الساحة في سوريا وجود ما بين 1500 و 3 الاف ضابط وجندي ايراني يحاربون في سوريا اضافة ميليشيات شيعية اكبرها ميليشيا ما يُطلق عليه بـ /حزب الله اللبناني/ وميليشيات عراقية ومرتزقة من افغانستان وغيرها، بأن ايران ترى بأحقيتها استلام الزعامة الاسلامية تحت اسم الخلافة.
ففي كتابه /ولاية الفقيه/ يؤكد قائد الثورة الايرانية الخميني ان على الشيعة استلام منصب الخلافة، فأهل السنة والجماعة استلموا الخلافة الاسلامية لأكثر من ألف واربعمائة عام ذاق الشيعة منهم الظلم والحرمان وعلى الشيعة قيادة العالم الاسلامي وتشييع اهل السنة والجماعة بالترغيب والترهيب.
ويرى أحمد جنتي وهو رئيس مجلس خبراء القيادة الايرانية ورئيس مجمع صيانة الدستور الايراني ان هيمنة بلاده السياسية على سوريا كفيل لها بفرض هيمنتها على بقية منطقة الشرق الاوسط وعلى إيران محاصرة تركيا من ثلاث جهات، اضافة الى حدودها الطبيعية مع تركيا يجب ان يكون لإيران حدودا جديدة مباشرة مع تركيا عبر العراق وسوريا حتى لا يكون لأهل السنة والجماعة قائمة.
خبراء منطقة الشرق الاوسط يؤكدون ان الوجود الايراني في سوريا هو ليس فقط لمحاربة السعودية بل من اجل تحقيق إيران لأطماعها بفرض مذهب التشيع وقيادة العالم الاسلامي تحت اسم الخلافة.
فإيران الشيعية لها مواقف متناقضة مع ثورات مسلمي اهل السنة والجماعة فطهران قامت بدعم الافغان الشيعة اثناء الاحتلال السوفييتي لأفغانستان، ومناطق الشيعة مثل مزار شريف كانت آمنة تماما في ظل الاحتلال السوفييتي لم يتعرض سكانها من الشيعة لأي أذى بعكس سكان المدينة المذكورة من اهل السنة والجماعة كما ان من شروط إيران لمسلمي البوسنة والهرسك لقاء مساعدتهم بالحرب ضد صربيا بناء مساجد تشرف عليها إيران، تلك التي يُطلق عليه حسينيات، ولما رفض البوسنيون ذلك اتجهت طهران لتأييد صربيا على الكوسوفو والبوسنة.
ويعزو استاذ دراسات منطقة الشرق الاوسط في جامعة هومبولدت البرلينية راينهارد باومجارتين التدخل الايراني في سوريا الى وصول طهران مثل موسكو الى المياه الدافئة وان يكون لها منفذا مباشرا على البحر الابيض المتوسط، فإيران بالرغم من وقوعها على حوض بحر قزوين الا انه بحر داخلي، لا يوجد به الخيرات التي يتمتع بها البحر الابيض المتوسط كما ان الخليج العربي الذي تشارك إيران بضفاف فيه لا يعتبر مرضيا للسياسة التوسعية لإيران. عدا عن ذلك فعرب الاحواز يتحينون الفرص لإنهاء الوجود الايراني ببلادهم، مشيرا ان حال إيران في سوريا مثل حال الصليبيين اثناء تواجدهم بمنطقة الشرق الاوسط فلو استطاع الصليبيون احكام قبضتهم على سوريا ولا سيما العاصمة دمشق لبقوا الى وقتنا هذا وإيران تعتقد ان وجودها في سوريا مرهون ببقاء ما يُطلق عليه بـ /الثورة الخمينية/ على قيد الحياة.
المركز الاوروبي للدراسات الاستراتيجية ومقره برلين ولندن، يرى بالوجود الايراني والروسي ايضا في سوريا تتمة تنفيذ اتفاقيات سايكس بيكو التي قامت عام 1915 واعيد صياغتها مرات عديدة قبل ان تنفذ عام 1918 وهي تقسيم منطقة الشرق الاوسط الى دويلات متعددة طائفية وعرقية فدويلة للأكراد بين سوريا والعراق وتركيا ودويلات مذهبية لطوائف علوية واسماعيلية وغيرها على ان يصبح اهل السنة والجماعة اقلية من السهل القضاء عليها.
هذه الخطط أصبح الحديث عنها مجددا بالآونة الاخيرة ولا سيما منذ التدخل الروسي والايراني في سوريا، الا انها ايضا كانت موضع نقاش البيت الابيض زمن الرئيس السابق جورج بوش الابن عقب حوادث 11 ايلول سبتمبر من عام 2001، اذ هدد بوش بحملة حروب صليبية للقضاء على الارهاب الاسلامي، الا ان مستشاريه كان لهم راي آخر وهو تفتيت منطقة الشرق الاوسط برمته ولا يكون ذلك الا بمعونة تامة من إيران والكيان الصهيوني.
فقد طرح برنارد لويس على بوش فكرة إذكاء الصراعات المذهبية والعرقية في المنطقة العربية لإعادة تقسيم الدول إلى دويلات يسهل السيطرة عليها من خلال استغلال إيران للنزاعات بين حكوماتها اذ لا يمكن إذكاء النزاع والصراع بالمنطقة الا بدعم من إيران وبدعم لإيران بتذكيتها يمكن ان ينتهي بالتقسيم ودعم إيران لنيل طموحاتها بالمنطقة من خلال استغلال طهران عوامل تقسيم المنطقة، اضافة الى خلق نزاعات عسكرية بين الايرانيين والاتراك والاكراد والعرب والفلسطينيين وبين دول الخليج العربي.
ومن مقترحات لويس تفكيك الوحدة الدستورية لجميع الدول العربية والإسلامية، وتفتيت كل منها إلى مجموعة من الكانتونات والدويلات العرقية والدينية والمذهبية والطائفية، وأوضح ذلك بالخرائط التي اوضح فيها التجمعات العرقية والمذهبية والدينية والتي على اساسها يتم التقسيم، وسلم المشروع إلى بريجنسكي مستشار الأمن القومي في عهد جيمي كارتر والذي قام بدوره بإشعال حرب الخليج الثانية حتى تستطيع الولايات المتحدة تصحيح حدود سايكس بيكو ليكون متسقا مع المصالح الصهيوأمريكية.
وظهر الدعم الامريكي لطموحات إيران بشكل جلي وواضح مع الاتفاق النووي الذي تم في وقت سابق من عام 2013 والتوقيع عليه في وقت سابق من عام 2014 هذا الاتفاق الذي تم بموجبه السماح لإيران الامتداد بمنطقة الشرق الاوسط برمته ووقوع المنطقة تحت الاحتلال الايراني وتحقيق امنيه إيران بقيام ما يُطلق عليه بـالهلال الشيعي.