المعادون للإسلام خطر على الديموقراطية في أوروبا..... د. هيثم عياش

برلين - لا يكاد يمر يوم في المانيا وبعض الدول الاوروبية دون ان يقع فيه اعتداءات على المسلمين ومساجدهم، صحيح ان الاعتداءات على المساجد تراجعت بعض الشيء في المانيا خلال فترة ما بين كانون ثان / يناير ونهاي حزيران / يونيو من عام 2016 الحالي الى 2،7  بالمائة عن الفترة نفسها من عام 2015 الماضي  اذ وصلت الاعتداءات الى حوالي  واحد وستون اعتداءً الا ان نسبة الدعايات المناهضة للإسلام والمسلمين والاعتداء الجسدي ارتفع بشكل ملحوظ، فعلى حسب تأكيد الحكومة الالمانية لأعضاء لجان شؤون السياسة الامنية والثقافية بالبرلمان الالماني ، فقد وصل عدد الدعايات والمهرجانات الخطابية الى حوالي  الفين وثمانمائة وسبع وستون دعاية ومهرجان خطابيا بينما وصل عدد الاعتداءات الجسدية الى حوالي مائة وواحد وعشرون اعتداءً .

هذه النتيجة كانت ضمن دراسة علمية  قام بها خبراء حول تنامي ظاهرة العداء للإسلام الذي يُطلق عليهم بـ "أسلامفوبي" والذي يعني المعادين للإسلام شملت خمس وعشرون دولة في اوروبا بتكليف من جامعة هومبولدت البرلينية والمعهد الالماني لحقوق الانسان ومعهد الدراسات الاستراتيجية الاوروبي الذي يتخذ من لندن وبرلين مقرا له الى جانب مجلس الشورى الاوروبي في شتراسبوج بدعم من البرلمان الالماني والاوروبي وبتكليف ودعم من رئاسة مجموعة التفكير الاستراتيجي التركي "ثينك تانك سيتا برهان الدين دوران"  تم عرضها يوم الاحد 28 آب أوجسطس 2016 بمعهد برلين – براندينبورج العلمي أقدم صرح علمي بالعاصمة الألمانية، وحيث كان كاتب هذا التقرير  من بين اللجنة العلمية.

تشمل ظاهرة المعاداة للإسلام الى جانب الاعتداءات على المساجد والدعايات المناهضة والاعتداء الجسدي، ايضا ظاهرة العنصرية والتمييز الديني ففي بعض مناطق الشرق الالماني اضافة الى هنغاريا والتشيك وبولندا وفي فرنسا وبريطانيا وغيرها لا تستطيع امرأة مسلمة ترتدي الزي الاسلامي بالمشي وحدها بالشوارع فنزع حجابها اصبحت ظاهرة عادية.

وتحمل الاحزاب المعادية للإسلام في المانيا مثل الحزب البديل لألمانيا وأحزاب الحرية ورينانيا الشمالية والحزب النازي الالماني، وفي فرنسا الحزب القومي وهولندا الحزب الجمهوري اضافة احزاب تكمن حاليا بولندا والتشيك راية المعاداة للإسلام والمسلمين، وقد بدأت حملة الدعايات الانتخابية بولاية العاصمة برلين التي ستجري يوم 18 أيلول سبتمبر، بحملة الاحزاب المعادية هذه وفي مقدمتها الحزب البديل لألمانيا والنازي بشعاراتهم المناهضة للإسلام، وتدعم جميع هذه الاحزاب ما يُطلق عليه بـ "الجبهة القومية الاوروبية لحماية الغرب من الإسلام" هذه الجبهة التي تقوم كل يوم اثنين بتنظيم مهرجانا خطابيا مناهضا للمسلمين تطالب بتنظيف اوروبا من المسلمين ، حتى أن ماركوس زودر سكرتير عام الحزب المسيحي الاجتماعي الذي يشارك المسيحيين والديموقراطيين في حكم المانيا حاليا أعلن يوم أمس السبت 27 شهر آب الحالي  اعادة اكثر من مائة الف لاجئ سوري وعراقي وافغاني وغيرهم من المسلمين الى بلادهم لوجود صعوبات كثيرة بدمجهم بالمجتمع الالماني اضافة الى تمسكهم بأهداب تعاليم الدين الاسلامي وحرص النساء منهم على ارتداء الزي الاسلامي وأداء بعضهم الصلاة بالأماكن العامة.

وأكدت دراسة اللجنة العلمية ان ظاهرة المعاداة للإسلام لا تقتصر على الطبقة العادية بالمجتمع الاوروبي بل تشمل الطبقة الوسطى والطبقة العليا من المجتمع بل ان الطبقتين الوسطى والعادية متأثرتان بالطبقة العليا أي طبقة الاثرياء وخريجي وأساتذة الجامعات والمعاهد العليا وفي مقدمتهم اولئك الذين يزعمون خبرتهم بالإسلام والمسلمين ولا سيما تركيا وبلدان الشرق الاوسط. وتشير الدراسة ان آثار الحروب الصليبية وقيام دولة الخلافة الاسلامية العثمانية وقبلها فتوحات المسلمين وخاصة على عهد الدولة الاموية التي تعتبر دولة فتوحات لها تأثيرها القوي على بروز شعبية وقوة الاحزاب القومية المعادية للاسلام، فمؤسس البروتسانت مارتين لوثر (1483- 1546) كان يرى ببروز قوة العثمانيين وقبلهم فتوحات الامويين بأوروبا عقابا إلهيا يتطلب من الاوروبيين النصارى العودة الى دينهم وحمايتهم قارتهم العجوز. هذه الافكار متغلغلة بالمجتمع الالماني والاوروبي الى حد قيام حرب صليبية حقيقية كان الرئيس الامريكي السابق جورج بوش الابن قد دعا اليها عقب حوادث 11 ايلول  سبتمبر من عام 2001، وتصريحات مرشح الجمهوريين للرئاسة الامريكية دونالد ترامب بمنع المسلمين دخول الولايات المتحدة الامريكية تحظى بتأييد كبير من الاحزاب القومية الاوروبية، فالحزب القومي البولندي الذي يحكم بولندا حاليا ومعه الحزب الشعبي الهنعاري والقومي التشيكي يؤكدون عدم رغبتهم بكثرة المسلمين في بلادهم بالرغم من وجود اقليات مسلمة ببولندا وهنغاريا منذ اكثر من خمسمائة عام .

واعتبرت هذه اللجنة العلمية التي شارك بها ايضا كل من استاذ العلوم السياسية في الجامعة الالمانية التركية بإستانبول انس بيرقلي واستاذ علوم السياسية والاجتماعية في جامعة سالتسبورج فريد حافظ وبرئاسة استاذ علوم التاريخ والسياسة الاوروبية والاجتماعية في جامعة هومبولدت البرلينية اولريخ فينكلر الاحزاب المعادية للإسلام خطر يحدق على الديموقراطية والحرية في اوروبا وهم الاسس الرئيسية لانهيار الاتحاد الاوروبي ومحرضين على حرب ضروس تقع بين الاسلام والمسيحية تأكل الاخضر واليابس. وطالب فينكلر الحكومة الالمانية والاوروبيين عدم اعطاء المجال للأحزاب القومية المعادية للإسلام اي نصيب من النجاح بأهدافهم، معتبرا أن اخطاء الاوروبيين بسياستهم التي ينتهجونها على الصعيدين الداخلي والخارجي وخاصة موقفهم المتخاذل لنصرة الشعب السوري وعدم اكتراثهم بمطالب تركيا الغاء تأشيرة دخول الاتراك دول الاتحاد الاوروبي ومماطلتهم دخول تركيا عضوية الاتحاد الاوروبي الى جانب صمتهم عن الدعايات المناهضة للدين الاسلامي وراء ارتفاع قوة هذه الأحزاب.

ورأت هذه اللجنة ضرورة ربط الحكومات الاوروبية المنظمات الاسلامية في اوروبا معها لمواجهة المعادين للإسلام علميا وسياسيا واجتماعيا والمعادين للإسلام لا علاقة لهم بما يطلق عليه بمنتقدي الاسلام فأولئك يستندون بانتقاداتهم للتعاليم الاسلامية الى الكتب والمراجعات التي استندوا اليها من كتب المستشرقين الاوائل والخلاف الفقهي بين علماء المسلمين اضافة الى تاريخ اوروبا الملي بالافتراءات على الإسلام.

والضرورة ملحة لحوار منطقي علمي لدحض افتراءات منتقدي الاسلام وجذبهم لجبهة موحدة تواجه جبهة المعادين للإسلام في اوروبا.

هـ/ع

 رابط المقال في موقع المركز

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي مجموعة التفكير الاستراتيجي

قيم الموضوع
(0 أصوات)
Go to top